هل نجح مؤتمر باليرمو بشأن ليبيا أم فشل؟

طرابلس
avata
أسامة علي
صحافي ليبي. مراسل العربي الجديد في ليبيا.
14 نوفمبر 2018
29620A76-EFEA-42FF-A60A-A2EB7D1F8937
+ الخط -

انتهى مؤتمر باليرمو الإيطالي بشأن الأزمة الليبية، بنتائج لم تصغ على شكل اتفاق، بل أُعلن عنها تحت مسمى "استنتاجات"، وكأنها استنسخت إعلان باريس، ولو ضمناً، ما يشير إلى تغيّر في توجّه السياسة الإيطالية بشأن ليبيا.

وتساءل خبراء ليبيون عن شكل هذا التغيّر، وما إذا كان مدفوعاً بفشل إيطالي، أم أنّ روما على العكس، تمكّنت من الإمساك بزمام الملف الليبي وفق رؤية الأمم المتحدة الجديدة؛ المبنية على تأجيل الانتخابات، خلافاً لإعلان باريس الذي قرّر عقدها، خلال العام الجاري.

وأكد ثلاثة من قادة ليبيا المشاركين في المؤتمر؛ وهم: عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، وخالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة، وفايز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، في بيان، "استنتاجات" المؤتمر الذي غاب عن صياغته اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وشددوا على ضرورة دعم الخطة الأممية، من أجل الاستقرار والأمن في ليبيا، ووقف إطلاق النار في هذا البلد، من خلال نشر قوات نظامية، بالتوازي مع ضرورة صدور دستور دائم للبلاد كأساس للانتخابات المقبلة، وانتهاء المراحل الانتقالية فيها.

كما أكدوا ضرورة احترام نتائج الانتخابات، ومحاسبة من يحاول عرقلتها، وضرورة تحمّل الأجسام السياسية الحالية مسؤولية إنهاء المراحل الانتقالية، من خلال إنجاز دستور دائم للبلاد، وإجراء انتخابات نزيهة وعادلة في أقرب وقت ممكن.

وأكد القادة الليبيون دعم جهود البعثة الأممية الرامية إلى إحلال الاستقرار الأمني والاقتصادي، ومساعيها من أجل توحيد مؤسسات الدولة، بما فيها المؤسسة العسكرية، في إطار الاتفاق السياسي، كحلّ وحيد للأزمة الليبية.

وتعليقاً على إعلان باليرمو، رأى المحلل السياسي الليبي الجيلاني أزهيمة، أنّ إيطاليا "نجحت في الاستحواذ على قيادة الملف الليبي، فقد استفادت من أخطاء باريس، فتجنبت التورّط في الإعلان عن مدد زمنية للانتخابات والدستور".

وقال أزهيمة، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، إنّ "إعلان باليرمو جاء عاماً ومنجسماً مع التعديلات الأخيرة للمبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا غسان سلامة، على الخطة الأممية من جانب، ومن جانب آخر لم يناقض الإعلان، إعلان باريس، بل نجح في احتواء رغبات الأطراف الليبية؛ بما فيها الخصم الغامض خليفة حفتر".

وأعرب أزهيمة عن اعتقاده بأنّ "الدبلوماسية الإيطالية تعاملت بحرفية مع مساعي حفتر ومَن خلفه مثل فرنسا؛ لعرقلة محاولتها التأثير على المؤتمر"، معتبراً أنّ "الحكومة الإيطالية جمّدت الأوضاع على ما هي عليه، ما يتيح لها مجالاً واسعاً للتحرّك في كل الاتجاهات، والتقارب مع كل الأطراف بما فيها حفتر الذي يبدو أنّه عاد راضياً على الصعيد الشخصي على الأقل".

ولفت أزهيمة إلى أنّ "مؤشرات مثل موافقة حفتر على بقاء السراج في منصبه، ونجاح إيطاليا في إثنائه عن عزمه عدم المشاركة في المؤتمر، كلها تؤكد جديداً في علاقة روما بحفتر".

ورأى أنّ "الأيام المقبلة ستشهد تقارباً إيطالياً مع حفتر، بشكل كبير، ما يعني نجاحها أكثر من غيرها في أن تكون وسيطاً دولياً بين كافة الأطراف الليبية".


في المقابل، لا ترى نجاح الترهوني وهي صحافية ليبية مقيمة في روما، في مؤتمر باليرمو نجاحاً إيطالياً، معتبرة أنّ "كل ما جنته إيطاليا من المؤتمر، هو ضجيج إعلامي رافق الحدث دون نتائج ملموسة. فبيان باليرمو لا يعكس أكثر من فشل روما، ونجاح باريس في التأثير بشكل كبير على جهودها".

وقالت الترهوني التي تابعت أعمال المؤتمر، لــ"العربي الجديد"، إنّ "استنتاجات مؤتمر باليرمو جاءت بعيدة كلياً عن القضايا التي يجب أن يناقشها المشاركون؛ وهي الترتيبات الأمنية والإصلاحات الاقتصادية، كما هو معلن، مقارنة بما احتواه البيان من تأكيد الأطراف على الانتخابات والدستور، وهي قضايا لم تدخل في البنود الأساسية التي تم بحثها"، بحسب قولها.

ورأت أنّ "حفتر وحلفاءه، تمكّنوا من جعله نجم الحدث بلا منازع، وبالتالي تسويقه لدى الرأي العام بأنّه الطرف الأقوى، أو على الأقل الأهم من غيره، لدرجة أن يسافر رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي شخصياً إلى ليبيا في جنح الظلام، لإقناعه بالمشاركة في المؤتمر، ثم ليحضر الأخير لساعات، ويقاطع أغلب أعمال المؤتمر".

وتابعت الترهوني أنّ "إيطاليا انصاعت لمطالب حفتر بشكل مخجل، فيما فضّلت أطراف دولية مهمة في الملف الليبي كتركيا؛ الانسحاب من المؤتمر، واختارت وفود أخرى لا تقل أهمية، كالوفد الأميركي، التقليل من شأن المؤتمر، ولم تظهر حتى في الصورة الجماعية التي التُقطت للمشاركين".


ولفتت إلى أنّ "ممثلي الأطراف الليبية من تيار الإسلام السياسي، غُيّبوا عن المشاركة في المؤتمر، وكل هذه المؤشرات تؤشر على انبطاح إيطالي أمام حفتر"، معتبرة أنّ "إعلان باليرمو جاء في أغلبه لصالح حفتر؛ لا سيما من خلال تأكيد نشر قوات نظامية في طرابلس، ما يعني إقصاء المجاميع المسلحة المناوئة له هناك، مقابل دعم لقاءات الضباط لتوحيد المؤسسة العسكرية، التي ترعاها حليفته القاهرة".

ورأت الترهوني أنّ "مؤتمر باليرمو لم يسفر عن جديد، والأوضاع المقبلة باتت مرتهنة بالتعديل الجديد في الخطة الأممية المرتبط بخطوتين أكدهما بيان المؤتمر؛ وهما الملتقى الوطني الجامع مطلع العام المقبل، ومن ثم الانتخابات في فصل الربيع، وهي الخطة التي أعلن حفتر، خلال حضوره جانبا من المؤتمر، عن دعمه لها، إلى جانب موافقته على بقاء السراج في منصبه".

ذات صلة

الصورة
عناصر من قوات الامن الليبية في طرابلس 26 أغسطس 2024 (محمود تركية/فرانس برس)

سياسة

قُتل عبد الرحمن ميلاد المعروف بـ"البيدجا" في مدينة الزاوية الليبية، غرب طرابلس، على يد مسلحين مجهولين، وهو مطلوب دولياً وأحد قادة المجموعات المسلحة.
الصورة
مقبرة جماعية في منطقة الشويريف بطرابلس، 22 مارس 2024 (الأناضول)

مجتمع

أعلن المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، الثلاثاء، أن مكتبه يتابع تقارير عن اكتشاف مقبرة جماعية في الصحراء على الحدود الليبية التونسية.
الصورة
فقدت أدوية أساسية في درنة رغم وصول إغاثات كثيرة (كريم صاهب/ فرانس برس)

مجتمع

يؤكد سكان في مدينة درنة المنكوبة بالفيضانات عدم قدرتهم على الحصول على أدوية، خاصة تلك التي للأمراض المزمنة بعدما كانت متوفرة في الأيام الأولى للكارثة
الصورة
مهاجرون تونسيون في قارب هجرة سرية (أليساندرا بينيديتي/ Getty)

مجتمع

لم يمكث التونسي عبد الحميد البكاري (63 عاما) سوى أسبوع واحد عقب وصوله إلى إيطاليا في هجرة سرية عبر البحر المتوسط،

المساهمون