لم يكن أمام رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس الأربعاء، من مفرّ إلا مباركة القمة بين دونالد ترامب، وكيم جونغ ـ أون، والاتفاق الذي أعلن الاثنان عن توقيعه. وبيان نتنياهو في هذا الصدد، تأخر لساعات طويلة، لكنه كان ملزماً على دعم كل موقف وتحرك لترامب، بفعل الدعم المطلق الذي تلقاه حكومة الاحتلال لسياساتها وممارستها في الأراضي المحتلة، من قبل إدارة ترامب، ولا سيما نقل السفارة الأميركية للقدس المحتلة، والتخطيط لصفقة قرن يأمل نتنياهو في أحسن الحالات ألا يتم فرضها بالقوة على إسرائيل في حال كانت هذه الصفقة، غير مقبولة على دولة الاحتلال، مهما يبدو مما يسرب عنها، من تبنٍ واسع النطاق لمواقف إسرائيل في الملف الفلسطيني، خصوصاً مسألتي القدس وشرط الاعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي.
وقد سعى نتنياهو مباشرة في البيان الذي أصدره أخيراً إلى ربط الاتفاق بين ترامب وكيم بالملف الإيراني والإشادة "بحزم" الرئيس الأميركي. وقال نتنياهو: "أهنئ رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب على القمة التاريخية في سنغافورة. هذه خطوة مهمة في الجهود الرامية لتفكيك السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية. الرئيس ترامب يتخذ موقفاً حازماً أيضاً ضد محاولات إيران حيازة سلاح نووي وضد عدوانيتها في الشرق الأوسط. وقد بدأ هذا الأمر يعطي ثماره على الاقتصاد الإيراني. سياسة الرئيس ترامب هي بشرى مهمة لإسرائيل وللمنطقة والعالم أجمع".
وقد كانت النقطة الأخيرة عملياً، بمثابة "كعب أخيل" من وجهة نظر مراقبين ومحللين في إسرائيل. وفي هذا السياق مثلاً اعتبر رون بن يشاي في "يديعوت أحرونوت"، أن "أهمية ما تم إنجازه في سنغافورة هو في الاتفاق المبدئي بين الطرفين الذي يبعد احتمالات فرص حرب عالمية، على الرغم من أن التصريحات المبدئية التي أطلقت لا تزال غير عملية، لكن حقيقة اتخاذ الطرفين خطوات لبناء الثقة حتى قبل انعقاد القمة في سنغافورة تشكل سبباً كي نصدق أن الطرفين يعتزمان فعلاً إحداث تغيير استراتيجي في العلاقات بينهما. مع ذلك يبقى الحديث عن بيان مبدئي حالياً، وهو أفضل بكثير من الوضع الذي ساد بين الدولتين عشية القمة، لكن مع ذلك وعلى الرغم من أنه سيستغرق فترة ثلاثة إلى أربعة أشهر لمعرفة ما إذا كانت هذه القمة ستؤتي نتائجها المرجوة منها، إلا أنه تنبغي الإشارة إلى ما صرح به الوزير الأميركي مايك بومبيو، خلال المؤتمر الصحافي عندما قال: إن زعيم كوريا الشمالية واجه معارضة داخل نظامه لهذا التحرك الاستراتيجي. وقد يكون كيم بحاجة لعدة أيام لمعالجة أمر معارضيه من الداخل قبل إعلان هوية من سيتولى مهمة المفاوضات ممثلا لكوريا الشمالية".
وفي "هآرتس" اعتبر حيمي شاليف أن "الإنجازات الجوهرية لقمة سنغافورة هي قليلة فعلاً مقارنة باستعراض كبير للغاية، وأن الاتفاق الذي تم الترويج له في الواقع يفتقر لاستعداد والتزام كوريا الشمالية بالانضمام لمعاهدة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل، وإلى ترتيبات لمراقبة الوعود والتعهدات، ومن دون أي كلمة عن حقوق الإنسان في كوريا الشمالية والنتيجة هي وثيقة فضفاضة لا تلزم كوريا الشمالية بشيء تقريباً". وفي "معاريف" ذهب شلومو شمير هو الآخر إلى إبراز عدم وجود أي بند ملزم أو آلية لمراقبة تطبيق الاتفاق، معتبراً أن "الطريق إلى نزع السلاح النووي من كوريا الشمالية لا يزال بعيداً".
وكتب أبراهام بن تسفي، في تبنٍّ وترديد لرسائل نتنياهو، أن "القمة ومخرجاتها تشكل رسائل واضحة الدلالة لإيران". وبحسبه فإن "اللهجة المتشددة لترامب، كانت السبب الرئيسي وراء تغيير لهجة بيونغ يانغ والتغيير الحاد في مواقف زعيمها كيم، الذي لوّح حتى قبل وقت قصير فقط بتهديدات ضد كوريا الجنوبية واليابان وصولاً إلى توجيه تهديدات للولايات المتحدة نفسها". واتخذ بن تسفي اللهجة نفسها في الثناء على ترامب كـ"صاحب سطوة وزعيم حازم، ونجح خلافاً لأوباما ببثّ صورة زعيم حازم مع مصداقية عالية يرفض الاعتراف بالمسلمات وبأدوات اللعبة الدبلوماسية وقواعدها المعهودة، وذلك بموازاة الاستعداد للسير حتى الهاوية من دون أن يرمش له جفن".