أكد باحث مختص بشؤون الأسرى الفلسطينيين اليوم الجمعة، أنه منذ توقيع اتفاقية "أوسلو"، في الثالث عشر من سبتمبر/أيلول 1993 سجل أكثر من (120) ألف حالة اعتقال، وأن الاعتقالات الإسرائيلية للفلسطينيين لم تتوقف يوما بالرغم من توقيع الاتفاقية، فيما افتتحت سلطات الاحتلال العديد من السجون والمعتقلات لاستيعاب هذه الأعداد الكبيرة من المعتقلين.
وقال مدير موقع "فلسطين خلف القضبان" الباحث المختص بشؤون الأسرى الفلسطينيين عبد الناصر فروانة، "إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي انتهجت الاعتقالات كسياسة واعتمدتها منهجاً وسلوكاً ثابتا منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية، واستخدمتها كوسيلة للعقاب والانتقام، وأحيانا للإذلال والإهانة أو للضغط والابتزاز، حتى أصبحت جزءا أساسيا من منهجية الاحتلال في السيطرة على الشعب الفلسطيني، وباتت الوسيلة الأكثر قمعاً وقهراً وخراباً بالمجتمع الفلسطيني".
وأوضح فروانة أن الاعتقالات منذ اتفاقية "أوسلو" سارت بشكل متعرج، حيث شهدت الفترة الممتدة من 1993-2000 تراجعا ملحوظا، فيما عادت وارتفعت بشكل كبير مع اندلاع "انتفاضة الأقصى" عام 2000، لكن تلك الاعتقالات، وكما الفترة التي سبقت الاتفاق، لم تقتصر على فئة محددة أو شريحة معينة، إنما طاولت فئات وشرائح المجتمع الفلسطيني، ذكورا وإناثا، صغارا وكبارا، ومن المناطق الفلسطينية كافة.
وسجل منذ توقيع اتفاقية "أوسلو" في 13 سبتمبر 1993، اعتقال نحو ألفي فتاة وامرأة، وقرابة 17500 طفل، كما طاولت الاعتقالات بعد "أوسلو" أكثر من نصف أعضاء المجلس التشريعي وعدد من الوزراء ومئات الأكاديميين والصحافيين والعاملين في منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدولية.
وأشار الباحث الفلسطيني إلى "وجود تلازم مقيت وقاس، بين الاعتقالات والتعذيب، حيث إن جميع من مروا بتجربة الاعتقال من الفلسطينيين، خلال الفترة المستعرضة، قد تعرضوا - على الأقل - إلى واحد من أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي والإيذاء المعنوي والمعاملة القاسية، مما يلحق الضرر بالفرد والجماعة، ويعيق تطور الإنسان والمجتمع، وأن القمع والتعذيب والاستهتار بحياة المعتقلين قد تضاعف في السنوات الأخيرة، وأن أكثر من عشرين قانونا استهدف الأسرى، قد نوقش وأقر من قبل الكنيست" (البرلمان الإسرائيلي).
وفي ما يتعلق بالأسرى الشهداء، لفت المصدر نفسه، إلى أن 107 أسرى سقطوا شهداء بعد الاعتقال، منذ توقيع اتفاقية "أوسلو"، نتيجة التعذيب والقتل المتعمد والإهمال الطبي وآخرهم كان الأسير المريض بسام السايح الذي استشهد في الثامن من الشهر الجاري، إضافة إلى عشرات آخرين توفوا بعد خروجهم من السجن بفترات وجيزة متأثرين بأمراض ورثوها عن السجون.
وفي سياق متصل، ذكر فروانة أنه وبالرغم من الأرقام الصادمة في ما يتعلق بالاعتقالات، فإن أكثر من 13 ألف أسير فلسطيني وعربي تم الإفراج عنهم في إطار "العملية السلمية" منذ توقيع اتفاقية "أوسلو"، وأن المئات منهم كانوا يقضون أحكاما بالسجن المؤبد (مدى الحياة)، وأن كثيراً منهم كان قد مضى على اعتقالهم سنوات طويلة، وأن آخر هؤلاء المحررين كانوا "الأسرى القدامى" المعتقلين منذ ما قبل "أوسلو" والذين أطلق سراحهم على ثلاث دفعات خلال عام 2013 بناء على اتفاق فلسطيني-إسرائيلي برعاية أميركية، فيما تنصلت الحكومة الإسرائيلية من الإفراج عن الدفعة الرابعة وعددهم 26 أسيرا، أقدمهم الأسير كريم يونس المعتقل منذ 37 سنة.
وأكد أن "استمرار الاعتقالات واتساعها، وبالرغم من تأثيراتها السلبية وما تلحقه من أضرار على الفرد والمجتمع الفلسطيني، إلا أنها لا يمكن أن تقود إلى أي نوع من السلام، أو أن تؤدي إلى استسلام الشعب الفلسطيني ودفعه نحو التخلي عن حقوقه، إذ لا يمكن فصل السلام عن الحرية، وأن الحرية المنشودة ستبقى منقوصة في ظل استمرار الاعتقالات وبقاء آلاف الفلسطينيين في سجون الاحتلال، فمع حرية الأسرى نقرأ فجر حرية الوطن".
يذكر أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحتجز في سجونها ومعتقلاتها نحو 5700 أسير، بينهم 220 طفلا، و38 أسيرة، و500 معتقل إداري.