بعدما تنامت آمال حدوث انفراجة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، عندما أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أنه مستعد لعقد اجتماع غير مسبوق مع كيم جونغ أون، عاد البيت الأبيض، اليوم الجمعة، ليخفف من "جرعة الآمال" بتشديده على أن ترامب لن يلتقي كيم إلا إذا اتخذت بيونغ يانغ "خطوات ملموسة".
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، في إفادة صحافية، "لن يعقد الرئيس الاجتماع بدون أن يرى خطوات ملموسة وأفعالاً ملموسة من كوريا الشمالية"، لكنها لم تحدد طبيعة الأفعال التي يتعيّن على كوريا الشمالية القيام بها.
وعلى الرغم من أن كلام ساندرز يمثل إشارة واضحة إلى أن نهاية الأزمة بين واشنطن وبيونغ يانغ بسبب برنامجها للأسلحة النووية "ليست وشيكة"، فإنه زاد من حالة الالتباس التي ما زالت تحيط بأسباب "الانفراجة الدراماتيكية" التي تم الترويج لها خلال الساعات الماضية.
وحتى الآن لم تتضح بعد خلفيات وأهداف "انعطافة" بيونغ يانغ تجاه واشنطن، والعرض الذي قدمته لعقد قمة بين ترامب وكيم في شهر مايو/ أيار المقبل، كذلك لم تتضح أسباب موافقة البيت الأبيض السريعة على العرض الكوري الشمالي في عقد اجتماع قمة بين الرئيسين، قبل ربط هذه الموافقة بـ"خطوات ملموسة".
وعلى الرغم من "شبه التراجع" الذي صدر عن ساندرز، فقد اعتبر مراقبون موافقة ترامب السريعة على عرض عقد قمة سابقةً في تاريخ الرئاسات الأميركية لم يقدم عليها الرئيس السابق بيل كلينتون، على الرغم من دخول إدارته في مفاوضات نووية مع بيونغ يانغ خلال التسعينيات، كما لم يفعل ذلك جورج بوش الابن وباراك أوباما، الرئيسان اللذان تعاقبا على إدارة البيت الأبيض بعد كلينتون وقبل ترامب.
وفي حسابات الربح والخسارة في حال عقد القمة الرئاسية الأميركية الكورية الشمالية، بعد نحو عام من تصاعد التوتر والتهديد المتبادل بين الجانبين، الذي كاد أن يتحول إلى مواجهة عسكرية، وربما نووية، في شبه الجزيرة الكورية، يرى المراقبون أن "مجرد موافقة ترامب (قبل المطالبة بـ"خطوات ملموسة") على تلبية دعوة كيم، هو انتصار كبير لكوريا الشمالية، خصوصاً لزعيمها الأوحد".
وفي تغريدة على "تويتر"، قال الخبير الأميركي في شؤون شبه الجزيرة الكورية، جيفري لويس، إن "دعوة كيم لترامب لا تعني أنه سيسلم ترسانة السلاح الكوري الشمالي. إنه يدعو ترامب لإثبات أن استثماره في القدرة النووية والعسكرية أجبر الولايات المتحدة على التعامل معه على قدم المساواة".
وحسب الخبير الأميركي، فإن "ترامب منح الذي وصفه يوماً بـ"الرجل الصاروخ" انتصاراً مجانياً، من غير أن تحصل الولايات المتحدة على أي تنازل مقابل".
وتوقّعت صحيفة "نيويورك تايمز" فشل القمة في وقف البرامج النووية والتسلحية لكوريا الشمالية، وشبّهت قرار ترامب الموافقة (المبدئية) على تلبية دعوة كيم بقراره نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، والاعتراف بالمدينة المقدسة عاصمة أبدية لإسرائيل، الذي أدى إلى إعدام أي أمل في التوصل إلى سلام في الشرق الأوسط.
ورأت الصحيفة أن إعلان كيم عن وقف التجارب النووية خلال المفاوضات مع الولايات المتحدة، واستعداده للبحث في نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية، ليسا أمراً جديداً على النظام الحاكم في بيونغ يانغ، فقد جمدت كوريا الشمالية تلك التجارب خلال مفاوضاتها النووية السابقة مع الولايات المتحدة.
ورجحت الصحيفة الأميركية أن تكون التجارب الصاروخية والنووية المتتالية التي أجرتها كوريا الشمالية في الأشهر الأخيرة قد جعلتها قادرة على وقف تلك التجارب في الوقت الراهن، بدون أن يكون لذلك أي تأثير على مسار تطوير برامجها النووية والصاروخية. كذلك أشارت إلى أن "طرح كيم عن شبه جزيرة كورية منزوعة من السلاح النووي، يعني أن الولايات المتحدة أيضاً يجب أن تنزع سلاحها النووي من شبه الجزيرة الكورية".
وعلى الرغم من الانتصار الذي قد يحصده الزعيم الكوري الشمالي من عقد قمة مع الرئيس الأميركي، فإن ترامب أيضاً سيجني مكاسب من اجتماع قد يؤدي إلى إطلاق مفاوضات نووية مع كوريا الشمالية، وربما في وقت لاحق إلى توقيع اتفاق تاريخي بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، قد يعوض فشله في التوصل إلى اتفاق سلام تاريخي في الشرق الأوسط.
وفي السياق، قال البيت الأبيض، اليوم الجمعة، إن ترامب ونظيره الصيني، شي جين بينغ، رحبا، خلال مكالمة هاتفية، بإمكانية إجراء حوار مع كوريا الشمالية.
وأضاف البيت الأبيض في بيان "الزعيمان رحّبا باحتمال إجراء حوار بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، وهما ملتزمان باستمرار الضغوط والعقوبات حتى تتخذ كوريا الشمالية خطوات ملموسة نحو نزع السلاح النووي بشكل كامل، يمكن التحقق منه ولا يمكن الرجوع عنه".