وقال السفير الإسرائيلي الأسبق في القاهرة حاييم كورين، إنّ "كامب ديفيد" لم تسهم فقط في تعزيز الواقع الأمني والإستراتيجي لإسرائيل، بل أفضت أيضاً إلى إحداث تحوّل على الواقع الاقتصادي في تل أبيب.
وأضاف كورين، في مقابلة أجراها معه موقع "يديعوت أحرنوت"، اليوم الأربعاء، "في نظرة للوراء، فقد ربحت إسرائيل الكثير بعد 40 عاماً على توقيع كامب ديفيد، حيث إنّها تمكّنت من توجيه الموازنات الضخمة التي كانت تخصصها لمواجهة مصر عسكرياً إلى مجالات أخرى، وهذا ما أسهم في تمكين إسرائيل من تطوير اقتصادها".
واستدرك كورين مشدداً على أنّ "صعود عبد الفتاح السيسي إلى سدة الحكم في القاهرة، أفضى إلى تحول غير مسبوق على طابع العلاقة مع مصر".
وأضاف: "الإسرائيليون سيصابون بالصدمة لو تمكّنوا من معرفة عمق التعاون الأمني بين الدولتين، الإسرائيليون لا يعرفون سمات العهد الجيد الذي تشهده العلاقات مع القاهرة، لأنّ كثيراً من أنماط التعاون تتم تحت الطاولة".
وتابع: "نحن بتنا قادرين على العمل مع مصر، وباتت لدينا الحرية للوصول إلى كل مستويات الحكم في القاهرة بشكل لم يسبق له مثيل في أي فترة من الفترات السابقة، فصانعو القرار وكبار السؤولين في القاهرة يدركون أنّ للدولتين قواسم مشتركة ومصالح واسعة، وهم يقرّون أمامنا بإسهام إسرائيل في خدمة المصالح المصرية".
وأردف قائلاً: "مصر تحت حكم السيسي باتت تقود تحالفاً من دول عربية سنية تتعاون مع إسرائيل، من ضمنها الأردن ودول خليجية وعلى رأسها السعودية".
وقال كورين إنّ "العلاقات في عهد السيسي لم تعد وثيقة فقط، بل باتت حميمية، فهذه العلاقات لم تكن في وقت من الأوقات أفضل مما هي عليه الآن".
ولفت إلى أنّ "نظام السيسي يؤدي دوراً مركزياً في تمكين إسرائيل من تحقيق مصالحها في قطاع غزة، من خلال التوسط لدى حركة حماس، ومنع انفجار مواجهات عسكرية معها، حيث إنّ مصر تعد الوسيط المؤتمن بالنسبة لنا في كل ما يتعلق بالجهود الهادفة لتحقيق التهدئة مع غزة"، كما قال.
من ناحيته، دعا "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، إلى توظيف العلاقة مع مصر في تعميق التعاون معها في مواجهة التحديات الإقليمية.
وفي تقدير موقف نشره، اليوم الأربعاء، وأعده كل من الجنرال أودي ديكل الرئيس الأسبق لشعبة التخطيط الإستراتيجي في هيئة أركان الجيش، ونائب مدير المركز والباحث عوفر فنتور، دعا المركز إلى "إغراء مصر" بمواصلة تعميق التعاون مع إسرائيل في الساحة الإقليمية، عبر تمكينها من جني ثمار اقتصادية وتكنولوجية من التعاون مع تل أبيب.
ولفت المركز إلى أنّ كلاً من القيادة الإسرائيلية ومنظمات اللوبي اليهودية في الولايات المتحدة "تعمل جاهدة من أجل ضمان تواصل الدعم الأميركي لنظام السيسي".
واعتبر المركز أنّ "أهم إنجازات السلام مع مصر، يتمثّل في التعاون الوثيق والشراكة بين الجيشين المصري والإسرائيلي في مواجهة الإرهاب في سيناء"، مؤكداً أنّ "هذا التعاون لم يكن يوماً من الأيام أكثر قوة مما هو الآن".
وقال إنّ "التعاون الأمني أسهم في تأمين الحدود، وقلّص إلى حد كبير من تهريب السلاح إلى المقاومة في قطاع غزة، وخفّض عدد مهاجري العمل الأفارقة".
كما لفت إلى أنّ "التعاون الاقتصادي سجّل تقدّماً كبيراً"، مشيراً إلى التوقيع على صفقة تزويد مصر بالغاز الإسرائيلي ومبادرة مصر بتشكيل "منتدى غاز المتوسط" الذي يضم بشكل أساس إسرائيل واليونان وقبرص.
وطالب المركز بإحداث "تحوّل" على نمط العلاقة بين القاهرة وتل أبيب، بحيث يتم تعزيز التواصل بين "الشعبين"، بحيث لا تقتصر العلاقة على القيادات السياسية والأجهزة الأمنية.
وحثّ المركز القيادة الإسرائيلية على الطلب من نظام الحكم في القاهرة، إطلاع الجمهور المصري على "الدور الإيجابي" الذي تقوم به إسرائيل في مواجهة "التحديات الإرهابية" في سيناء، ومنع الجيش المصري من إبداء أي مؤشرات تدلل على أنّه يرى في إسرائيل "عدواً".
وشدّد المركز على أنّ تعزيز الثقة بين الجيشين المصري والإسرائيلي "مطلب ضرورة لتعميق التعاون بينهما، من أجل مواجهة التهديدات في كل من سيناء وقطاع غزة".
ودعا المركز، القيادة الإسرائيلية إلى الطلب من الإدارة الأميركية، "الربط بين الدعم الذي تقدمه للجيش المصري، والتزامه بالعمل على تعميق وتوسيع مظاهر التعاون في المجال المدني".
وأشار إلى أنّ اتفاق السلام مع مصر "تجاوز العديد من التحديات والتقلبات ومهد الطريق أمام تعاظم التعاون الأمني بين الجانبين، بهدف تحقيق مصالح مشتركة".
وفي السياق، قال إيتمار إيخنر مراسل الشؤون العربية في صحيفة "يديعوت أحرنوت"، إنّه يمكن توصيف طابع العلاقة السائد بين إسرائيل ونظام السيسي بأنّها "غرام".
ولفت أيخنر، في تقرير نشره موقع الصحيفة، اليوم الأربعاء، إلى أنّ "إسهامات نظام السيسي في دعم المصالح الإسرائيلية، تتمثل في محاربة عمليات تهريب السلاح للمقاومة في غزة، والتصدي لحفر الأنفاق بين سيناء والقطاع"، مشيراً إلى أنّ "التعاون الأمني والتكامل الميداني، وصل إلى حد قيام سلاح الجو الإسرائيلي بتنفيذ غارات داخل سيناء بالتنسيق مع نظام السيسي".
ووقعت مصر وإسرائيل اتفاقية "كامب ديفيد"، في 17 سبتمبر/أيلول 1978، بين الرئيس المصري محمد أنور السادات، ورئيس وزراء إسرائيل مناحيم بيغن بعد 12 يوماً من المفاوضات في منتجع "كامب ديفيد" الرئاسي في ولاية ميريلاند القريب من عاصمة الولايات المتحدة واشنطن، بإشراف الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر.
وفي 26 مارس/آذار 1979، وعقب محادثات كامب ديفيد، وقع الجانبان على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، وكانت المحاور الرئيسية للمعاهدة هي إنهاء حالة الحرب وإقامة "علاقات ودية" بين مصر وإسرائيل، وانسحاب إسرائيل من سيناء التي احتلتها عام 1967.