أعلن مصدر أمني مصري أن وزارة الداخلية ستشدد خلال الفترة المقبلة عملية مراقبة المدونات الإلكترونية وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي، للسيطرة مبكراً على أي حراك سياسي أو جماهيري لمناسبة قرب انتخابات الرئاسة 2018. وشدد على أن حملة الاعتقالات التي شنتها الأجهزة الأمنية في بعض المحافظات، وألقت فيها القبض على عدد من النشطاء السياسيين في حزبي "الدستور" و"العيش والحرية"، ومبادرة الفريق الرئاسي، "هي بداية لحملة أوسع ستشمل أيضاً مؤيدي جماعة الإخوان المسلمين، والمروجين لخوض شخصيات سياسية معارضة، أو عسكرية، الانتخابات ضد الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي".
ونوه المصدر إلى أن الاتهامات التي ستوجه للمعتقلين، ومن سيتم توقيفهم ضمن الحملة، سيتم تكييفها وفق قانون الطوارئ، ما يعني محاكمتهم على درجة واحدة فقط غير قابلة للطعن. وأضاف المصدر، الذي يعمل في مصلحة الأمن العام، أن تصرفات جميع الأجهزة الأمنية في هذا السياق "مدعومة بقرارات قضائية، بعدما قدمت مباحث أمن المعلومات العديد من الأدلة على ممارسة عشرات النشطاء أفعالاً مخلة بالنظام العام وتكدر أمن المجتمع، من خلال ترويجهم للشائعات والأكاذيب على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، وإهانة وسب رئيس الجمهورية". وأوضح المصدر أن "هذه الحملة لن تقتصر فقط على النشطاء والصفحات الإلكترونية الحرة، بل ستمتد أيضاً إلى مراقبة المواقع الصحافية الإلكترونية العاملة من دون تصريح، وتعيد بث مواد إخبارية أو آراء ضد النظام"، مشيراً إلى أن المجلس الأعلى للصحافة والإعلام يعكف حالياً على دراسة معايير أمنية وصحافية للتعامل الأمثل مع هذه المواقع، وتهدف إلى تقييد ممارساتها وإخضاعها للرقابة، وإغلاق غير المرخص منها أو التي تبث من مصر رغم تبعيتها إلى جهات أجنبية.
وكشف المصدر أيضاً أن هذه الحملة الأمنية على المجال العام، التي بدأت بتعليمات من الدائرة المخابراتية-الرقابية الخاصة بالسيسي، توازيها حملة أخرى داخل أجهزة الدولة لتضييق الخناق على ضباط الجيش والشرطة والقضاة الذين يجاهرون، بين زملائهم أو على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، بانتقاد النظام أو سياساته المختلفة، تمهيداً لاتخاذ إجراءات مناسبة ضدهم، عبر إبعادهم عن وظائفهم أو توقيع بعض العقوبات عليهم، وصولاً إلى فصلهم من الخدمة، وذلك كله بهدف إخماد أي تحركات مبكرة لبلورة جبهة معارضة، أو ظهور مرشح جاد لرئاسة الجمهورية ما سيعقد حسابات النظام.
وعن سبب شعور النظام بالقلق من الحديث عن الانتخابات الرئاسية، أكد المصدر أن دائرة السيسي تعي جيداً وجود دوائر، في بعض الأجهزة الأمنية والسيادية، تريد تشكيل خطورة على النظام لتصفية الحسابات، أو إيجاد مكان مميز لها في هيكل النظام، خصوصاً بعد تداول عدد من الأسماء التي قد تكلف النظام جزءاً من شعبيته بالفعل، كالقاضيين يحيى دكروري وهشام جنينة، والناشط الحقوقي، خالد علي، والأكاديمي مصطفى حجازي، إلى جانب الأسماء المعتاد طرحها من ذوي الخلفية العسكرية، كأحمد شفيق وسامي عنان. وأشار المصدر الأمني إلى أن دائرة السيسي تعتقد أنها لن تستطيع السيطرة على معظم هذه الأسماء إذا أصبحت جادة في خوض الانتخابات، ما سيمثل عبئاً على النظام، الذي لم يحسم موقفه بعد من الانتخابات، بإجرائها أم تأجيلها، عبر الدعوة أولاً إلى استفتاء لإجراء تعديلات دستورية موسعة، تتضمن من بين بنودها، مد فترة الرئاسة الواحدة إلى 6 سنوات، خصوصاً وأنه لا يبدو أن هناك تراجعاً قريباً عن حالة الطوارئ التي أعلنت، الشهر الماضي، عقب حادثي تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية.
ويعكس حديث المصدر الأمني عن دوافع الحملة الأمنية الحالية خشية النظام من إعلان أي شخصية غير مأمونة الجانب ترشحها باكراً إلى انتخابات الرئاسة، ما يعني بدء أنصار المرشح في التحرك وتكوين قاعدة جماهيرية في الشارع أو بين العاملين في الدولة، وهو ما يعني تكبد النظام تكلفة عالية من الانتقادات الدولية إذا أقدم في مرحلة لاحقة على إرجاء الانتخابات بحجة الطوارئ، أو إجراء تعديل دستوري قبلها.