وقال المسؤولون، الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم بسبب حساسية الأمر، إن الولايات المتحدة أوقفت في أواخر العام الماضي رحلات جمع معلومات المخابرات التي استهدفت حزب "العمال" الكردستاني، الذي تصنّفه تركيا والولايات المتحدة منظمة إرهابية.
وكان الجيش الأميركي ينفذ المهام بطائرات مسيّرة غير مسلحة، قال أحد المسؤولين إنها كانت تنطلق من قاعدة "إنجرليك" الجوية التركية التي بها وجود كبير للجيش الأميركي. والقاعدة مركز رئيس أيضاً لوكالات المخابرات الأميركية التي تعمل في المنطقة.
ولم تعلّق متحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، بشكل مباشر على برنامج بعينه، لكنها أشارت إلى أن الولايات المتحدة تصنّف حزب "العمال" الكردستاني منظمة إرهابية منذ عام 1997.
وقالت رداً على سؤال عن توقف المساعدة: "دعمنا تركيا في قتال حزب "العمال" الكردستاني على مدى عقود بطرق شتى. وسياستنا تقضي بعدم الكشف عن تفاصيل تتعلق بالعمليات".
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية، إن الولايات المتحدة لا تعلق على المسائل المتعلقة بالمخابرات.
ولم يرد مسؤولون من وزارة الدفاع التركية على طلب للتعليق، لكن مسؤولاً تركياً أكد وقف البرنامج.
ويختبر وقف المساعدة الأميركية حدود القدرات العسكرية والمخابراتية لتركيا، في وقت تنتشر قواتها بالفعل على عدة جبهات في شمال سورية، وفي حين تدرس أنقرة زيادة تدخلها في ليبيا.
وقال أحد المسؤولين الأميركيين الأربعة، متحدثاً بشرط عدم نشر اسمه: "هذا يصعّب الحملة على حزب "العمال" الكردستاني، ويجعلها أكثر تكلفة على تركيا".
ويضاف ذلك إلى قائمة خلافات بين تركيا والولايات المتحدة، منها شراء أنقرة منظومة دفاع جوي روسية، وانقسامات أوسع نطاقاً بشأن الحرب الدائرة في سورية، على الرغم مما يبدو أنها علاقات قوية بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والتركي رجب طيب أردوغان.
وقال المسؤول التركي: "في السنوات الأخيرة، لم تكن تركيا تواجه صعوبات في الحصول على المعلومات التي تحتاجها عن طريق طائرات مسيّرة تنتجها بنفسها... لكن الخطوات التي اتخذت بشأن هذه القضية لا تدعم العلاقات بين البلدين".
انقسامات بشأن سورية
ويوجه الديمقراطيون وبعض الجمهوريين اللوم لترامب، المتشكك منذ فترة طويلة، بشأن التدخل العسكري الأميركي في سورية، بسبب تخليه عن مقاتلين أكراد تدعمهم الولايات المتحدة في مواجهة هجوم تركي، مغيراً بذلك السياسة الأميركية.
واستهدف الهجوم التركي وحدات حماية الشعب الكردية التي كانت الحليف الرئيس للولايات المتحدة في قتال تنظيم "داعش" الإرهابي.
وتعتبر تركيا "وحدات حماية الشعب" منظمة إرهابية، لا تختلف عن حزب "العمال" الكردستاني. لكن السياسة الأميركية تفرق منذ فترة طويلة بين الجماعتين، فالولايات المتحدة كانت تساعد تركيا في قتال "حزب العمال الكردستاني"، وفي الوقت نفسه كان الجيش الأميركي يشترك مع "وحدات حماية الشعب" في قتال "داعش".
ومنذ بدء البرنامج السري للتعاون المخابراتي والعسكري الأميركي، استثمرت أنقرة مئات الملايين من الدولارات في تطوير قدراتها الدفاعية، وخفضت اعتمادها على الطائرات المسيّرة الأميركية والإسرائيلية التي استخدمتها بشكل متكرّر منذ أواخر التسعينيات.
وبدأت شركة "بايكار" الدفاعية التركية الخاصة، المملوكة لسلجوق بيرقدار، صهر أردوغان، العمل على تطوير أول أسطول تركي من الطائرات المسيّرة في العقد الأول من الألفية.
وخلال 15 عاماً، طورت الشركة طائرات مسيّرة مسلحة وغير مسلحة، وبدأت في بيعها للجيش التركي وأوكرانيا وقطر. وبحلول يوليو/ تموز 2019، كانت 86 من تلك الطائرات قد دخلت الخدمة لدى قوات الأمن التركية، واستُخدم بعضها في ثلاث عمليات نفذتها تركيا في سورية في 2016 و2018، ثم في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقال المحلل العسكري أردا مولود أوغلو، المقيم في تركيا، إن هذا التطور عزز مرونة أنقرة وحريتها في ما يتعلق بالعمليات. وأضاف: "اعتماد تركيا على حلفائها، خصوصاً الولايات المتحدة، تراجع بدرجة كبيرة إن لم يكن قد انتهى بالكامل، في ما يتعلق بجمع معلومات المخابرات عالية القيمة والضربات الدقيقة".
(رويترز)