وصوت 348 عضواً في مجلس اللوردات لصالح تعديلٍ على قانون "بريكست" يجبر الحكومة البريطانية على أن تعرض على البرلمان جهودها للمحافظة على عضوية بريطانيا في الاتحاد الجمركي، بينما اعترض 225 على التعديل، ليمر بأغلبية مريحة من 123 صوتا. كما خسرت الحكومة تصويتاً آخر يحدُّ من صلاحيات الوزراء في تجاوز الإجراءات البيروقراطية من دون موافقة البرلمان، بأغلبية 314 صوتاً مقابل 217.
وكان قانون "بريكست" تجاوز عقبة مجلس العموم مع نهاية العام الماضي بعد نحو أربعة أشهر من النقاشات، لينتقل بعدها إلى مجلس اللوردات، حيث يخضع القانون للمراحل ذاتها التي مرّ بها في الغرفة الدنيا من البرلمان. ويعود القانون بعد ذلك إلى الغرفة التي صدر منها.
ويهدف قانون "بريكست" إلى تنظيم عملية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتشوبه العديد من التعقيدات بسبب الخلافات بين السياسيين البريطانيين حول طبيعة "بريكست".
وكانت حكومة تيريزا ماي قد نجحت في تجاوز العديد من العقبات البرلمانية حول المشروع، لكنها تعرضت لعدد من الهزائم، بسبب الخلافات الشديدة داخل حزبها بين مؤيدي "بريكست" المشدد، ومؤيدي "بريكست" المخفف، إضافة إلى الخلافات حول مدى الصلاحيات التي تطلبها السلطات التنفيذية من دون العودة إلى المشرعين.
واستغلت المعارضة البرلمانية التي يتزعمها حزب العمال، الهزيمة الأخيرة حول عضوية الاتحاد الجمركي، لتذكر ماي بوجود تيار قوي خارج حكومتها يعارض موقفها بالانسحاب التام من الاتحاد الأوروبي.
وقال وزير "البريكست" في الحكومة العمالية إن "نجاح هذا التعديل بدعم من جميع الأحزاب يعد خطوة مهمة إلى الأمام. يجب على تيريزا ماي الإنصات لجوقة الأصوات التي تطالبها بالتنازل عن خطها الأحمر حول الاتحاد الجمركي ومراجعة مقاربتها".
وكانت حكومة ماي أعلنت مسبقاً نيتها الانسحاب التام من الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي بعد انتهاء المرحلة الانتقالية عام 2020، بينما عرض حزب العمال دعماً لشكل من أشكال الاتحاد الجمركي مع الكتلة الأوروبية. وتعد مسألة الاتحاد الجمركي أمراً حيوياً لحلّ مسألة الحدود الإيرلندية، حيث إن الانسحاب منه سيؤدي إلى رفع الحدود الصلبة في الجزيرة الإيرلندية.
وتوجد جهود داخل الحكومة البريطانية يقودها أوليفر روبنز، كبير مفاوضي "بريكست"، للدفع نحو بقاء بريطانيا في اتحاد جمركي، حتى توصل الطرفين إلى اتفاقية يمكن لها أن تستبدله، وهو ما سيسمح بالحفاظ على اتفاقيات التجارة الحرّة، مع تجنب الحدود في إيرلندا.
إلا أن وزير "بريكست"، ديفيد ديفيس، يعارض هذه الخطة، لكونها قد تؤدي إلى بقاء بريطانيا في هذا الاتحاد الجمركي لسنوات عديدة، وقد لا تخرج منه. وقد تدعم ماي هذا الخيار في حال خسارتها التصويت البرلماني.
من ناحية أخرى، التقى الوفدان المفاوضان الأوروبي والبريطاني، يوم الأربعاء، لمناقشة العلاقة المستقبلية بين الطرفين للمرة الأولى منذ التصويت على "بريكست" عام 2016.
واقتصرت المحادثات على عرض الخطوط العامة للمفاوضات، التي اتفق عليها زعماء الاتحاد الأوروبي في مارس/ آذار الماضي، إضافة إلى وضع برنامج جلسات المفاوضات التالية. إلا أن انعقاد هذا الاجتماع يمثل إنجازاً كبيراً للجانب البريطاني وتقدماً مهماً في المفاوضات.
واستبق ممثل البرلمان الأوروبي في مفاوضات "بريكست"، غاي فيرهوفشتات، الاجتماع بتصعيد المطالب بحماية حقوق مواطني الاتحاد الأوروبي في بريطانيا بعد "بريكست"، مطالباً بتجنبيهم "الكابوس البيروقراطي" الذي يتعرض له المهاجرون إلى بريطانيا.
وطالب فيرهوفشتات أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ الوفدين المفاوضين الاستعداد لتعديل اتفاقية الانسحاب من الاتحاد إذا رأى نواب البرلمان الأوروبي حاجة لذلك. وناقش الطرفان أيضاً معضلة الحدود الإيرلندية قبل بدء اجتماع المفاوضات التجارية بعد أن حذر رئيس المجلس الأوروبي، دونالد تاسك، من أن عدم التفاهم حول هذه الحدود سيؤدي إلى خروج بريطانيا من دون صفقة.
أما الحكومة الإيرلندية فتدفع باتجاه إيجاد حلٍّ نهائي، بحلول يونيو/ حزيران المقبل، لمشكلة الحدود التي تؤرقها. وتتمتع إيرلندا بدعم الاتحاد الأوروبي التام في هذه المسألة.
كما سيستجوب البرلمان الأوروبي مسؤولين من وزارة الداخلية البريطانية، يوم الثلاثاء المقبل، حول وضع 3.5 ملايين مواطن أوروبي يعيشون في بريطانيا، وستتبع تلك الجلسات توصيات من البرلمان الأوروبي حول إمكانية تعديل الاتفاق من عدمه. ولا يمتلك البرلمان الأوروبي سلطة التفاوض إلا أنه يستطيع رفض الصفقة النهائية.