قرار باكستان بضم القبائل إلى أحد الأقاليم يغضب القبائل وأفغانستان

31 مايو 2018
ترفض القبائل القانون لإقراره دون التشاور معها(عبد المجيد/فرانس برس)
+ الخط -


منذ استقلال باكستان عن الهند في العام 1947 كانت الحكومة الفدرالية تدير مناطق القبائل الباكستانية، بواسطة قانون خاص يسمى "إيف سي أر". لكن القبائل تصف هذا القانون بالجائر أو الأسود، كونه يحرم القبائل الكثير من حقوقها. فبموجبه لا محكمة في مناطق القبائل ولا برلمان، وتبقى أوامر الحكومة الفدرالية سارية المفعول. وبموازاة ذلك، كان النظام القبلي بمثابة حكومة موازية، غير أنها اضمحلت بعد أن سيطرت التنظيمات المسلحة على المنطقة، ثم سيطر الجيش عليها بشكل كامل إثر القضاء على تلك التنظيمات في العام 2013.

وأخيراً، وبعد تحرك القبائل لنيل حقوقها، بدأت الحكومة الباكستانية تفكر بتغيير النظام هناك. ودعا البعض لأن تكون تلك المناطق إقليماً جديداً، أو لتكون بمثابة منطقة جلجت بلتستان أو "كشمير الحرة"، وذلك بهدف أن يكون لها حكومة مستقلة، لكن يبدو أن الجيش لم يكن راضياً عن ذلك، وحرض على ضم تلك المناطق إلى إقليم خيبربتختونخوا، وهو ما أيدته الحكومة بعد سجالات طويلة داخل البرلمان وخارجه. وعلى الرغم من معارضة بعض الأحزاب السياسية والدينية، فإن البرلمان الاتحادي أقر قانون انضمام القبائل إلى إقليم خيبربختونخوا، وهو ما وافق عليه أيضاً برلمان الإقليم في 27 مايو/أيار الحالي. لكن هذا الأمر أغضب القبائل، التي أحاط أعضاؤها بمبنى البرلمان. وترفض القبائل القانون، كونه أقر من دون التشاور معها، ومن دون أخذ رأيها بعين الاعتبار، كما تدعي. وقال شفاعت حسين أفريدي، الذي حضر من منطقة جم في مقاطعة خيبر القبلية للاحتجاج أمام مبنى البرلمان الإقليمي، "لن نقبل هذا القرار. نحن القبائل لا بد أن نقرر بشأن مستقبلنا. أما ما فعلته الحكومة، فهو لأجل خطف الأضواء والقضاء على الحركة التي بدأتها القبائل لنيل حقوقها. الآن استفاقت الحكومة كي تخدعنا على مر السنوات المقبلة". وبعد أن رفض المتظاهرون الغاضبون التوقف عن مسيرتهم باتجاه مقر برلمان الإقليم، اندلعت اشتباكات مع قوات الأمن، ما أدى إلى إصابة 20 متظاهراً، كما تدعي الشرطة، ومقتل إثنين من المحتجين كما تدعي القبائل.

ولم يغضب موقف القبائل الحكومة الباكستانية بقدر ما أغضبها موقف الحكومة الأفغانية، التي ادعت أن أي قرار بشأن القبائل لا بد من أن يناقش معها قبل صدوره، واصفة القرار بالظالم بحق القبائل وأنه أحادي الجانب. ولم تشدد الحكومة الأفغانية على رأي القبائل واستشارتهم بقدر ما شددت على ضرورة التشاور والتباحث معها بشأن أي قرار يتعلق بالقبائل والخط الفاصل بين الدولتين، بدعوى أن منطقة القبائل متنازع عليها بين باكستان وأفغانستان. يشار إلى أن الاتفاقية التي أبرمتها الحكومة الأفغانية مع الحكم البريطاني، قبل استقلال باكستان، تنص على ضرورة التشاور معها قبل صدور أي قرار يتعلق بالقبائل. وأكدت الرئاسة الأفغانية، في بيان، أن قرار باكستان أتى خلافاً لطموحات القبائل ورغباتها ومن دون التشاور معها، مشددة على أن الحكومة الأفغانية رفعت القضايا المتعلقة بمنطقة القبائل مع الجانب الباكستاني عبر القنوات الدبلوماسية مرة تلو الأخرى، منوهة بضرورة التشاور بين الدولتين حول أي قرار بشأن خط ديورند المتنازع عليه بين البلدين ومنطقة القبائل.

وسارعت وزارة الخارجية الباكستانية للتأكيد على عدم السماح للجانب الأفغاني بالتدخل في شؤون باكستان الداخلية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية محمد فيصل إن "القرار جاء وفق حاجات القبائل، ويتوافق مع رغباتها، ولا يحق لأية دولة مجاورة التدخل بهذا الشأن". وانضمت وسائل الإعلام الباكستانية إلى معركة التصريحات، إذ طالب بعضها الحكومة الأفغانية بالتركيز على الشأن الداخلي بدل التدخل بشؤون باكستان. لكن يبدو أن الحكومة الأفغانية تحاول الاستفادة مما يحصل في منطقة القبائل، وتحويل القرار إلى ورقة ضغط على إسلام آباد. كما أن شعبيتها قد تتعزز في الداخل جراء معارضتها لموقف باكستان بشأن خط ديورند ومنطقة القبائل.
كذلك قد تستفيد أطراف أخرى من موضوع الخلاف بين الحكومة الباكستانية والقبائل، وسط معارضة أحزاب دينية وسياسية، بينها الحركة القومية البشتونية بزعامة محمود خان أجكزاي، وجمعية علماء الإسلام بزعامة المولوي فضل الرحمن، وهي تعد من أكبر الجماعات الدينية، لقرار السلطات، بحجة أنه ليس علاجاً ناجعاً لما تعاني منه القبائل. كما قد تستفيد "حركة حماية البشتون" من غضب القبائل من القرار. وكانت الحركة أعلنت أنها ستطلق المرحلة الثانية من الاحتجاجات بعد عيد الفطر.