توصلت لجنة تحقيق من مفوضية الانتخابات العراقية، إلى أنّ عمليات تلاعبٍ حصلت بنتائج الانتخابات البرلمانية، التي جرت السبت الماضي، موضحة أنّ تأخر إعلان النتائج النهائية الرسمية، يعود إلى بحث إمكانية إعادة عملية العد والفرز يدوياً، في عدد من المحافظات.
وقال مسؤول عراقي بارز في بغداد، اليوم الأربعاء، لـ"العربي الجديد"، إنّ "لجنة تحقيق من المفوضية ومجلس القضاء الأعلى، توصلت إلى حصول عمليات تلاعب حقيقية بنتائج الانتخابات في محافظات كركوك والأنبار وصلاح الدين ونينوى وبابل والسليمانية وأربيل، لصالح مرشحين وأحزاب".
وكشف أنّ "تأخر إعلان النتائج النهائية الرسمية للانتخابات العراقية، يعود إلى دراسة المفوضية إمكانية إعادة عملية العد والفرز يدوياً، لعدد من مراكز الاقتراع في تلك المحافظات، بعد قرارها الرسمي، الإثنين، إعادة العد والفرز يدوياً في كركوك فقط".
وكان من المقرر، أن يتم إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية، مساء الإثنين، بعد 48 ساعة من إغلاق صناديق الاقتراع، والانتهاء من العد والفرز الإلكتروني للأصوات، بحسب ما تعهدت به مفوضية الانتخابات، في وقت سابق.
وحتى الآن، أعلنت مفوضية الانتخابات، نتائج جزئية في عدة محافظات، وقالت إنّها تواصل عمليات العد والفرز والتدقيق بالأصوات فيها.
وأظهرت النتائج تصدُّر تحالف "سائرون" بقيادة رجل الدين مقتدى الصدر، وحلفائه العلمانيين والمدنيين، ثم تحالف "النصر" بقيادة رئيس الوزراء العراقي الحالي حيدر العبادي، ثم تحالف "الفتح" الذي يمثّل مليشيات "الحشد الشعبي".
ووفقاً للمسؤول العراقي ذاته، فإنّه من المرجح أن يتم اعتقال ما لا يقل عن 200 موظف في مفوضية الانتخابات، لثبوت تورطهم بمخالفات قانونية، وتلاعب بالنتائج في مراكز اقتراع، بعدد من محافظات البلاد.
وأكد أنّ "غالبية عمليات التزوير، تتورط بها أحزاب إسلامية وكردية، وساهمت تلك العمليات غير القانونية، في صعود مرشحين وإقصاء آخرين".
إلى ذلك، اتهم زعيم "ائتلاف الوطنية" إياد علاوي، المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، بـ"التعمد بحرمان الكثير من العراقيين من حق التصويت"، مطالباً بإعادة الانتخابات بشكل جزئي، في وقت حذّر فيه مسؤولون من فوضى في كركوك، احتجاجاً على النتائج.
وقال علاوي في بيان صحافي، إنّ "المفوضية دأبت على وضع العراقيل والمعوقات أمام المواطنين، وحرمت شريحة كبيرة منهم من المشاركة في الانتخابات، بحجة عدم وجود بطاقات تحديث، فضلاً عما أصاب النازحين واللاجئين".
وأكد أنّ "المفوضية فشلت بتنظيم انتخابات الخارج بصورة نزيهة، حيث سادتها الفوضى، وما دفعها لتمديد الانتخابات لثلاث ساعات في اليوم التالي".
وأوضح أنّ "هذه الفوضى، جاءت بسبب تعنت المفوضية بتحديد موعد الانتخابات في يوم عمل في أغلب الدول، رغم مناشدات الكثيرين من ناخبي الخارج والكيانات السياسية"، معتبراً أنّ "اعتماد المحاصصة في تشكيل مجلس المفوضين، وعدم إشراك القضاء للإشراف على العملية الانتخابية، تسبب بفشل المجلس بإدارة العملية الانتخابية".
ودعا علاوي، إلى "إجراء عد يدوي في المناطق التي جرت فيها خروقات، وقدمت طعونات فيها داخل العراق وخارجه، كما يتعين إعطاء محافظة كركوك الأهمية القصوى في العد اليدوي بسبب الخروقات التي حصلت فيها"، مطالباً بـ"بإعادة النظر بالمخالفات أو إجراء انتخابات جديدة على الأقل في المناطق التي حصلت فيها طعون وخروقات وتزوير وتهديد، أو أن تتحمل المفوضية مسؤولية أي تداعيات سلبية تنتج من التلاعب بإرادة الناخبين".
وكانت مفوضية الانتخابات، قد دعت الأحزاب والتحالفات السياسية، إلى احترام نتائج الانتخابات، والمحافظة على السلم الداخلي، مطالبة المعترضين على النتائج، بتقديم الطعون الخاصة بشكل رسمي، واتباع النهج القانوني في ذلك.
ولقيت نتائج الانتخابات، حالة من الرفض من قبل عدد من التحالفات السياسية، بينما حذّر مسؤولون من حالة فوضى في كركوك المختلطة قومياً، في حال عدم حل أزمة نتائج الانتخابات فيها.
وقال المرشح عن تحالف "الفتح" عبد الرزاق التميمي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الآلاف من أهالي كركوك من العرب والتركمان، سيخرجون، اليوم الأربعاء، إلى الشوارع، احتجاجاً على نتائج الانتخابات".
وأضاف، أنّ "الكتل العربية والتركمانية، لن تسكت على النتائج والتلاعب في أصوات كركوك، وسنتحرك قانونياً لمقاضاة المفوضية، وسنتخذ كل الإجراءات المتاحة لدينا لإعادة الحق إلى أهله".
وحاصر متظاهرون عرب وتركمان؛ غالبيتهم من "الحشد التركماني" أنصار تحالف "الفتح" (الممثل لـ"الحشد الشعبي")، مقر المفوضية العليا للانتخابات، السبت والأحد، متهمين إياها بالتحيّز لصالح الكتل والأحزاب الكردية بالمدينة، ومطالبين بوقف العد الإلكتروني لأصوات الناخبين، وإجراء عد وفرز يدوي.
وفي السياق، حذر مسؤول محلي في كركوك، من "حالة فوضى في المحافظة بسبب نتائج الانتخابات"، وقال لـ"العربي الجديد"، إنّ "قضية انتخابات كركوك تحتاج إلى حلول سياسية، وأن تتدخل الحكومة قبل أن تخرج الأمور عن نصابها".
ونبّه من أنّ "استمرار التحشيد والرفض لنتائج الانتخابات، وعدم تلمس حلول وإجراءات حقيقية من قبل المفوضية، يدفع باتجاه جر المحافظة إلى أزمات خطيرة".