لم تكن الكيمياء حاسمة، تلك التي شعر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنها "تجمعه" بالرئيس الصيني شين جين بينغ، خلال محادثاتهما قبل أكثر من أسبوع في فلوريدا، والتي شجعته على الرهان على قيام بكين بدور أكثر حزماً إلى جانب واشنطن من أجل وضع حد لاستفزازات كوريا الشمالية وتهديداتها ضد الولايات المتحدة وحلفائها في شبه الجزيرة الكورية. وكل المؤشرات الأخرى تقود إلى احتمال واحد هو حتمية المواجهة العسكرية بين واشنطن وبيونغ يانغ.
لكن الصين، التي اعتبر ترامب في تغريدة له يوم الأحد، أنها بدأت العمل مع الولايات المتحدة من أجل حلّ المشكلة الكورية، لم تشملها الجولة الآسيوية لنائب الرئيس الأميركي مايك بنس، التي بدأت بزيارة خط المنطقة العازلة بين الكوريتين، من جهة كوريا الجنوبية، فاستعاد السياسي الجمهوري ذكرى والده ابن المؤسسة العسكرية الذي شارك إلى جانب آلاف الجنود الأميركيين في الحرب الكورية.
ومن رمزية قيام نائب الرئيس الأميركي بجولة ميدانية على خط الجبهة البرية مع كوريا الشمالية، وإعلانه من هناك أن "مرحلة الصبر الاستراتيجي مع بيونغ يانغ قد انتهت"، محذّراً نظام كيم جونغ أون من "عدم المغامرة مع سيد البيت الأبيض الجديد والقيام بأي نشاط استفزازي"، في إشارة إلى التجربة النووية السادسة التي أفادت تقارير صحافية وردت من كوريا الشمالية، بأن "تحضيرات القيام بها تسير على قدم وساق".
الواضح أن المسؤولين الأميركيين يريدون إبلاغ بيونغ يانغ رسالة حاسمة، بأن الإقدام على إجراء التجربة النووية الجديدة يعتبر تجاوزاً للخط الأحمر الأميركي وسيكون بمثابة إعلان حرب. هذا الموقف عبر عنه مستشار الأمن القومي الجنرال هربرت ماكماستر، بإشارته إلى أن "الأزمة مع كوريا الشمالية قد وصلت إلى ذروتها"، مؤكداً أن "كل الخيارات مطروحة على الطاولة ومنها خيار المواجهة العسكرية وتدخل الولايات المتحدة المباشر لوقف البرنامج النووي لكوريا الشمالية، في حال فشلت الجهود الصينية بإقناع كيم جونغ أون بالتراجع والبحث عن حل للبرنامج النووي الكوري الشمالي، من خلال تسوية سياسية مع إدارة ترامب ربما على غرار الاتفاق النووي الإيراني الذي توصلت إليه إدارة الرئيس السابق باراك أوباما مع إيران".
على أن قراءة رد الفعل الأميركي على تطورات الملف الكوري الشمالي وسيناريو ارتفاع وتيرة التصعيد في شبه الجزيرة الكورية وتزايد احتمالات المواجهة العسكرية، تظهر أن إدارة ترامب تقارب المسألة الكورية وفق استراتيجية واضحة ومختلفة عن السياسة الأميركية السابقة، وتسعى إلى إيجاد حل نهائي للملف النووي لبيونغ يانغ بأسرع وقت ممكن ووضع هذا الهدف في سلم أولويات الإدارة الأميركية الحالية.
وفق هذه القراءة يمكن إدراج الخطوات العسكرية المفاجئة التي نفذتها واشنطن في الأيام الماضية في سياق هذه الاستراتيجية، بمعنى أن الضربة العسكرية الأميركية الصاروخية لمطار الشعيرات في سورية وإطلاق "أم القنابل" على أنفاق تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في جبال أفغانستان كانت رسائل لكوريا الشمالية.
في سياق منفصل، ولكن مؤثر على الشرق الآسيوي، أعلن الرئيس الفيليبيني، رودريغو دوتيرتي، أمس الإثنين، أنه "أعطى أوامره للجيش للسيطرة على عشر جزر غير مأهولة في أرخبيل سبراتلي"، في بحر الصين الجنوبي، حيث يدور نزاع سياسي بين الصين وعددٍ من الدول، ومن بينها الولايات المتحدة.