تشهد تعز اليمنية، هدوءاً حذراً، بعد أيامٍ عصيبة عاشتها المدينة، إثر الحملة الأمنية التي نفذتها قوات عسكرية وأمنية ضد مطلوبين، وتحولت حرباً بقواتٍ وفصائل محسوبة على قوى متصارعة، بما فيها "كتائب أبو العباس"، وهو القيادي السلفي المدعوم إماراتياً عادل فارع، قبل تدخّل قيادات عليا لفرض وقف المواجهات، على نحوٍ ينتظر المعالجة النهائية من القيادة المحلية والحكومة أو ينتظر عودة الانفجار في أي لحظة.
وأكدت مصادر محلية في تعز لـ"العربي الجديد"، أن "الهدوء الحذر عاد إلى المناطق القريبة من مناطق المواجهات في الأيام الماضية، وسط انتشار أمني مكثف لأطقم عسكرية وأمنية، فيما تم إجلاء العديد من الجرحى جراء الاشتباكات التي وصلت إلى ذروتها مطلع الأسبوع الحالي، إلى عدن، في إطار الترتيبات التي تشرف عليها قيادات محلية وأمنية وعسكرية معنية بنزع فتيل الأزمة".
وكان محافظ تعز نبيل شمسان، شكّل "لجنة التهيئة لما قبل التحقيق"، المؤلفة من عدد من المسؤولين، برئاسة وكيل المحافظة عارف جامل، وضمّت في عضويتها عدداً من المسؤولين الأمنيين والعسكريين، تولت النزول الميداني لمتابعة وقف إطلاق النار، الذي تدخلت لفرضه قيادات عليا، بمن فيها الرئيس عبدربه منصور هادي. وبدت واضحةً بصمات التحالف السعودي الإماراتي في الأزمة، من خلال إلقاء التهمة (من قبل وسائل الإعلام المدعومة إماراتياً على نحوٍ خاصٍ)، ضد حزب التجمع اليمني للإصلاح، واتهامه بالسعي لضرب التيار السلفي فيما يُسمى "المقاومة الشعبية".
وكانت المواجهات قد تصاعدت مع هجوم نفذته قوات "الحملة الأمنية"، واستهدفت مواقع لقيادة "كتائب أبو العباس". وقال خصوم الكتائب إن "القوات الموالية لفارع تؤوي مطلوبين مسؤولين عن حوادث اغتيالات وعناصر إرهابية". الأمر الذي ينفيه فارع، موجّهاً أصابع الاتهام إلى حزب الإصلاح المحسوب على "الإخوان المسلمين"، بالوقوف وراء استهدافه، علماً أن الولايات المتحدة وعبر وزارة الخزانة صنّفت "كتائب أبو العباس"، أواخر عام 2017، ضمن المتهمين بتمويل محسوبين على "القاعدة".
وتعكس الأزمة من زاوية أخرى، الحالة العسكرية والأمنية التي خلفتها الحرب مع جماعة أنصار الله (الحوثيين)، إذ إن أغلب منتسبي الجيش والأمن مستجدون ومن المقاتلين الذين برزوا خلال الحرب، وتحولت المدينة إلى ساحة صراع للبعض منهم وللمسلحين متعددي الانتماءات والخلفيات. ومن المعلوم أن الصراع يأتي في حين لا يزال الحوثيون يفرضون سيطرتهم على أجزاء كبيرة من محافظة تعز، ولا تزال جبهات القتال بينهم وبين القوات التابعة للشرعية تشهد مواجهات بوتيرة ترتفع أحياناً وتهدأ أخرى.
إلى ذلك، فإن الأزمة التي شهدتها تعز، تمثل أبرز تحدٍ أمام المحافظ الجديد نبيل شمسان، والذي عُين في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وظلّ أغلب الفترة الماضية خارج البلاد. وهو يعمل بغرض فرض قرارات أمنية وعسكرية تنزع فتيل الصراع داخل المدينة، على غرار تطبيق قرار إخراج القوات العسكرية من المدينة (مركز المحافظة)، إلى خطوط المواجهات مع الحوثيين. كل ذلك سيصبح المؤشر الحقيقي على مرحلة مختلفة في تعز من عدمها، بناءً على القرارات والإجراءات المرتقبة خلال الأيام والأسابيع القليلة المقبلة.