كشفت الحكومة الجزائرية عن وثيقة الاتفاق الأمني الجزائري التونسي الموقع في التاسع من مارس/ آذار 2017 وتفاصيله، والذي دخل حيز التنفيذ منذ أمس الأحد، بعد توقيع الرئيس الجزائري، عبدالعزيز بوتفليقة، على نص الاتفاق ونشره في الجريدة الرسمية.
ويخص الاتفاق تحديد أطر وطريقة التعاون في مجالات مكافحة الأعمال الإرهابية، وتمويل الإرهاب، والمساس بأمن الطيران ووسائل النقل، ومكافحة الجريمة المنظمة، والاتجار في المخدرات، والاتّجار غير المشروع بالمواد الكيميائية، وتهريب الأسلحة والذخائر والمتفجرات والمواد السامة والمشعة، والتهريب الدولي وتبييض الأموال، واسترجاع الأموال والثروات المهربة، وكذا مصادرة العائدات الإجرامية والاتجار بالبشر، والعبور غير المشروع للحدود وتجارة الأعضاء، والاختطاف وحجز الأشخاص والفساد.
ويشمل اتفاق التعاون الأمني بين تونس والجزائر منظومات الأمن والنظام العام والتكوين والتدريب المتخصص للفرق الأمنية والشرطة العلمية والتقنية، وتبادل التقنيات والخبرات والتجارب المهنية، وتبادل نتائج التحقيقات والعينات والأدوات المستخدمة في مجال التحقيق الجنائي وعلم الإجرام، والبيانات المتعلقة بالأساليب الحديثة للتحقيق ووسائل مكافحة الجريمة، وتبادل المعلومات المتعلقة بكافة أشكال الجريمة، لا سيما حول عناصر الجماعات والشبكات الإجرامية وارتباطها بالإرهاب وأعمالها التحريضية، وتنظيمها وطرق وأساليب عملها.
وبحسب الوثيقة، فإن الاتفاق يأتي في سياق "إدراك البلدين للتهديد الذي بات يشكله الإرهاب والجريمة المنظمة، ما يفرض تعزيز أوجه التعاون الأمني والاستخباراتي"، ويشمل أيضًا التعاون في مجال محاربة تهريب الممتلكات الثقافية والتحف الفنية المسروقة وتزوير الوثائق وتزييف وتقليد العملة والسندات المالية، والجرائم الإلكترونية المرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال.
وحدّد الاتفاق كيفيات تبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية، إذ "يلتزم كل طرف بالمحافظة على سرية المعلومات والوثائق والعينات التي يتلقاها من الطرف الآخر، ومنع تزويد أي طرف ثالث بها، على أن يبقى هذا الالتزام قائمًا حتى في حال إلغاء العمل بهذا الاتفاق"، لمنع تسريب واستخدام المعلومات المتبادلة، كما شدد على أنه "لا يجوز للطرف الطالب أن يستخدم المعلومات والبيانات إلّا في إطار الأهداف والشروط المحددة من قبل الطرف المطلوب منه".
ويحث الاتفاق الطرفين على تبادل المعلومات الموثوقة والوثائق المؤكدة، ويشير إلى أنه "يضمن الطرف المطلوب منه دقة المعلومات المتبادلة، ويتأكد من ضرورتها وملاءمتها للهدف المنشود، في حالة ما إذا تمّ تبادل معلومات غير دقيقة، يبلّغ فورًا الطرف المطلوب منه الطرف الطالب حتى يقوم بتصحيح هذه البيانات أو إتلافها".
وإضافة إلى ذلك، يفرض الاتفاق على كل من الجزائر وتونس تنسيق المواقف بين وفديهما قبيل المشاركة في اللقاءات الأمنية العربية والإقليمية والدولية؛ ما سيسمح بتوحيد الموقف إزاء أية قضايا قد تطرح، وتلافي وجود خلاف في الرؤية إزاء الملفات الأمنية الإقليمية المؤثرة وذات الصلة بالوضع الداخلي للبلدين.
وحدّد الاتفاق الحالات المستعجلة لطلب المساعدة الأمنية بأي وسيلة دبلوماسية أو آمنة يتم الاتفاق عليها بين الطرفين، ويتيح الاتفاق لأي من الطرفين "رفض طلب أو الامتناع عن تنفيذ طلب مساعدة في حال كان يخل بقوانينه أو مصالحه، أو يتعارض مع التشريعات الوطنية والالتزامات الدولية". وتقرّر في السياق تشكيل لجنة مشتركة من خبراء ومختصين برئاسة وزير الداخلية، تضطلع بمهمة الإشراف عليه وتعزيز آلياته وتطويرها، وعقد اجتماعات طارئة في حال تطلبت الأوضاع ذلك.
وتظهر بنود هذا الاتفاق المستوى العالي للثقة السياسية بين الجزائر وتونس، وتوحيد المحددات الأمنية، ويأتي مكملًا لاتفاق التعاون العسكري القائم بين البلدين منذ 2013، حيث يجرى تنسيق عمليات مكافحة الإرهاب على الحدود، حيث تتمركز مجموعات تتبع تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" في مناطق جبال سمامو والشعانبي ومغيلة التونسية قرب الحدود مع الجزائر.