ذكرت مصادر لـ"العربي الجديد" أن رئيس الوزراء الإيطالي جوسيبي كونتي، التقى اليوم الجمعة الرئيس الباجي قايد السبسي، ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، لبحث موقف تونسي "أكثر لينا" بشأن الأزمة الليبية والمهاجرين.
وفيما أشارت البيانات الرسمية إلى أن الضيف الإيطالي أشاد بـ"التجربة الديمقراطية التونسية الناشئة"، وبما تمّ تحقيقه من خطوات كبيرة في مجال تنصيب المؤسسات، واحترام الحريات وحقوق الإنسان، مبرزا حرص إيطاليا على الوقوف إلى جانب تونس في جهودها للنهوض باقتصادها، فإن الملفات المهمة شهدت تباينا واضحا بين البلدين، وخصوصا ملفي الهجرة وليبيا.
وتحاول إيطاليا إقناع تونس بوجهة النظر الأوروبية، لا الإيطالية فقط، بتوفير فضاءات لاستقبال المهاجرين، وهو ما ترفضه تونس بشكل مطلق. وتأكد منذ يومين في موقف الرئيس السبسي لدى زيارته ألمانيا، عندما سئل عن إقامة مراكز لجوء للمهاجرين الأفارقة في دول شمال أفريقيا، بينها تونس، إذ رفض الأمر قائلا: "لا سبيل إلى ذلك"، مضيفا: "لدينا تجربة في هذا المجال ربما ليست لدى أوروبا، ولذلك لن نشارك في عمل كهذا، لأنه ليس في طاقتنا أن نتحمل أعباء اللاجئين التي تخص أوروبا… وعلى كل شخص أن يتحمل نصيبه في هذا الموضوع، وتونس لن تدخل في هذا الأمر".
وبحسب ما نقلته مصادر لـ"العربي الجديد"، فإن كونتي جاء إلى تونس لبحث مواقف "أكثر لينا"، ويبدو أنه استعمل هذه العبارة تحديدا.
واستقبلت تونس عددا كبيرا من المهاجرين الأفارقة عند اندلاع الثورة الليبية، ورفض عدد كبير منهم العودة إلى بلدانهم، وأصرّوا على التوجه إلى دول في أوروبا وأميركا، وأقاموا فيها لسنوات في وضعية استثنائية طويلة.
وشدد رئيس الوزراء الإيطالي على "التعاون الوثيق والمستمر، في التصدي لظاهرة الهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب والتطرّف، وأن البلدين يعملان على تسخير كل الإمكانات لإيجاد الحلول الجذرية، الكفيلة بالقضاء على هذه الظواهر التي تهدد استقرار وأمن البلدين والفضاء المتوسطي الذي يتقاسمانه"، واعدا بتطوير الدعم اللوجستي لتونس، في ما يتعلق بمراقبة الحدود وتطوير التعاون الاقتصادي بين البلدين، ولكن يبدو أنه لن يكون كافيا لإقناع تونس بتغيير وجهة نظرها في هذا الملف.
كونتي أكد من ناحية أخرى، أنه وجه الدعوة للرئيس التونسي للمشاركة في المؤتمر الدولي حول ليبيا، الذي سيعقد بمدينة بالرمو الإيطالية يومي 12 و13 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، مشيدا بـ"الدور الدؤوب الذي تضطلع به تونس في إيجاد تسوية للأزمة الليبية"، وهو أيضا موضع خلاف بين البلدين، إذ سبق لتونس أن عبّرت بوضوح عن دعمها الأجندة الفرنسية بإجراء انتخابات في ليبيا، وتحمّست كثيرا لذلك عند إعلان المشروع، وهو ما لاقى رفضا إيطاليا.
السبسي أعاد التأكيد لضيفه، أن "تحقيق الاستقرار في ليبيا يعدّ عاملا حيويا لضمان أمن واستقرار منطقة شمال أفريقيا والبحر المتوسط"، مضيفا أن "تونس لا تدخر جهدا من أجل حث الأشقاء الليبيين على مواصلة الحوار وتوفير الأسباب التي تساهم في إيجاد تسوية سياسية شاملة ودائمة تضمن وحدة ليبيا واستقرارها"، وهو ما يترجم بحرص تونسي لم يتغير على ضرورة "البحث عن حل ليبي - ليبي من الداخل"، سبق لتونس أن قالت صراحة إنه "يجري تعطيله من الخارج بسبب الخلافات بين الدول التي تتنازع على مصالحها في المنطقة".