ويقود ائتلاف نوري المالكي، المعروف باسم "دولة القانون"، إلى جانب كتل أخرى، أبرزها كتلتا "بدر" و"الفضيلة"، حراكاً داخل البرلمان منذ الأربعاء الماضي، بينما تنفذ المليشيات حملة تحشيد واسعة في مناطق نفوذها، وعلى وسائل إعلام ممولة من إيران، للدفع باتجاه القانون الجديد الذي لم يكشف عن بنوده سوى العنوان الذي حمل اسم "السعودية دولة راعية ومصدرة للإرهاب".
وعلى الرغم من رفض كتل برلمانية عراقية، أبرزها "تحالف القوى" و"التحالف الكردستاني" والكتل المسيحية والآشورية والتيار المدني، للمشروع مسبقاً، والنأي عن التوقيع على طلب إدراجه ضمن جدول أعمال البرلمان للأسبوع المقبل، إلا أن كتل الجناح اليميني، أو كتل الموالاة لإيران، مستمرة في جمع التواقيع، وقد نجحت حتى الآن في جمع تواقيع 30 برلمانياً، وفقاً لمصادر برلمانية خاصة تحدثت لـ"العربي الجديد".
ويمكن لرئيس البرلمان، سليم الجبوري، وفقاً للدستور العراقي، رفضُ إدراج القانون في جدول أعمال الجلسة، وبالتالي قراءته في حال لم يحصل رعاته على ثلث تواقيع أعضاء البرلمان، بواقع 100 عضو، إلا أن المليشيات مستمرة في ضغوطها على كتل وشخصيات مستقلة وصلت إلى حد ابتزاز الأعضاء، بحسب ما توصل إليه "العربي الجديد" عبر أعضاء في البرلمان العراقي.
وأظهرت صورٌ مسربة من مبنى البرلمان، الخميس، عملية جمع تلك التواقيع، يقودها مستشارون ومقربون من نوري المالكي.
وقال مصدر برلماني مطّلع، لـ"العربي الجديد"، إنّ "كتلاً في التحالف مستمرّة في جمع تواقيع النواب، وممارسة ضغوط مختلفة على الرافضين، خصوصاً وأنّ هذه الجهات تقف وراءها مليشيات "الحشد الشعبي"، والتي تؤيّد وتدعم القانون، وستعمل على إجبار النواب الرافضين على التوقيع، لأنّها تريد أكبر عدد ممكن من التوقيعات"، مشيراً إلى أنّ "الكتل ستقدّم الطلب إلى رئاسة البرلمان خلال الجلسات القريبة المقبلة".
وأكد المصدر أن بعض الكتل هددت بـ"فتح ملف إيران ودورها في العراق في حال جرى الإصرار على تقديم القانون".
من جهته، حذّر النائب عن "التحالف الكردستاني"، عرفات كرم، من "خطورة توجه العراق نحو التخندق الطائفي في المنطقة، وما سيؤثّره ذلك على علاقاته مع محيطه".
وقال كرم، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، إنّ "التخندق الطائفي في المنطقة للأسف يُجرّ العراق إليه بقوة، والسياسات العراقية ليست سياسة تمثّل كل مكونات الشعب، بل هي سياسة جهة واحدة تسيطر على القرار السياسي"، محذراً من "خطورة ذلك، ومن نتائجه السلبية على مستقبل البلاد وعلاقاته".
كما حذّر الخبير السياسي عبد الله الكبيسي من مغبّة هذا التوجّه، والذي سيؤدّي، من جديد، إلى "عزل العراق عن محيطه العربي".
وقال الكبيسي، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، إنّ "مليشيات الحشد وقادتها (قادة التحالف الوطني) يتحكمون اليوم بمصير العراق، ويحددون مستقبله، ويرسمون ملامح هذا المستقبل لوحدهم فقط، وفقاً لما تمليه عليهم إيران"، مبيناً أنّ "هذا التوجه غير مسبوق في المنطقة، وأنّه سيؤدي إلى عزل العراق عن محيطه العربي، خصوصاً وأنّ المملكة العربية السعودية دولة لها ثقلها ووزنها العربي".
وأشار إلى أنّه، "في حال تمّ ذلك، فإنّ المملكة ستشرع قانونا لتجريم المليشيات العراقية، واعتبارها جزءاً من الإرهاب في المنطقة، الأمر الذي سيعقد العلاقات بين البلدين، وقد يدفع باتجاه إنهاء التمثيل الدبلوماسي بينهما"، داعياً الحكومة والبرلمان إلى "التعامل بحكمة مع مثل هذه القضايا الخطيرة، خصوصاً وأنّ العراق اليوم بحاجة ماسة لدعم أي دولة وهو يواجه حرباً ضروساً مع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، ويمرّ بأزمة اقتصادية وأمنية، ما يحتم عليه أن ينهج سياسات متعقلة ويترك التخندق الطائفي".
يشار إلى أنّ قادة "التحالف الوطني" الحاكم في العراق يتهمون المملكة العربية السعودية، بشكل مستمر، بـ"دعم ورعاية الإرهاب وتنظيم (داعش)".