بعد العقبات والنقاط الخلافية التي برزت مع بدء وضع اتفاق سوتشي حول إدلب السورية قيد التنفيذ، بدا أن تركيا أطلقت مساعيَ للحفاظ على الاتفاق عبر محاولة تقديم تطمينات للمعارضة السورية، وتحديداً حول اعتراض الأخيرة على الوجود الروسي في المنطقة العازلة المقررة إقامتها في إدلب، لتبقى العقبة الكبرى البارزة أمام تنفيذ الاتفاق هي الفصائل المصنّفة إرهابية وعلى رأسها "هيئة تحرير الشام". وبالتوازي مع الحراك التركي، برز موقف أميركي يشير إلى نيّة واشنطن الحضور بشكل كبير في أي مسعى لرسم مستقبل سورية، عبر الإعلان عن زيادة عدد الدبلوماسيين الأميركيين في سورية، في وقت لا يزال الخلاف حول منطقة شرق الفرات مع أنقرة قائماً.
وبعدما بدا اتفاق سوتشي، الذي وقّعه كلٌّ من روسيا وتركيا في 17 سبتمبر/أيلول الماضي حول شمال سورية وإدلب خصوصاً، وصفةً سحرية لاقت ترحيباً من كل الأطراف، إلا أنه ومع بداية وضع الاتفاق قيد التنفيذ بدأت تظهر مجموعة من النقاط الخلافية في آليات تنفيذه حاول كل طرف الاستفادة من غموض فقراته لصالحه. فالنظام السوري فنّد الاتفاق على أنه مرحلي سيمكّن في مرحلته الأولى من القضاء على التنظيمات المتطرفة، الأمر الذي يسمح له في مرحلة لاحقة بدخول محافظة إدلب بسهولة، سواء عبر عملية عسكرية أو من خلال تسوية أشبه بالمصالحة. أما فصائل المعارضة فوجدت أن الاتفاق يضمن لها على أقل تقدير المحافظة على سلاحها، ومشاركتها في إدارة المنطقة بإشراف تركي، كما يجنّب المدنيين في المنطقة حدوث مجازر قد يرتكبها النظام والروس، ويؤمن لها الفرصة لاستجماع قواها وتوحّدها ضمن جسم عسكري أكثر تنظيماً، فيما كانت الفصائل المصنّفة إرهابية وعلى رأسها "هيئة تحرير الشام"، أكبر الخاسرين في هذه الاتفاقية.
لكن روسيا ومن خلفها النظام حاولا تحوير الاتفاق واللعب على آليات تنفيذه، خصوصاً لجهة محاولة جعل المناطق منزوعة السلاح كلها في مناطق سيطرة المعارضة، والسماح للروس بتسيير دوريات ضمن مناطق المعارضة في المنطقة منزوعة السلاح ومن أجل حماية خطوط الترانزيت (طريقي حلب - اللاذقية وحلب - حماة).
وجاءت ردود الفعل من المعارضة رافضة وجود الروس ضمن المنطقة العازلة، ليدل الرد التركي، وفق تسريبات لمسؤولين في المعارضة، على أن أنقرة تفهّمت هذا المطلب، وأن الأمر حُسم لصالح عدم وجود الروس ضمن المناطق منزوعة السلاح التي تسيطر عليها المعارضة. أما نقطة الخلاف الثانية فهي حول أن المنطقة العازلة ستكون ضمن مناطق المعارضة فقط، فيبدو أن تركيا أبلغت المعارضة أن تلك المنطقة ستكون في غالبيتها ضمن مناطقها، فيما ستكون للروس نقاط مراقبة محددة ضمن مناطق النظام. وفي ما يخص موضوع الإشراف على الطرق السريعة "حلب-اللاذقية"، و"حلب-حماة"، فقد صرح الجانب التركي بأن عملية الإشراف على هذه الطرق ضمن مناطق سيطرة المعارضة ستكون من قبل "الجبهة الوطنية للتحرير" وبإشراف تركي فقط.
وبالنسبة إلى موضوع نزع السلاح من المنطقة العازلة، فقد تبيّن أن الاتفاق هو فقط عبارة عن سحب السلاح الثقيل من تلك المنطقة، وانسحاب كل الفصائل المتطرفة منها، وهو موضوع تم حله جزئياً، في حين يبقى موضوع التعامل مع بعض التنظيمات الأكثر تشدداً كـ"حراس الدين" و"الحزب التركستاني"، والذي لم تتضح حتى اللحظة آليات واضحة للتعامل معها، وكيفية انسحابها.
وفي استمرار لمحاولة أنقرة تقديم تطمينات حول مستقبل إدلب، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس أنه بعد قمة سوتشي (مع نظيره الروسي) "بدأنا بتعزيز نقاط المراقبة في إدلب ومحيطها"، مضيفاً: "الروس يتخذون التدابير اللازمة لوقف تهديدات النظام السوري ضد إدلب، وتركيا تتخذ التدابير اللازمة ضد المتطرفين داخل إدلب، وعندما يستدعي الأمر نتحرك مع روسيا".
وأكد أردوغان، وفي كلمة له أمام الكتلة البرلمانية لحزبه "العدالة والتنمية"، أن قرار إنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب حال دون وقوع مجازر كبيرة في المنطقة، وخلّص تركيا من موجة نزوح ضخمة. وأشار إلى أن اتفاق سوتشي بعث الأمل مجدداً في إعداد دستور جديد لسورية وإجراء انتخابات عادلة وشفافة في هذا البلد. وتابع قائلاً: "كما فعلنا منذ البداية، فإننا سنستمر في مخاطبة الشعب السوري، وسنبحث عن الحلول مع الشعب، وليس النظام".
اقــرأ أيضاً
وأضاف الرئيس التركي أن كل الخطوات التي أقدمت عليها تركيا في الشأن السوري كانت صائبة، و"أنا واثق بأننا سنخرج من امتحان إدلب أيضاً بوجه ناصع". وأشار إلى أن الأزمة السورية باتت مسألة بقاء ووجود بالنسبة إلى تركيا، وأن أنقرة انخرطت في مسار أستانة بعد أن عجزت محادثات جنيف عن تحقيق أي تقدم لحل الأزمة القائمة في سورية. وذكر أن القمم الثلاثية الثلاث التي أجراها مع نظيريه الروسي والإيراني في سوتشي وأنقرة وطهران، حققت نتائج إيجابية على الساحة السورية، وأن قمته الأخيرة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي تُوّجت بوقف الهجوم العسكري على إدلب. ولفت إلى قمة رباعية ستُعقد في إسطنبول بين تركيا وروسيا وفرنسا وألمانيا، "ومن المحتمل أن تعقد نهاية الشهر الحالي أو مطلع الشهر المقبل، وسنبحث فيها الخطوات التي يمكن الإقدام عليها بشأن أزمات المنطقة".
في سياق آخر، تحدث الرئيس التركي عن الخلاف مع الولايات المتحدة حول منطقة شرق الفرات، قائلاً إن "تركيا لا تستطيع التعاون مع الدول الداعمة فكرةَ إقامة ممر إرهابي قرب الأراضي التركية، إلا بعد الاستغناء عن هذه الفكرة". وفي المنحى نفسه، شدد وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، على أنه حان وقت إخراج مسلحي "وحدات حماية الشعب" من مدينة منبج بشكل تام وتسليمها لسكانها المحليين. وفي تصريحات للصحافيين في سويسرا، تطرق إلى الدوريات المشتركة التي من المنتظر أن يسيّرها الجيش التركي والقوات الأميركية في منبج، مشيراً إلى حدوث تأخر في الجدول الزمني بهذا الصدد، مشدداً على أهمية الدوريات التي سيّرتها تركيا والولايات المتحدة بشكل منفصل في منطقة منبج، خلال الفترة الأخيرة، والإجراءات التي قامت بها القوات الأمنية هناك.
كذلك، أفادت وكالة "الأناضول"، نقلاً عن مصادر عسكرية تركية، بأن التحضيرات للقيام بتدريبات مع القوات الأميركية لإجراء دوريات مشتركة في منبج باتت في المرحلة الأخيرة. وأوضحت المصادر أن الخطوات اللازمة تُتخذ للبدء بالتدريبات "في وقت قصير جداً".
في المقابل، كان وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس يعلن من فرنسا أمس، أن عدد الدبلوماسيين الأميركيين في سورية زاد إلى المثلَين. وقال خلال مؤتمر صحافي في باريس مع نظيرته الفرنسية فلورانس بارلي: "الدبلوماسيون الأميركيون هناك على الأرض وزاد عددهم إلى المثلَين". وتابع: "مع تراجع العمليات العسكرية سترون أن الجهود الدبلوماسية الآن تترسخ".
وبعدما بدا اتفاق سوتشي، الذي وقّعه كلٌّ من روسيا وتركيا في 17 سبتمبر/أيلول الماضي حول شمال سورية وإدلب خصوصاً، وصفةً سحرية لاقت ترحيباً من كل الأطراف، إلا أنه ومع بداية وضع الاتفاق قيد التنفيذ بدأت تظهر مجموعة من النقاط الخلافية في آليات تنفيذه حاول كل طرف الاستفادة من غموض فقراته لصالحه. فالنظام السوري فنّد الاتفاق على أنه مرحلي سيمكّن في مرحلته الأولى من القضاء على التنظيمات المتطرفة، الأمر الذي يسمح له في مرحلة لاحقة بدخول محافظة إدلب بسهولة، سواء عبر عملية عسكرية أو من خلال تسوية أشبه بالمصالحة. أما فصائل المعارضة فوجدت أن الاتفاق يضمن لها على أقل تقدير المحافظة على سلاحها، ومشاركتها في إدارة المنطقة بإشراف تركي، كما يجنّب المدنيين في المنطقة حدوث مجازر قد يرتكبها النظام والروس، ويؤمن لها الفرصة لاستجماع قواها وتوحّدها ضمن جسم عسكري أكثر تنظيماً، فيما كانت الفصائل المصنّفة إرهابية وعلى رأسها "هيئة تحرير الشام"، أكبر الخاسرين في هذه الاتفاقية.
لكن روسيا ومن خلفها النظام حاولا تحوير الاتفاق واللعب على آليات تنفيذه، خصوصاً لجهة محاولة جعل المناطق منزوعة السلاح كلها في مناطق سيطرة المعارضة، والسماح للروس بتسيير دوريات ضمن مناطق المعارضة في المنطقة منزوعة السلاح ومن أجل حماية خطوط الترانزيت (طريقي حلب - اللاذقية وحلب - حماة).
وجاءت ردود الفعل من المعارضة رافضة وجود الروس ضمن المنطقة العازلة، ليدل الرد التركي، وفق تسريبات لمسؤولين في المعارضة، على أن أنقرة تفهّمت هذا المطلب، وأن الأمر حُسم لصالح عدم وجود الروس ضمن المناطق منزوعة السلاح التي تسيطر عليها المعارضة. أما نقطة الخلاف الثانية فهي حول أن المنطقة العازلة ستكون ضمن مناطق المعارضة فقط، فيبدو أن تركيا أبلغت المعارضة أن تلك المنطقة ستكون في غالبيتها ضمن مناطقها، فيما ستكون للروس نقاط مراقبة محددة ضمن مناطق النظام. وفي ما يخص موضوع الإشراف على الطرق السريعة "حلب-اللاذقية"، و"حلب-حماة"، فقد صرح الجانب التركي بأن عملية الإشراف على هذه الطرق ضمن مناطق سيطرة المعارضة ستكون من قبل "الجبهة الوطنية للتحرير" وبإشراف تركي فقط.
وفي استمرار لمحاولة أنقرة تقديم تطمينات حول مستقبل إدلب، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس أنه بعد قمة سوتشي (مع نظيره الروسي) "بدأنا بتعزيز نقاط المراقبة في إدلب ومحيطها"، مضيفاً: "الروس يتخذون التدابير اللازمة لوقف تهديدات النظام السوري ضد إدلب، وتركيا تتخذ التدابير اللازمة ضد المتطرفين داخل إدلب، وعندما يستدعي الأمر نتحرك مع روسيا".
وأكد أردوغان، وفي كلمة له أمام الكتلة البرلمانية لحزبه "العدالة والتنمية"، أن قرار إنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب حال دون وقوع مجازر كبيرة في المنطقة، وخلّص تركيا من موجة نزوح ضخمة. وأشار إلى أن اتفاق سوتشي بعث الأمل مجدداً في إعداد دستور جديد لسورية وإجراء انتخابات عادلة وشفافة في هذا البلد. وتابع قائلاً: "كما فعلنا منذ البداية، فإننا سنستمر في مخاطبة الشعب السوري، وسنبحث عن الحلول مع الشعب، وليس النظام".
وأضاف الرئيس التركي أن كل الخطوات التي أقدمت عليها تركيا في الشأن السوري كانت صائبة، و"أنا واثق بأننا سنخرج من امتحان إدلب أيضاً بوجه ناصع". وأشار إلى أن الأزمة السورية باتت مسألة بقاء ووجود بالنسبة إلى تركيا، وأن أنقرة انخرطت في مسار أستانة بعد أن عجزت محادثات جنيف عن تحقيق أي تقدم لحل الأزمة القائمة في سورية. وذكر أن القمم الثلاثية الثلاث التي أجراها مع نظيريه الروسي والإيراني في سوتشي وأنقرة وطهران، حققت نتائج إيجابية على الساحة السورية، وأن قمته الأخيرة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي تُوّجت بوقف الهجوم العسكري على إدلب. ولفت إلى قمة رباعية ستُعقد في إسطنبول بين تركيا وروسيا وفرنسا وألمانيا، "ومن المحتمل أن تعقد نهاية الشهر الحالي أو مطلع الشهر المقبل، وسنبحث فيها الخطوات التي يمكن الإقدام عليها بشأن أزمات المنطقة".
في سياق آخر، تحدث الرئيس التركي عن الخلاف مع الولايات المتحدة حول منطقة شرق الفرات، قائلاً إن "تركيا لا تستطيع التعاون مع الدول الداعمة فكرةَ إقامة ممر إرهابي قرب الأراضي التركية، إلا بعد الاستغناء عن هذه الفكرة". وفي المنحى نفسه، شدد وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، على أنه حان وقت إخراج مسلحي "وحدات حماية الشعب" من مدينة منبج بشكل تام وتسليمها لسكانها المحليين. وفي تصريحات للصحافيين في سويسرا، تطرق إلى الدوريات المشتركة التي من المنتظر أن يسيّرها الجيش التركي والقوات الأميركية في منبج، مشيراً إلى حدوث تأخر في الجدول الزمني بهذا الصدد، مشدداً على أهمية الدوريات التي سيّرتها تركيا والولايات المتحدة بشكل منفصل في منطقة منبج، خلال الفترة الأخيرة، والإجراءات التي قامت بها القوات الأمنية هناك.
في المقابل، كان وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس يعلن من فرنسا أمس، أن عدد الدبلوماسيين الأميركيين في سورية زاد إلى المثلَين. وقال خلال مؤتمر صحافي في باريس مع نظيرته الفرنسية فلورانس بارلي: "الدبلوماسيون الأميركيون هناك على الأرض وزاد عددهم إلى المثلَين". وتابع: "مع تراجع العمليات العسكرية سترون أن الجهود الدبلوماسية الآن تترسخ".