ويحضر "الائتلاف السوري المعارض"، أبرز مكوّنات المعارضة، في مؤتمر الرياض، بـ38 شخصية من أصل 100 تقريباً من مجمل المعارضة المدعوّة، وتبقى إشكالية المكوّن الكردي حاضرة في المؤتمر، وسط تحفّظ "الائتلاف" على رئيس حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي (الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني)، صالح مسلم وعدم قبول حضوره في المؤتمر، باعتبار أنّ عناصر حزبه ارتكبت مجازر وتطهيراً عرقياً، وأنّه يسعى إلى تنفيذ مشروع غير وطني، بحسب ما يفيد مصدر في المعارضة السورية لـ"العربي الجديد".
وفي السياق ذاته، أكّد رئيس "الائتلاف"، خالد خوجة، أمس الإثنين، من أربيل، أنّ "النظام الذي فرضه حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي من خلال تشكيل الإدارات الذاتية في مناطق يتواجد فيها الأكراد في سورية وأطلق عليها كانتونات، هو نظام سيئ، مبيّناً أن "المواطنين يتعرضون للتعذيب جراء ما يقوم به الاتحاد الديمقراطي في سورية. وقام المجتمع الدولي سابقاً، بنشر تقارير عدة حول تعرض المواطنين إلى ضغوط كبيرة لجهة دفعهم للانخراط في التشكيلات المسلحة". وحول مؤتمر الرياض، قال خوجة، إنّ هناك اتفاقاً مسبقاً حول المؤتمر الذي يهدف لتنظيم وتوحيد الأطراف والأحزاب السورية حول المرحلة الانتقالية.
من جانبه، يؤكد عضو "الائتلاف"، رئيسه السابق، هادي البحرة، أنّه "لا يوجد أي خلاف داخل الائتلاف، فالأخير لديه قائمة واحدة قد أُرسلت إلى الرياض، والأعضاء تمت دعوتهم إلى المؤتمر"، مشيراً إلى أن "موقف الائتلاف هو وفق الوثيقة الثلاثة عشر بنداً، وهي وثيقة المبادئ الأساسية للتسوية السياسية".
ويوضح البحرة لـ"العربي الجديد" أنّ "الائتلاف سيقدم الدعم اللازم باتجاه خطوة جدية، حتى لا يخلق المجتمع الدولي أي أعذار تفيد بأنّ المعارضة متشرذمة ولا تملك موقفاً واحداً"، لافتاً إلى أنّ "الغاية تكمن في الخروج بموقف سياسي موحّد ورؤية كاملة وخطوط عريضة للمستقبل، وهذا يمهّد للحديث خلال اجتماع نيويورك المتوقع انعقاده خلال الشهر الحالي، للقول إن المعارضة السورية باتت موحدة حول رؤية للحل السياسي، وهو ما يسهّل دور أصدقاء الشعب السوري نحو دفع حلّ سياسي جامع. دورنا البحث عن القضايا الدستورية التي تقود الشعب إلى بيئة آمنة ومحايدة، للوصول إلى مؤتمر وطني عام يحدّد المستقبل السوري".
وحول تفاؤل المعارضة بمؤتمر الرياض، يلفت البحرة إلى أنّ "الظروف الدولية معقّدة وصعبة، ولا توحي بأمل كبير، لكن واجبنا كسوريين أن نتعامل بإيجابية مع كل فرصة متاحة لإيجاد أي تسوية".
وكانت فرنسا أعلنت أخيراً على لسان وزير خارجيتها لوران فابيوس، في مقابلة صحافية، أنّ الوصول إلى "سورية موحدة يتطلب انتقالاً سياسياً. هذا لا يعني أنّ الأسد يجب أن يرحل قبل الانتقال، لكن يجب أن تكون هناك ضمانات للمستقبل"، ما يؤشر إلى تغيّر واضح في موقف باريس الداعم بقوة لرحيل الأسد. وسبق ذلك، الموقف الأميركي، حين اعتبر وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، قبل ثلاثة أيام، أنّه "من الممكن جعل النظام السوري وقوات المعارضة يتعاونان ضد متشددي داعش من دون رحيل رئيس النظام بشار الأسد"، في ما يبدو أنّه تراجع دولي في نبرة التصريحات التي طالما نادت برحيل الأسد رافضة بقاءه في أي مرحلة انتقالية.
اقرأ أيضاً: مؤتمر الرياض... هجمة حلفاء النظام السوري تعكس أهميته
وجاءت هذه المواقف مع تجديد إيران موقفها الداعم للأسد قبل مؤتمر الرياض، إذ قال كبير مستشاري المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، علي أكبر ولايتي، أمس الأحد، إنّ "الرئيس السوري خط أحمر للجمهورية الإسلامية. فهو الذي انتخبه الشعب السوري". تزامناً مع هذه التصريحات، أكّد الأسد أنّ دخول روسيا في الحرب الدائرة في بلاده "غيّر توازن القوى على الأرض".
في المقابل، يقلّل نائب رئيس "الائتلاف"، هشام مروة، من ليونة الموقف الدولي حيال مصير الأسد، قائلاً لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك مبالغة في التخوفات من نتائج المؤتمر والتحولات الدولية، نحن موقفنا كائتلاف ومعارضة واضح، والمجتمع الدولي دائماً ينظر إلى المسألة وفق رؤية مختلفة، والتصريحات لا تعني مواقف ثابتة وتحوّلات في مواقف الدول بقدر ما تعني أفكاراً تساعد في الوقت عينه على العملية السياسية".
ويوضح مروة أن "إيران رفعت سقف تصريحاتها في ما يخص الأسد، باعتباره خطاً أحمر، قبل المؤتمر، وهنا تبدو المشكلة واضحة في هذا الوقت تحديداً، بالنسبة لروسيا وإيران، باعتبار أنّ بيان فيينا يأتي بناء على بيان جنيف1، فالمسألة واضحة، لا يمكن للأسد أن يكون جزءاً من عملية انتقالية، وهذا هو التفسير الصحيح للوضع القانوني والنصوص التي جاءت في فيينا، والتفاف الروس وإيران هو هروب من استحقاقات والتزامات لا أكثر".
ويشير نائب رئيس الائتلاف إلى أنّ "دعوة الرياض تهدف للبحث عن رؤية موحدة للمعارضة السورية حول مكوّنات المرحلة الانتقالية في ضوء مصلحة الشعب السوري وبيان جنيف1، والحديث عن مرحلة جديدة وعن عملية انتقالية، ودور المعارضة فيها وكيف يتعامل السوريون في هذه المرحلة. وهناك استحقاق تفاوضي قد يحصل مطلع السنة المقبلة، لذا يجب أن نكون مستعدين بحيث يكون الجميع حاضرين في هذا اللقاء".
وحول الورقة المشتركة التي يُتوقّع الخروج بها والحديث المتكرر عن مجلس عسكري وسياسي، يوضح مروة، أنّه "لا يوجد تفرقة بين المجلس العسكري والسياسي، باعتبار أنّ واجهة البلد سياسية وسيحضر فيها سياسيون من الفصائل، وسياسيون من المنظمات السياسية، أمّا الجانب العسكري، سيكون منضبطا بالمرجعية السياسية، ونحن نعمل على وحدة الصف من خلال واجهة سياسية مدعومة بقرار عسكري موحّد خلفها".
وحول العقدة الكردية التي قد تقف عائقاً أمام الورقة الموحّدة، يعتبر مروة، أنه "إذا كانت الورقة الموحدة تتحدّث عن سورية موحّدة أرضاً وشعباً، وعملية الانتقال السياسي لا يكون الأسد فيها، فضلاً عن تشكيل وفد تفاوضي مشترك، وإذا وافق 90 في المائة من الحاضرين، فهذا يعني أن هذه الوثيقة هي المعتمدة، ولا وجود لأي عقدة بعد ذلك".
إلى ذلك، يبدو وضع المعارضة في دمشق أكثر تفاؤلاً، إذ يقول مصدر مقرب من هيئة "التنسيق الوطنية" لـ"العربي الجديد"، إن "الجو العام يتحدث عن أنّ مؤتمر الرياض هو سيّد نفسه، والهيئة متفائلة بأنّ هناك إرادة دولية لإطلاق مسار الحلّ السياسي"، مشيراً إلى "طرح خارطة الطريق التي عملت عليها الهيئة، وتوافقت خلالها مع الإدارة الذاتية وجبهة التغيير والتحرير المعارضتين".
اقرأ أيضاً مؤتمر السعودية: توحيد المعارضة السورية تحت سقف الائتلاف و"جنيف"