ورجّحت مصادر لبنانيّة تحدثت لـ"العربي الجديد" وصول وفد من "عصائب أهل الحق" إلى بيروت أيضا، بالتزامن مع زيارة الصدر، ووضعت الجولة الجماعية هذه في خانة الدور الذي يمارسه "حزب الله"، بالنيابة عن إيران، لحلّ المشاكل التي تضرب صفوف "التحالف الوطني" الحاكم، حيال وضع حكومة العبادي.
وكان الأمين العام لـ"حزب الله" قد أدّى الدور الرئيسي في فكّ الاعتصام المفتوح للصدر وأنصاره في المنطقة الخضراء وسط بغداد قبل حوالي أسبوعين، وذلك في ضغط كشف "العربي الجديد" عن تفاصيله في حينها. وقد مارست طهران ضغطاً غير مباشر، عبر نصر الله، على مقتدى الصدر، عبر اتصال هاتفي طويل أجراه الأول بالصدر، بهدف دفعه إلى فض الاعتصام الذي سبق أن أقامه في المدينة الخضراء ضد الحكومة الحالية للعبادي، والذي كان يُفترض أن يليه اقتحام للمدينة الخضراء في بداية الشهر الحالي.
وقد حمّل نصر الله الصدر، خلال الاتصال الهاتفي المذكور، "مسؤوليّة انكفاء الشيعة على المستوى العالمي إذا ما استمر مندفعاً بمطالبه، كونه سيتسبب بتشظي التحالف الشيعي العراقي وغرقه، وعودة السنة، ربما بمساعدة أميركية هذه المرة، للتربع على السلطة".
وعلّقت مصادر لبنانية على الزيارات العراقية الحالية إلى بيروت باعتبار أنها "تأتي في سياق تحوّل بيروت إلى عاصمة الشيعة العرب المقربين من إيران". ويُشير مصدر قريب من سياسة "حزب الله" إلى أن "بيروت باتت إحدى العواصم التي تؤدي دوراً في الملف العراقي"، مضيفاً أن "لبنان يُشكّل مكاناً للتواصل فيما يخصّ العراق".
ويرى المصدر أن "حزب الله" يقوم بدورٍ "توفيقي" بين أطراف التحالف الوطني المتخاصمين. في المقابل، اعتبرت مصادر شيعيّة معارضة لـ"حزب الله"، أن بيروت تحوّلت إلى "الحاضرة المدينية"، التي "يحج" إليها السياسيّون والقوى القريبة من إيران، وذلك لأسباب كثيرة، "لذلك لا تتخلى إيران عن بيروت بسهولة، كما أن هذا الاستثمار عمره نحو 30 عاماً، وليس وليد الأمس، أو بضعة ملايين من الدولارات، من أجل تأدية دور لا تريد أو لا تستطيع إيران ممارسته مباشرة".
وفي التفاصيل، تشرح هذه المصادر، أن ما يُطبخ في بيروت لا تتحمّل طهران مسؤوليته مباشرةً أمام المجتمع الدولي، على حد تعبير المصادر المعارضة للحزب ولإيران.
وما يُعزز هذه النظرية، وجود مكاتب للحرس الثوري الإيراني في الضاحية الجنوبيّة لبيروت، خارج حرم السفارة الإيرانيّة.
وسبق للصدر أن زار لبنان مرات عدة، ومن أهمها زيارة في العامين 2008 و2014، حيث أقام لمدة في لبنان، هرباً "من الضغوط الإيرانية عليه"، لدعم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وهو ما رفضه الصدر. وقد توترت العلاقة حينها بينه وبين الإيرانيين، ولطالما ردد مسؤولون في حزب الله، أن الصدر، "يستمع" لنصائح نصرالله، أكثر من "النصائح الإيرانية".
تجدر الإشارة إلى تزامن هذه الزيارات، مع زيارة جواد الشهرستاني، الوكيل العام للمرجع الديني علي السيستاني إلى بيروت. ورغم أن الزيارة وُضعت في سياق الجولة الدينيّة، تتساءل الأوساط الشيعيّة عمّا إذا كانت هذه الزيارة تحمل رسائل تطمين إلى الساحة اللبنانيّة، تمهّد لتسويات لاحقة، خصوصاً مع الصعوبات التي تواجهها السياسة الإيرانيّة، إن عسكرياً في سورية، أو سياسياً في العراق ولبنان.