أثارت تصريحات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أمس الإثنين، في مؤتمر أوقاف القدس الذي انعقد في إسطنبول، غضباً في الطرف الإسرائيلي، بلغ حد التشكيك بديمقراطية النظام في تركيا، واتهام أردوغان بانتهاك حقوق الإنسان بشكل دائم، وأنه معاد لإسرائيل.
وأصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية التي يتولاها رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بياناً شديد اللهجة ضد تصريحات أردوغان، خاصة ما يتعلق بالدعوة إلى الصلاة في المسجد الأقصى والتحذير من تبعات الممارسات والسياسيات الإسرائيلية في القدس المحتلة، ومساعي تشريع قانون منع رفع الأذان بمكبرات الصوت.
وأصدرت الخارجية الإسرائيلية، بناء على تعليمات مباشرة من نتنياهو، رداً استهدف أيضاً أردوغان بشكل شخصي وسعى إلى التشكيك بالديمقراطية في تركيا.
وجاء في البيان أن "من ينتهك حقوق الإنسان بشكل منهجي في بلاده، لا يحق له أن يعظ الديمقراطية الحقيقية الوحيدة في المنطقة. إسرائيل تحرص على ضمان حرية العبادة بشكل كامل لليهود والمسلمين والمسيحيين، وسنواصل ذلك على الرغم من التشويه العاري عن الصحة".
كذلك، شنت الصحف الإسرائيلية هجوماً على أردوغان واتهمته، كما فعلت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، بأنه "يسعى لإلهاب الحرائق في الحرم القدسي الشريف". أما رئيس الكنيست، يولي إدلشتاين، فادّعى، في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية العامة "بأن أردوغان كان وسيبقى عدواً لدولة إسرائيل، وأن العلاقات بين تركيا وإسرائيل لن تعود إلى ما كانت عليه قبل عقدين، ما دام أردوغان يقود السياسة التركية".
في السياق ذاته، كشف المحلل الإسرائيلي يوسي ميلمان، في "معاريف"، أن إسرائيل فوجئت من تصريحات أردوغان ومن توقيتها، واعتبر أنها وقعت على إسرائيل "كالرعد في يوم صاف".
وأضاف ميلمان أن وزارة الخارجية الإسرائيلية، وأجهزة الأمن والخبراء في الشأن التركي، يواجهون صعوبة في فهم توقيت هذا الهجوم، وأنهم حاولوا طرح ثلاثة تفسيرات لذلك، الأول هو الحدث الذي ألقى فيه أردوغان خطابه (مؤتمر أوقاف القدس)، وهو حدث يستدعي انتقادات لاذعة وشديدة، خاصة في ظل سعي الحكومة إلى تشريع قانون منع الأذان عبر مكبرات الصوت، وبالتالي من الصعب توقّع أن يترك أردوغان فرصة كهذه.
التفسير الثاني هو، برأي الجهات الإسرائيلية، بحسب ما يورده ميلمان، يتعلق بطابع الرئيس أردوغان وشخصيته، والاتجاه إلى القول إن ردوده غير متوقعة، وهو ما حدث معه في تعامله مع دول أخرى وقادة آخرين من العالم، لا سيما تعامله مع الرئيس الإسرائيلي السابق، شمعون بيرس، في مؤتمر دافوس الاقتصادي قبل سنوات. وقد يكون هذا الهجوم نوعا من التحذير الأخير لإسرائيل بفعل تعاملها معه، إذ امتنع نتنياهو، كما هو معروف، حتى الآن، عن تهنئة الرئيس أردوغان بفوزه في الاستفتاء الشعبي الأخير، ولم يجر أي اتصال رسمي معه، ولم يوجه له أي برقية بهذا الخصوص، خلافاً لما يقوم به نتنياهو عادة في مثل هذه الحالات.
وجاء الرد الإسرائيلي بارداً، على غرار الردود الأوروبية، وليس مثلا كما فعل الرئيس دونالد ترامب. ويشير ميلمان، في هذا السياق، أيضاً، إلى تعامل الصحافة الإسرائيلية بتشكك مع نتائج الاستفتاء في تركيا، وسعيها الدائم إلى وصف أردوغان بأنه يتصرف كسلطان عثماني.
مع ذلك، يشير ميلمان إلى أن تل أبيب تأمل بأن تكون تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان، تصريحات عابرة، لا يتم تكرارها في المستقبل، وألا تكون مؤشراً لما هو قادم، وأن تواصل العلاقات الثنائية بين البلدين التطور في مسار التطبيع الكامل.
توبيخ السفير التركي
وفي ذات السياق، أوعز نتنياهو باستدعاء السفير التركي لدى تل أبيب وتوبيخه. وأفاد موقع "معاريف" بأن مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية، يوفال روتم، تحدث، اليوم، إلى السفير التركي، كمال أوكم، ووجه له توبيخاً، وذلك على إثر كلام أردوغان.
وأضاف الموقع أن روتم كرر على مسامع السفير التركي ما جاء في بيان الخارجية، أمس، وهو: "أن من ينتهك حقوق الإنسان بشكل منهجي في بلاده لا يستطيع وعظ الديمقراطية الحقيقية الوحيدة في المنطقة، وأن إسرائيل تحرص بشدة على ضمان حرية العبادة التامة لليهود والمسلمين والنصارى، وستواصل ذلك رغم التشويه العاري عن الصحة".