وتزامن الدعم الرئاسي لكلينتون مع تبرئة مكتب التحقيقات الأميركية (إف بي آي) لساحتها قانونياً في قضية تخزين مراسلات إلكترونية في خوادم منزلية غير محمية، أثناء توليها منصب وزيرة الخارجية.
فقد أعلن مدير "إف بي آي"، جيمس كومي، خلال مؤتمر صحافي خاص عقده في واشنطن اليوم نتائج التحقيق في القضية التي أحيلت إلى المكتب، العام الماضي، من المفتش العام لوكالات الاستخبارات الأميركية.
وأوضح كومي أن المكتب أوصى وزارة العدل الأميركية بالامتناع عن ملاحقة كلينتون قضائياً، لكنه كشف تفاصيل جديدة صادمة عن مخالفات إدارية ارتكبتها متهماً إياها بالإهمال الخطير واللامبالاة في التعامل مع معلومات سرية.
وبرر كومي عدم توجيه اتهام جنائي لكيلنتون أو أي من مساعديها السابقين بأنه عائد إلى قناعة المحققين بغياب "القصد الجرمي"، تاركاً المجال لأي عقوبات إدارية للسلطة التنفيذية أو الجهات المعنية في وزارة الخارجية.
وكشف مدير "إف بي آي" أن كلينتون استخدمت خوادم وليس خادماً واحداً لتخزين مراسلاتها الشخصية والرسمية، مرجحاً أن تكون هذه الخوادم قد تعرضت لاختراق أجنبي لم يترك أثراً.
وأكد كومي أن المحققين قرأوا ما يزيد عن 30000 رسالة أعادتها كلينتون إلى وزارة الخارجية في عام 2014، كما استعادت رسائل أخرى سبق حذفها، مرجحا أن الحذف لم يكن بقصد إخفاء عمل جنائي.
وبحسب المصدر، فقد تم تحديد 52 رسالة إلكترونية ذات ردود متعددة تحتوي معلومات سرية وقت إرسالها وتلقيها، من بينها ثماني رسائل كانت "سرية للغاية"، فضلاً عن نحو 2000 رسالة تحوي معلومات كان يجب أن يقتصر تداولها على المسؤولين الحكوميين وهو ما لم يتم الالتزام به.
وأقر كومي بأن بعض الرسائل التي حذفتها كلينتون بإشراف محامين تابعين لها قبل إعادة آلاف الرسائل إلى وزارة الخارجية عام 2014، كان من بينها رسائل ذات صلة بالعمل، غير أن القصد الجنائي من الحذف جرى استبعاده لأن مراجعة الرسائل وفرزها اعتمد المحامون فيه محركات البحث وليس قراءة المحتوى كاملا.
وأضاف: "ما وجدناه أن كلينتون أو مساعديها لم يكن لديهم القصد الجرمي لانتهاك القوانين التي تحكم التعامل مع المعلومات السرية، غير أن الأدلة قوية على الإهمال واللامبالاة في التعامل مع معلومات سرية للغاية وحساسة للغاية".
وأشار كومي إلى "خطأ إبقاء الرسائل في خوادم خاصة غير محروسة على مدار الساعة، وليست تابعة لشركات تجارية حريصة على أمن المراسلات مثل شركة غوغل".
وبشأن الاختراق، قال مدير مكتب التحقيقات الفدرالية، "لم نجد دليلا مباشرا على اختراق الخوادم الخاصة بوزيرة الخارجية السابقة ولكن نظرا لطبيعة تلك الخوادم ونطام العمل بها فإننا نعتقد أن جهات معادية تمكنت من الوصول إليها وإلى حسابات البريد الإلكتروني التجارية الخاصة بمن كانوا يتبادلون الرسائل مع كلينتون".
وتابع : إن "استخدام كلينتون لبريدها الإلكتروني أثناء وجودها خارج الأراضي الأميركية يرسخ الاعتقاد بأن الاختراق قد تم وإن لم يكن هناك أي أثر له".
وبين كومي أنه على الرغم من المخالفة الواضحة لقواعد التعامل مع المعلومات السرية، إلا أن المكتب أوصى وزارة العدل الأميركية بعدم المضي قدما بأي محاكمات قضائية لعدم توفر القصد الجرمي.
وأضاف: "هذا لا يعني أنه في ظروف مماثلة لن يتعرض مرتكب مثل هذا الخطأ لعواقب قانونية"، مشددا على أن "الأفراد عادة ما يكونون عرضة لعقوبات إدارية وأن إف بي آي ليس في موقف اقتراح فرض ذلك فهذا الأمر متروك لوزارة الخارجية، الجهة المعنية".
وشدد كومي على أن إجراءات التحقيق تم القيام بها باستقلالية كاملة بعيدا عن أي تأثير من أي نوع ومن أي جهة.
وعلى الرغم من أن النتيجة تخلي ساحة كلينتون قانونيا إلا أن التوبيخ بشأن اللامبالاة والإهمال في أمر يتعلق بالعمل من قبل موظف عام في الحكومة الفدرالية الأميركية يؤدي عادة إلى حرمانه من الحصول على تصريح الأمني خاص به للاطلاع على المعلومات المصنفة في خانة السرية، وهي معلومات يتعامل معها الرئيس المنتخب بصورة يومية، ويتصادم حرمانه منها مع طبيعة عمله الرئاسي.
ولهذا السبب سارع المرشح الجمهوري المفترض للرئاسة الأميركية دونالد ترامب بانتقاد "إف بي آي" على امتناعه عن توجيه اتهامات جرمية لهيلاري كلينتون قائلا في تغريدة على صفحته الشخصية بموقع "تويتر" إن "النظام القضائي الأميركي غير عادل"، مشيرا إلى أنه سبق إدانة شخصيات سياسية أخرى بتهم أقل شأن مما قامت به كلينتون.
وبعد ساعات قليلة من تبرئة ساحة كلينتون قانونية بدأ أوباما لمشاركة في حشد التأييد لمنافسته السابقة هيلاري كلينتون مصطحبا إياها في طائرة (إيرفورس ون)، إلى ولاية نورث كارولاينا، سعيا منه على ما يبدو لإيصالها إلى البيت الأبيض، بعد أن تسبب في تأجيل هذا الوصول من 2008 عام إلى 2016.
وهذه هي الجولة الأولى من بين جولات مقبلة متوقعة لصالح كلينتون بعد أن كان أوباما يتفادى الظهور العلني المشترك مع وزيرة الخارجية السابقة.
وكان أوباما قد قال في تسجيل مصور لدعمها إنه يتطلع للخروج مع كلينتون ودعم حملتها، غير أن الخروج المشترك تأجل لاحقا بسبب انشغال أوباما بمتابعة تداعيات هجوم أورلاندو بولاية فلوريدا.
وتأمل كلينتون أن يساعدها أوباما في استقطاب شريحة مهمة تفتقد إلى تأييدها، وهي شريحة الشباب ذوي الميول اليسارية الذين دعموا منافسها السيناتور بيرني ساندرز.
لكن بعض المراقبين يعتقدون أن ظهور أوباما مع كلينتون ودعمه له يحملها عبء أخطاء فترة رئاسته، الأمر الذي قد يعود على حملتها الانتخابية سلبا.
وكان أول المنتقدين مرشح الرئاسة الجمهوري المحتمل دونالد ترامب الذي اتهم أوباما بالفساد لاصحطابه كلينتون في طائرة الرئاسة على نفقة الشعب الأميركي في شأن حزبي لا يهمهم.