أصيبت الأحزاب الأردنية بخيبة أمل كبيرة في أعقاب إقرار مجلس النواب (الغرفة التشريعية الأولى)، يوم الثلاثاء، مشروع قانون الانتخابات لسنة 2016، من دون الأخذ بأي من المقترحات التي قدّمتها على مشروع القانون، لا سيما تلك المطالبة بتعديل مشروع القانون بما يضمن الإبقاء على القوائم الوطنية التي اعتمدت مرة "يتيمة" في القانون الذي أجريت عليه الانتخابات النيابية الماضية وخصص لها فيه 27 مقعداً، كما أهمل مقترح الأحزاب بوضع نسبة حسم لتحديد القوائم المتنافسة على مستوى الدوائر الانتخابية التي ستمثّل تحت قبة البرلمان.
الأحزاب الأردنية على اختلاف توجهاتها السياسية اجتمعت، في سابقة نادرة، على رفضها لمشروع القانون، الذي ينتظر ليصبح نافذاً إقراره من قبل مجلس الأعيان (الغرفة التشريعية الثانية)، ورفعه إلى الملك عبدالله الثاني للمصادقة عليه. ورأت الأحزاب في القانون تراجعاً عن وعود الإصلاح السياسي التي أعلنها الملك والتي حددها بالوصول من خلال حزمة الإصلاحات القانونية إلى تشكيل حكومات برلمانية من قبل الأغلبية النيابية، وهي الأغلبية النيابية التي لا يمكن تحقيقها من خلال مشروع القانون المقر من قبل النواب، وسط اعتقاد قوي لديهم بأنه سيقر بصيغته الحالية من قبل مجلس الأعيان ويصادق عليه من قبل الملك، مدللين على اعتقادهم ذلك بسرعة وسهولة إقرار النواب لمشروع القانون.
اقرأ أيضاً: الأردن: "قانون الانتخابات" يفجر الخلاف بين الحكومة والأحزاب
يصف الأمين العام لحزب "الجبهة الأردنية الموحدة"، طلال صيتان الماضي، في حديث لـ"العربي الجديد"، يوم إقرار النواب لمشروع القانون بـ"اليوم الحزين"، منتقداً عدم استجابة النواب لأي من الملاحظات المقدّمة من قبل النواب. ويقول الماضي، الذي قدّم لمجلس النواب ملاحظات وقّع عليها 17 حزباً وسطياً، إن "مجلس النواب لم يتعامل مع الملاحظات المقدّمة من قبلنا"، وهو الأمر الذي يدفعه للتشكيك في جديه الحوار الذي أداره مجلس النواب مع الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني والفعاليات الشعبية قبل الشروع بمناقشة القانون.
ويؤكد أن إقرار القانون بصيغته الحالية يمثّل ضربة للحياة السياسية بشكل يعيق تطورها ولا يحقق الرغبة الملكية في الوصول إلى حكومات برلمانية، إذ يحول مشروع القانون دون وصول الأحزاب السياسية إلى مجلس النواب، مع اعتماده القوائم النسبية المفتوحة على مستوى المحافظات، وقسّم المحافظات الكبيرة إلى دوائر انتخابية متعددة دون النص على نسبة حسم. لكن الماضي يؤكد أن إقرار مشروع القانون من قبل النواب يُعتبر خطوة أولى، مشيراً إلى أن الأحزاب ستحاول الضغط على الأعيان لإحداث تعديلات في القانون، مضيفاً: "في حال لم ننجح مع الأعيان، يبقى أمامنا التوجّه إلى الملك".
من جهته، يقول القيادي في حزب "جبهة العمل الإسلامي"، الذارع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، مراد العضايلة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "مشروع القانون لا يؤسس لحياة سياسية أو لحكومات برلمانية، ويؤشر إلى عدم وجود إرادة سياسية في البلاد لإحداث إصلاح سياسي حقيقي". ويوضح أن ترحيب الحزب بمشروع القانون الذي تخلى عن قانون الصوت الواحد المعتمد منذ العام 1993، كان مقروناً بضرورة إجراء تعديلات جوهرية على مشروع القانون، وهي التعديلات التي لم تحدث، والمتمثلة بالقائمة الوطنية والنص على نسبة حسم.
ويشير إلى عدم قدرة القانون على خلق أغلبية نيابية أو صناعة تحالفات بين القوى السياسية، قائلاً: "لن تستطيع أية قائمة في أية محافظة من الحصول على أكثر من مقعد أو مقعدين في أفضل الحالات، نتيجة لعدم وجود نسبة حسم". ويعتبر أن هذا الأمر سيمنع القوى السياسية من التحالف في قائمة واحدة، وفي حال التحالف، فإن المنافسة ستكون داخل القوائم أكثر منها بين القوائم.
وحول خيار لجوء الأحزاب إلى مقاطعة الانتخابات في حال إقرار القانون بصيغته الحالية، يرى الماضي أنه من المبكر الحديث عن المقاطعة، من دون أن يقلل من إمكانية اللجوء إليها. أما العضايلة، فيشير إلى أن قرار المشاركة من المقاطعة يُتخذ من قبل الهيئات المهنية في الحزب، لكنه يرى أن القانون وحده ليس كافياً لاتخاذ ذلك القرار، مؤكداً ضرورة الأخذ بالاعتبار الإجراءات المصاحبة للانتخابات والأجواء السياسية المصاحبة لها، موضحاً أن "قانوناً جيداً وإجراءات وأجواء سيئة، أمر لا يختلف عن قانون سيئ وإجراءات وأجواء جيدة".
يذكر أن وزارة الداخلية منعت اعتصاماً لستة أحزاب سياسية أمام مجلس النواب بالتزامن مع بدء مناقشات مشروع القانون للمطالبة بتعديله، وهو المنع الذي تطور إلى فض بالقوة، الأمر الذي اعتبرته الأحزاب رسالة من الدولة برفض ملاحظاتها.
اقرأ أيضاً: الأردن: إقرار قانون الانتخاب بالتزامن مع زيارة الملك لواشنطن