يستعد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للسفر إلى السعودية، للمشاركة في فعاليات القمة العربية، المقررة غداً الأحد، والتي تنعقد في أجواء متوترة على مستويات عدة؛ أبرزها استمرار القطيعة بين قطر والدول الأربع؛ السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وكذلك تهديد الولايات المتحدة باستهداف النظام السوري بالصواريخ الذكية، وانقسام الرأي العام العربي بين مؤيد ومعارض لضرورة التخلص من بشار الأسد، بما في ذلك اختلاف الآراء بين القاهرة والرياض حول هذا الملف.
وسبقت القمة المرتقبة بأقل من أسبوع، زيارة قصيرة أجراها ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد للقاهرة، فالتقى، يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، بالسيسي، في اجتماعات ثنائية مطولة، بالإضافة إلى اجتماع على المستوى الوزاري، لدراسة بعض الملفات الاقتصادية. وكان لافتاً مدى اقتضاب البيانات الصادرة عن هذه القمة، مع وفرة في الصور الفوتوغرافية لإظهار مدى قوة العلاقة بين السيسي وبن زايد، اللذين كانا قد التقيا أيضاً في فبراير/شباط الماضي بأبوظبي.
في هذا السياق، اعتبرت مصادر دبلوماسية مصرية أن "الزيارة كانت تهدف بالأساس إلى توحيد موقف الدولتين من الأزمة القطرية، بعد اتصال الرئيس الأميركي دونالد ترامب ببن زايد قبيل استقباله أمير قطر، تميم بن حمد، في واشنطن. واستشعر بن زايد من الاتصال اتجاه واشنطن للضغط على الدول الخليجية لإغلاق هذا الملف، وتجاوز صفحة الماضي. الأمر الذي تحوّل من السر إلى العلن خلال استقبال ترامب للأمير تميم والإشادة به، لا سيما بعد الإجراءات القانونية التي اتخذتها قطر، بإدراج بعض الكيانات والشخصيات على قائمة الإرهاب الخاصة بها، وتأكيدها على ثبات موقفها المناهض للإرهاب".
أضافت المصادر أن "بن زايد والسيسي قلقان من تغيّر موقف الرياض من الأزمة، على وقع ارتفاع وتيرة التنسيق بين الإدارة الأميركية وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الأمر الذي دفع الطرفين إلى تجديد النقاش الذي بدأ في أبوظبي قبل شهرين، في القاهرة الأسبوع الماضي، خصوصاً أنهما نجحا من قبل في عرقلة الأفكار الكويتية التي كانت تسعى إلى التقريب بين أطراف الأزمة".
وتابعت "بل إن مصر بإيعاز من الإمارات اتخذت خطوات لاستمرار التصعيد الفردي، تحديداً على المستوى القانوني، تارة باستصدار أحكام قضائية تتهم مسؤولين قطريين بالسعي لاختلاس وإخفاء وثائق سرية متعلقة بالأمن القومي المصري (في القضية المعروفة إعلامياً بالتخابر مع قطر والمدان فيها الرئيس المعزول محمد مرسي)، وتارة بالتضييق على المصالح الاقتصادية القطرية، باستصدار أحكام بتغريم شبكة "بي إن سبورتس"، فضلاً عن إعداد النائب العام المصري ملفاً عن المتهمين الهاربين الموجودين حالياً أو الذين وجدوا سابقاً في قطر، بعد أحداث 30 يونيو/حزيران 2013، من واقع حيثيات الأحكام وقرارات الإحالة الصادرة بحقهم. على أن ترفق بهذا الملف الإجراءات المتخذة في بعض الدعاوى والبلاغات التي قدمت له أو أقيمت في محكمة الأمور المستعجلة، لاعتبار قطر دولة داعمة للإرهاب، بالتوازي مع تكثيف مخاطبة الإنتربول لتسجيل بعض المتهمين المقيمين في قطر على النشرة الحمراء الخاصة بترقب الوصول والاعتقال في مختلف دول العالم".
وأشارت المصادر إلى أن "بن زايد والسيسي متفقان، حتى الآن، على ضرورة التصعيد مع قطر وقطع سبل المصالحة، أو حتى العودة إلى أجواء ما قبل المقاطعة والحصار الذي بدأ رسمياً في 5 يونيو/حزيران الماضي، وكذلك استمرار الهجوم الإعلامي الممنهج على قطر، تحديداً من وسائل الإعلام المصرية، باعتبارها أكثر شيوعاً على الصعيد الإقليمي من نظيرتها الإماراتية".
ورجّحت المصادر أن "تنسيقاً من هذا النوع وفي هذا التوقيت بين بن زايد والسيسي يهدف إلى تأطير الموقف المشترك قبيل انعقاد القمة العربية، تحسباً لما قد يطرح في كواليسها من وساطات، وكذلك توجيه رسالة للدول الأخرى المنخرطة في الأزمة مفادها وحدة الموقف الإماراتي-المصري".
وإلى جانب ملف الأزمة الخليجية؛ واصل بن زايد والسيسي جهودهما لتوسيع دائرة الاستثمارات الإماراتية في مصر، فبحثا مشروعاً لرقمنة المناهج التعليمية لشركات إماراتية بأسعار مخفضة، كما بحثا إمكانية استحواذ بعض الشركات الإماراتية على نسب مرتفعة من أسهم الشركات والبنوك الحكومية المصنّفة "ناجحة" التي قررت حكومة السيسي طرحها في البورصة، في إطار "برنامج الإصلاح الاقتصادي"، سعياً للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي خلال 3 سنوات.
وبحسب مصدر حكومي على صلة بملف الطروحات الجديدة، فإن الإمارات مهتمة بالحصول على حصص "كبيرة" من أسهم شركات البترول تحديداً، الأمر الذي قد يؤدي إلى مضاعفة الاستثمارات الإماراتية المباشرة في مصر، التي تتخطى حالياً 22 مليار درهم (6 مليارات دولار)، القسم الأكبر منها في قطاعات الاتصالات والموانئ والبنوك والمجمعات التجارية والاستثمار العقاري.