تعمل كبرى القوى العسكرية المسيطرة على مدينة إدلب، شمالي سورية، على تفريغها من كافة المقرات العسكرية المتواجدة فيها، لسحب ذريعة النظام وحلفائه، الذين يستهدفون المدينة بغاراتٍ شبه أسبوعية، رغم اتفاقية وقف إطلاق النار التي تشملها منذ 30 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بحجة احتوائها على مقرات "تنظيمات إرهابية". ومنذ سيطرة فصائل "جيش الفتح" على مدينة إدلب، في 28 مارس/ آذار 2015، لم تتوقف غارات الطيران الحربي عن استهداف تلك المدينة بشكل شبه أسبوعي، وارتكاب مجازر عدة، كانت آخرها ليل السابع من فبراير/ شباط الحالي، عندما قُتل نحو ثلاثين مدنياً، بسلسلة غاراتٍ استهدفت أحياء مركز محافظة إدلب، الوحيد من بين مراكز المحافظات السورية الذي تبسط المعارضة نفوذها عليه بالكامل، وتعمل حالياً على إخلائه من المقرات العسكرية.
في هذا الإطار، أكد الناشط الإعلامي المتواجد في مدينة إدلب عامر السيد علي، لـ"العربي الجديد"، أن "لواء عمر الفاروق التابع لحركة أحرار الشام، بادر فعلاً منذ يومين، بإخلاء مقراته من داخل مدينة إدلب لخارجها". وكشف أن "الحركة أصدرت بياناً رسمياً بهذا الخصوص، ذكرت فيه أن إخلاء المقرات من مدينة إدلب يأتي بسبب وحشية النظام وحلفائه من استهداف للأسواق والمستشفيات، وقصفه المتواصل للمدنيين دون تمييز بين كبير وصغير". واعتبرت أن "هذا القصف المتواصل وتدمير البنى التحتية يهدف لخلق فجوة بين الحاضنة الشعبية والفصائل العسكرية". ولقي قرار لواء "عمر الفاروق" بإخلاء مقراته في إدلب، ترحيباً من "مجلس مدينة إدلب" المدني، الذي وصفه بـ"الحكيم"، مطالباً "باقي الفصائل بالحذو حذوه، سداً للذرائع التي يتذرع بها العدوان الروسي والأسدي".
وفي الآونة الأخيرة، بدأ عدد من أهالي المدينة ومنظمات وهيئاتٌ مدنية فيها، بمطالبة الفصائل بإخلاء مقراتها العسكرية، لكثرة الغارات التي تستهدف المدينة، والتي لا يكون ضحاياها غالباً إلا من المدنيين. ورأى عدد من سكان إدلب الذين حاورتهم "العربي الجديد"، أن "إخلاء المقرات وتسليمها لمجلس إدلب المحلي، أمرٌ ضروري لسحب ذريعة النظام والروس في أنهم يقصفون المقرات العسكرية، وفي الحقيقة هم لا يقصفون إلا المدنيين، فجميع الضحايا في المجازر الأخيرة مدنيون".
وكانت لجنة من "جيش الفتح" تدير مدينة إدلب، منذ السيطرة عليها بعد معارك مع قوات النظام قبل نحو سنتين، لحين أن جرى انتخاب أول مجلس مدني للمدينة، في 17 يناير/ كانون الثاني الماضي، ويتألف من 25 عضواً، إذ يشرف على معظم النواحي الخدمية والإغاثية للسكان هناك.