قررت محكمة جنايات القاهرة المصرية استكمال سماع شهادة وزير الداخلية الأسبق، حبيب العادلي، في القضية المعروفة إعلامياً بـ"اقتحام السجون إبان ثورة 25 يناير 2011"، المتهم فيها الرئيس المعزول، محمد مرسي، و28 آخرون من قيادات جماعة الإخوان البارزة، في جلسة 26 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
وزعم العادلي، في شهادته أمام المحكمة، يوم الأربعاء، أن "25 يناير كانت مؤامرة تعرضت لها مصر من قبل الولايات المتحدة، بهدف إسقاط النظام، وفق خطة أعدّ لها منذ عام 2004، تقوم على استغلال غلاء الأسعار، وقرارات السلطة الحاكمة، ووزارة الداخلية، وذلك بشكل تدريجي حتى خروج المظاهرات التي تطالب بإسقاط وتغيير الحكومة".
واتهم وزير الداخلية في عهد الرئيس المخلوع، حسني مبارك، جماعة الإخوان، وحركة المقاومة الفلسطينية حماس، بالإضافة إلى "حزب الله" اللبناني، وإيران، وأميركا، بالتحالف لإسقاط النظام المصري قبل ثورة 25 يناير، بدعوى أن بعض العناصر الأجنبية جاءت من الحدود الشرقية للبلاد خلال أيام الثورة لاقتحام السجون، بالاتفاق مع قيادات الإخوان.
وقال العادلي: "كانوا يأتون عبر الأنفاق، التي لم تكن معروفة لنا، لأنها بدأت بين قطاع غزة ومصر في فترة الثمانينيات، وبدأت تستخدم في أعمال التهريب، إلى أن أصبحت تمرّ منها سيارات ضخمة، وباتت تستثمر في أشياء تخلّ بأمن الدولة... والأجهزة الأمنية، سواء أمن الدولة أو غيره، كانت تتابع مسألة الأنفاق، وتخبر القوات المسلحة بأنها تسبب أزمة للدولة".
وأضاف: "قبل 25 يناير رصدنا معلومات تفيد بعقد جماعة الإخوان لقاءات مع أعضاء حركتي حماس وحزب الله خارج مصر. وفي عامي 2009 و2010 كانت قيادات التنظيم الدولي للجماعة تتفق معها علانية لإسقاط النظام، وكان التدريب يحدث في إيران. كما رصدنا معلومات عن لقاءات جرت بين الإخوان والسفارة الأميركية بالقاهرة".
وواصل العادلي مزاعمه: "الولايات المتحدة كانت تبرّر الاتصالات مع الجماعة بالحوار، الذي تجريه مع الأحزاب كلها... وأنا ما فتحتش السجون لأحد، واللي فتحها حزب الله وحماس بالاتفاق مع الإخوان... وأمرت بالقبض على الإخوان المشاركين في تظاهرات جمعة الغضب، وضبطنا عدداً كبيراً منهم، ومعهم عناصر من حركة حماس، واحتجزناهم في مديرية أمن 6 أكتوبر".
وزاد: "الإخوان كانوا يعلمون، وهم في السجون، بأبعاد المؤامرة التي تدور في الخارج منذ يوم 25 يناير 2011، وقبل اقتحام السجون بيوم واحد قال أحد القيادات الإخوانية لضابط السجن إنهم سيخرجون من سجنهم... وبالفعل اقتحموا السجون في اليوم الثاني، وهربوا 23 ألف مسجون"، وفقاً لادعاءاته.
وانتقل العادلي إلى الحديث عن تاريخ جماعة الإخوان، وسط حفاوة ظاهرة من هيئة المحكمة، قائلاً إن "تنظيم الجماعة اتجه في بداياته نحو قطاع غزة لنشر أفكاره الإرهابية. وبالفعل تمكن التنظيم من ضم أكبر عدد من الفلسطينيين إلى صفوفه، حتى أصبحت القيادات الفلسطينية ورؤساء التنظيمات هناك من أصل فكر إخواني".
وأشار كذلك إلى أن "جماعة الإخوان عملت كذلك على نشر دعواتها داخل مصر عبر المدارس والجامعات، حتى أمر الرئيس الراحل، جمال عبد الناصر، بطردهم خارج البلاد عام 1965، وحينذاك هربوا خارج البلاد، وعادوا من جديد ليخربوا ويدمروا مصر كلها، فضلاً عن تورطهم في قتل رجال الشرطة الأبرياء"، على حد تعبيره.
وتابع العادلي: "الإرهاب قتل أولادي من العساكر، والإرهابيون استعانوا بالبدو حتى يتمكنوا من التسلل إلى مصر عبر الأنفاق. ورصدنا 50 سيارة كبيرة دخلت عبر الحدود، استخدمت في حمل الأسلحة الثقيلة، وصواريخ (آر بي جي) لهدم السجون... العناصر الإرهابية كانت تأتي من بلدان أخرى، واستعان بهم الإخوان في قتل الأبرياء!".
وقال: "أثناء اجتماع الرئيس مبارك والحكومة في القرية الذكية، قررنا قطع الاتصالات، وقمت بعمل اجتماع مع المساعدين، ودرسنا المعلومات، وأخذنا قراراً بتأمين المتظاهرين، وعدم استخدام السلاح... وفي حالة التصعيد يكون التدخل بالتحذير، ثم باستخدام خراطيم المياه. وكلفت رئيس جهاز أمن الدولة آنذاك بإبلاغ قيادات الإخوان بأنه لن يُسمح بأي مظاهرات غير سلمية".
وختم وزير داخلية مبارك: "لا يوجد ثورة تحركها مخططات أجنبية، والعلاقة بين الإخوان والتنظيمات الدينية الخارجية هي علاقات أساسية... لأن 90% من قيادات حركة حماس من الإخوان، ورؤساء قيادات الجماعات الدينية في الخارج أصولهم إخوان. والجماعة طلبت الخروج في مظاهرات، ورفضت ذلك، وسمحت لهم بعقد مؤتمر وحيد في الاستاد".
وتأتي إعادة المحاكمة بعدما قضت محكمة النقض في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 بإلغاء الأحكام الصادرة بالإعدام والسجن من محكمة أول درجة، ضد المعتقلين المحكوم عليهم حضورياً بالقضية، وعددهم 26 معتقلاً من أصل 131 متهماً، وقررت إعادة المحاكمة من جديد لهم فقط، بعد قبول طعنهم جميعاً، وذلك أمام دائرة أخرى مغايرة للدائرة التي أصدرت الحكم الأول.
وكانت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار شعبان الشامي، قد قضت بالإعدام شنقاً على 107 أشخاص، من بينهم الرئيس المعزول، ومرشد جماعة الإخوان، محمد بديع، ونائب المرشد، محمود عزت، وعضوي مكتب الإرشاد، رشاد بيومي، وعصام العريان، ورئيس مجلس الشعب السابق، محمد سعد الكتاتني، فضلاً عن الداعية الإسلامي المعروف، يوسف القرضاوي.