وصرّح بنعلا بأنه يجد نفسَه بعدما أبدى رفضه المثول أمام اللجنة، مُكرَهاً. واعترف بأنه سيحضر لأنه مُهدَّدٌ، في حال الامتناع. وأضاف أن كل مبادئ الديمقراطية الفرنسية ضُرِب بها عرض الحائط. ثم تحدث عن التهديدات بإرسال أفراد الشرطة والدرك لإحضاره في حال الرفض، وأضاف أنه سيحضر أمام اللجنة "لأنهم يهددونني. يهددونني، حقيقة، وبطريقة مباشرة".
وكشف أنه سيقدم التفسيرات لأسئلة أعضاء لجنة التحقيق، التي ينتقدها، بصفة علنية، لأنها "منحت نفسَها اختصاصات لجنة تحقيق، لكنها لا تملك الحق، والتي تَسخَر من ديمقراطيتنا". وأضاف أنه سيُجيب عن كل الأسئلة التي سيطرحها نواب اللجنة، ما عدا تلك التي تهم العدالة، أي كل الأسئلة التي تخصّ الدور الذي شغله في الإليزيه.
وسمح بنعلا لنفسه بمهاجمة مباشرة لعضو مجلس الشيوخ فيليب باس، رئيس لجنة تحقيق مجلس الشيوخ، الذي "فرض عليَّ، اليوم، المثولَ أمامه، وإلا أرسل لي الشرطة والدرك"، معتبراً إياه من قبيل "هؤلاء الأشخاص الصغار، الذين لا يملكون أي حق، ولا أي احترام للجمهورية الفرنسية وللديمقراطية"، هؤلاء "الأشخاص الذين يسخرون من مبدأ ديمقراطيتنا التي تأسست على الفصل بين السلطات"، مستطرداً "يوجد أناسٌ يحسون بأنهم فوق القوانين، رغم أنهم هم من يَسُنّون هذه القوانين". وخَلُصَ ألكسندر بنعلا إلى أن مجلس الشيوخ، الذي تديره أغلبية يمينية، خلافاً لمجلس النواب، الذي تديره أغلبية رئاسية، والتي استطاعت إجهاض لجنة التحقيق الخاصة بها، "يسستخفّ بالقواعد الدستورية لبلدنا. وأنا أقول، صراحة، ليس لديّ أي احترام لهؤلاء".
وكان نواب في مجلس الشيوخ قد انتقدوا تصرفات بنعلا، ومن بينهم رئيس المجلس نفسه، جيرار لارشي، الذي غرّد منتقداً ما رأى فيه "إهانة لمؤسَّسَة مجلس الشيوخ وأعضائها"، وهو "شيء لا يمكن السماح به". أما رئيس لجنة التحقيق، فيليب باس، فذكّر بتصريحات بنعلا السابقة في وسائل الإعلام، بداية أغسطس/آب الماضي، عن رغبته بالمثول أمام لجنة التحقيق التابعة لمجلس الشيوخ، وبأن لديه ما يقوله لهذه اللجنة. وأضاف باس أنه ينتظر هذه الأشياء، وأن "العديد من التناقضات ظهرت أثناء الاستجوابات السابقة حول دوره في رئاسة الجمهورية الفرنسية، وحول العمل الذي كان ينجزه مع الشرطة والدرك ووزارة الداخلية".
من جهة أخرى، يتواصل عمل لجنة التحقيق حول "قضية بنعلا"، التابعة لمجلس الشيوخ، بعد استراحة الصيف، ولا تتعدى الفترة القانونية لاشتغالها ستة أشهر، وهذا ما يمكن أن يفسّر سبب رفض بنعلا المثول أمامها، في انتظار قول القضاء كلمته، مُعوِّلاً على بطء القضاء الفرنسي، ما كان سيجعله يفلت من هذه اللجنة، التي تشرف عليها المعارَضة.
وقد استجوبت اللجنة، اليوم، فرانسوا - كزافيي لوش، رئيس مكتب رئيس الجمهورية الفرنسية. وفي غياب اعترافات مثيرة، لم يُخف المسوؤل في الإليزيه شعوره بـ"الصدمة"، بعد رؤيته لمجموع الصُوَر التي يظهر فيها ألكسندر بنعلا وهو يهاجم أحد المتظاهرين في الأول من مايو/أيار الماضي. وقال لوش أمام أعضاء اللجنة: "أستطيع القول لكم إنني صدمتُ، أثناء مشاهدة هذا الفيديو، وقد رأيت، في آن واحد، مَشهد مواجهة عنيفة، ومَشهد تدخل شخص، هو بنعلا، والذي تصرّف، بشكل واضح، خارج وظائفه في رئاسة الجمهورية".
وأضاف لوش أنه قرر على الفور مهاتفة بنعلا، ووبّخَه بشدة، فاعترف هذا الأخير بوجوده في مكان التظاهرة. وذكّر لوش بوجوده أثناء هذه الفترة في كاليدونيا الجديدة للتحضير لزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إليها، بأنه من الواضح جدا أن "ألكسندر بنعلا لم يطلب مني، باعتباري رئيس مكتب الرئيس، السماح له بالوجود في التظاهرة".
وكشف لوش عن مبرّرات بنعلا في ما فعله أثناء التظاهرة، والتي تتلخص في رغبته بمساعدة أفراد الشرطة الذين هاجمهم متظاهرون عنيفون، لكنه أعرب عن رفضه لهذه المبررات، ورأى فيها "سلوكاً فردياً خاطئاً، يجب فصلُهُ عن عمل المصلحة التي أقوم بإدارتها". وختم بأنه أخبر بنعلا على الفور بالعقوبة التي اتُّخِذت في حقه: "قررنا، مع مدير مكتب الرئيس، أن نسحب منه إعداد وتنظيم التنقلات الرسمية لرئيس الجمهورية".