وفي هذا السياق، قال مصدر محلي لـ"العربي الجديد"، إن مواطنين من أبناء سقطرى منعوا، أمس الأحد، قوة إماراتية من نصب نقطة عسكرية في ساحل منطقة نوجد، بحجة مراقبة الساحل الجنوبي للجزيرة.
وأشار المصدر إلى أن القوة الإماراتية كانت قد شرعت في إقامة النقطة العسكرية قبل أن يتداعى مواطنون إلى المكان ويمنعونها من إكمال مهمتها، وذلك بعد علمهم بعدم وجود أوامر من السلطة المحلية تخولها إقامة الحاجز العسكري.
ولفت المصدر إلى أن القوة الإماراتية غادرت المنطقة، وحاولت إقامة نقطة عسكرية في مكان آخر على الساحل الجنوبي، لكن رفض المواطنين حال مرة أخرى دون ذلك، قبل أن تُجبَر القوة على العودة إلى إحدى ثكناتها في مدينة حديبو، عاصمة المحافظة.
وكانت مدينة حديبو قد شهدت، صباح اليوم الاثنين، تظاهرة حاشدة تنديداً بالتدخلات الإماراتية في الجزيرة، ومؤكدة على الحفاظ على السيادة الوطنية.
وجابت التظاهرة شوارع مدينة حديبو، قبل أن تستقر أمام مقر إقامة رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر والوفد المرافق له، الذي يزور الجزيرة منذ أيام.
ودعا المحتشدون، في بيان صادر عنهم، الحكومة الشرعية إلى حماية طبيعة جزيرة سقطرى وبيئتها وصونها من التجريف، في إشارة إلى ما تقوم به الإمارات من العبث بمقدرات الجزيرة.
ودعت التظاهرة القوات الإماراتية إلى المغادرة، مجددة الترحيب بزيارة بن دغر والوفد المرافق له، ومشددة في السياق ذاته على وحدة وأمن اليمن وسلامة أراضيه واحترام سيادته.
وتُعدّ هذه التظاهرة الثانية الرافضة للوجود العسكري الإماراتي في جزيرة سقطرى، فقد سبقتها تظاهرة نسائية مماثلة قبل يومين في مدينة حديبو، احتجاجاً على التدخلات الإماراتية وتأييداً للحكومة الشرعية.
وفي إطار تزايد الرفض الشعبي للوجود الإماراتي في سقطرى، طالب عبد الله بن عيسى بن عفرار، أحد أبرز وجهاء محافظتي المهرة وسقطرى اليمنيتين، الإمارات بسحب قواتها من الجزيرة.
وجاءت مطالبة بن عفرار في تسجيل مصور ألقاه أمام حشود قبلية، عقب وصوله إلى محافظة المهرة، شرقي اليمن، أمس الأحد.
وقال بن عفرار إن "المهرة وسقطرى منذ عام 1967 محافظتا أمن واستقرار وملاذ لكل خائف، وحاضنة لكل أبناء الوطن في كل المنعطفات التي شهدتها اليمن".
واعتبر بن عفرار، وهو رئيس المجلس العام لأبناء محافظتي المهرة وسقطرى، أن وجود هذه القوات اليوم بهذا الكم الكبير لا يمكن تفسيره.
وتابع أنه "عندما يكون الوجود العسكري بهذه العدة والعتاد الذي لا تحتمله سقطرى، فنحن نقول لولاة الأمر في التحالف العربي، وبالأساس للقيادة الشرعية، إن محافظاتنا آمنة ومستقرة، وليست بحاجة إلى هذه القوة".
ويحظى بن عفرار بقبول واسع في أوساط مشايخ القبائل في المحافظتين، كما يمتلك علاقات مع السلطات في سلطنة عمان، وغالباً ما يحضر في الأحداث السياسية التي تمر بها المحافظتان.
وبعد أيام من اندلاع الأزمة بين الحكومة اليمنية والإمارات على خلفية استقدام الأخيرة قوة عسكرية الأسبوع الماضي، تتكون من أكثر من مئة جندي وعدد من الدبابات والعربات العسكرية، وانتشارها في مطار وميناء سقطرى، يبدو أن الأزمة في طريقها للتصعيد، خصوصاً مع صلابة الموقف الحكومي هذه المرة، مسنوداً بالدعم الشعبي، وهو الأمر الذي افتقدته الحكومة في مواجهتها للتدخلات الإماراتية في محافظات أخرى.
وكانت الحكومة اليمنية أعلنت، في بيان مساء السبت الماضي، أن وجود القوات الإماراتية في جزيرة سقطرى أمر لا مبرر له، واصفة ما يحدث بأنه نتيجة لاختلال العلاقة بين الحكومة والإمارات حول السيادة ومن يحق له ممارستها.
وتهيمن دولة الإمارات على جزيرة سقطرى، منذ قرابة ثلاثة أعوام، وذلك بعد تدخلها تحت لافتة العمل الإنساني، قبل أن تبسط نفوذها على مختلف القطاعات، بما فيها الأمن والخدمات.
وتتميز جزيرة سقطرى المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي بتنوعها الحيوي، مع وجود المئات من الحيوانات والنباتات النادرة، فضلاً عن تفرد شواطئها بمناظر خلابة، إلى جانب الخضرة التي تكسو معظم مناطقها في فصل الشتاء.