لم تكد تمر أشهر على بدء التطبيع الكامل للعلاقات الروسية التركية بعد اعتذار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن حادث إسقاط تركيا للطائرة الحربية الروسية، حتى تعرضت العلاقات بين البلدين لـ"طعنة" أخرى بعد حادثة اغتيال السفير الروسي لدى تركيا، أندريه كارلوف، يوم أمس الاثنين.
إلا أن كبير الباحثين بمعهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فيكتور ناديين رايفسكي، يعتبر أن الاغتيال لن ينسف العلاقات، بل سيزيد من عزم البلدين على التنسيق في الملف السوري.
ويقول ناديين رايفسكي لـ"العربي الجديد"، إن "الواقعة أدت إلى تعزيز حراسة البعثات الدبلوماسية، نظراً لإدراك البلدين أن عملية الاغتيال تهدف إلى إفشال تطبيع العلاقات بينهما".
ويتوقع الباحث الروسي أن "تؤدي الحادثة إلى زيادة مستوى التنسيق في سورية ومحاربة الإرهاب على نحو كيفي"، معتبرا أن "خير دليل على ذلك، هو الإصرار على عقد اللقاء الثلاثي على مستوى وزراء الخارجية بين روسيا وتركيا وإيران في موسكو". ويضيف الخبير أنه "ما كان لنا أن نسمح لمدبري الجريمة بتحقيق أهدافهم".
واعتبر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن اغتيال كارلوف كان يهدف إلى "نسف عملية تطبيع العلاقات بين روسيا وتركيا، وعرقلة مكافحة الإرهاب في سورية".
وفور علمه باغتيال السفير، مساء الاثنين، عقد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اجتماعا مع لافروف ورئيس جهاز الاستخبارات الخارجية، سيرغي ناريشكين، ورئيس جهاز الأمن الفيدرالي، ألكسندر بورتنيكوف، وصف خلاله ما حدث بأنه "يهدف إلى إفشال تطبيع العلاقات الروسية التركية وعملية السلام في سورية التي تروج لها روسيا وتركيا وإيران وغيرها من الدول بنشاط".
ووصف بوتين السفير بأنه كان "دبلوماسياً لامعاً له سمعة طيبة في بلد الإقامة، وعلاقات جيدة مع القيادة التركية والقوى السياسية الأخرى وكان يحظى باحترامها"، ورشحه الرئيس الروسي لنيل جائزة الدولة بعد وفاته.
من جهته، أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في خطاب في مدينة اسطنبول التركية، اليوم الثلاثاء، أنه اتصل ببوتين وأعرب له عن ألمه الشديد إزاء واقعة اغتيال السفير الروسي في تركيا، مشيراً إلى أن تركيا ما تزال "تحقق بالعملية بكل أبعادها، وسنضع الحقيقة أمام الجميع"، موضحاً أنه "تم تشكيل لجنة مع روسيا للتحقيق وبدأت العمل فعلاً".
وأكد أردوغان أن "التعاون مع روسيا سيستمر في كل المجالات وخصوصاً في الملف السوري".
يذكر أن السفير كارلوف (62 عاما)، الذي قتل خلال زيارته معرضا فنيا في أنقرة، بدأ مسيرته الدبلوماسية بعد تخرجه من معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدبلوماسية في عام 1976، وعمل في شبه الجزيرة الكورية لنحو 20 عاما، نظرا لإجادته اللغة الكورية إلى جانب اللغة الإنكليزية، كما سبق له أن شغل مناصب رفيعة بوزارة الخارجية في موسكو، قبل أن يُعيّن سفيرا لدى تركيا في عام 2013.
وتعتبر هذه الواقعة هي أول حادثة اغتيال دبلوماسي روسي من مستوى سفير منذ مقتل مفوض الاتحاد السوفييتي في بولندا، بيوتر فويكوف، في عام 1927.