يلبي الرئيس الإيراني حسن روحاني دعوة رسمية وجّهها إليه نظيره الروسي فلاديمير بوتين لزيارة موسكو، اليوم الإثنين، لتكون المرة التاسعة التي سيلتقي فيها الرئيسان منذ تسلّم روحاني سدة الرئاسة في إيران قبل أقل من أربعة أعوام. يحمل الرئيس الإيراني معه إلى هناك عناوين كثيرة سيبحثها مع المسؤولين الروس، تدل على أهمية التعاون الإيراني الروسي الاستراتيجي خلال هذه المرحلة، وهو التعاون الذي كان يوصف في وقت سابق بتحالف الضرورة، كونه كان محكوماً بمحددات عديدة، جعلت البلدين متقاربين أحياناً ومتباعدين في أحيان أخرى.
معادلة اختلفت في الوقت الراهن، بسبب اتساع مساحة التقاطعات السياسية والاقتصادية بينهما، وهو ما يجعل زيارة روحاني إلى روسيا، يومي الإثنين والثلاثاء، تحمل أهمية بالغة على صعد عدة، أولها يرتبط بالتعاون الثنائي، وثانيها يتعلق بقضايا الإقليم، وثالثها يتسع ليشمل اتفاق البلاد النووي والأطراف الدولية المعنية به.
وأعلن مساعد وزير الخارجية الإيراني إبراهيم رحيم بور، خلال لقاء عقده ونظيره الروسي إيغور مورغولوف، بحضور السفير الإيراني في موسكو مهدي سنايي، أنه تم التجهيز لهذه الزيارة منذ فترة. ونقلت مواقع إيرانية عنه أن من المقرر توقيع ما يقارب عشر اتفاقيات تعاون ستشمل قطاعات مختلفة، ومعظمها اقتصادية، إذ إن حجم التبادل التجاري بين البلدين ارتفع بنحو 80 في المائة في العام الماضي، مقارنة بالعام الذي سبقه. فضلاً عن هذا، ما زال التفاوض مستمراً بينهما حول آليات تطوير السياحة، كما يستعدان لإلغاء التأشيرة عن مواطني البلدين، وهو ملف قد يمضي قدماً خلال زيارة روحاني إلى روسيا.
لكن من أبرز ملفات التعاون الثنائي بين طهران وموسكو، هو المرتبط بالعلاقات العسكرية والتسليحية، فتسليم صواريخ إس 300 لإيران، لا يعني أن الأمور قد انتهت هنا. ودخلت هذه الصواريخ وتجهيزاتها للأراضي الإيرانية العام الماضي، بعد تعليق الصفقة الموقّعة عام 2007، لعدة أعوام بسبب العقوبات التي فُرضت على إيران وبرنامجها النووي. وكان بوتين قد أعاد تفعيل الصفقة المعلّقة حتى قبل التوصل للاتفاق النووي، لتشكّل الخطوة الروسية عربون صداقة مع بدء تشكل ملامح الاتفاق حينها.
ونصبت إيران الصواريخ بالقرب من منشأة فردو النووية القريبة من مدينة قم الواقعة إلى جنوب طهران، وهي المنشأة التي كانت موقعاً لتخصيب اليورانيوم وتحوّلت إلى مؤسسة بحثية بموجب نص الاتفاق. لكن طهران تفاوض روسيا حالياً لشراء الجيل الجديد من هذه الصواريخ، وفق ما أعلن مساعد وزير الخارجية حسين جابري أنصاري في وقت سابق. كما أن أنصاري ووزير الدفاع الإيراني حسين دهقان كانا قد أعربا أيضاً عن نية إيران شراء مقاتلات "سوخوي 30" من روسيا، وأشارا إلى أن البلاد لن تتوانى عن تطوير قدراتها العسكرية وتعزيز التعاون مع موسكو في كافة القطاعات. وأفادت مصادر روسية سابقاً بأن طهران وقّعت مع موسكو اتفاقية عسكرية بقيمة عشرة مليارات دولار، لم تحدد إيران تفاصيلها بعد، على الرغم من تأكيدها ضرورة تطوير هذا الجانب بالذات.
اقــرأ أيضاً
على الضفة الإقليمية، تحمل زيارة روحاني إلى روسيا عناوين تخص الملف السوري بشكل رئيس، فضلاً عن علاقات كليهما مع تركيا، فالتقارب الواضح بين طهران وموسكو في ما يخص سورية أوصل إيران لتصبح طرفاً راعياً وضامناً لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في سورية، الساري المفعول منذ 30 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وهو ما نتج عن اجتماع أستانة 3، الذي عُقد قبل فترة وجيزة، والذي أسفر أيضاً عن اتفاق آخر يتعلق بتشكيل لجنة تركية روسية إيرانية لمراقبة الهدنة، وعقْد الاجتماع التحضيري لأستانة 4 في طهران بتاريخ 17 إبريل/ نيسان المقبل.
وإلى جانب كل الجهود الدبلوماسية السياسية الإيرانية الروسية والتي تصب لصالح نظام بشار الأسد في سورية، لم تنف طهران إمكانية فتح قاعدة همدان الجوية مجدداً أمام المقاتلات الروسية، التي استُخدمت أجواؤها في وقت سابق لضرب مواقع في سورية. وذكر وزير الدفاع حسين دهقان، أن فتح المجال الجوي الإيراني مجدداً أمر محتمل، إذا ما استدعت الظروف، حسب تعبيره.
من جهة ثانية، وعلى الرغم من وجود بعض المنغّصات التي تعتري العلاقات التركية الروسية، وواقع وجود اختلاف في وجهات النظر السياسية حول سورية بين تركيا وإيران، لكن طهران معنية بعلاقاتها الاستراتيجية مع أنقرة كذلك، ويجتمع الطرفان الإيراني والتركي على نقطة هامة للغاية، قد يكون الموقف الروسي غير جلي تجاهها، ألا وهي ملف الأكراد في سورية. وبحسب تسريبات نشرتها صحيفة "موسكوفسكي كومسمولتس" الروسية، فإن ملامح خلاف جديد تلوح في الأفق بين بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، ظهرت عقب استدعاء الخارجية التركية دبلوماسيين روس في أنقرة على خلفية مقتل جندي تركي برصاص قناص كردي من الطرف السوري. ويأتي هذا الأمر بعد إصرار تركي على وقف دعم قوات "حماية الشعب" الكردية، وهو ما لم يوافق عليه بوتين. كما أن تصريحات رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الدوما ليونيد سلوتسكي، أشارت إلى ضرورة تشكيل مناطق حكم ذاتي في سورية، في إشارة للأكراد، وهو ملف يقلق طهران وأنقرة على المدى البعيد.
أما من الناحية الدولية، فيحتل اتفاق طهران النووي مساحة واسعة من العناوين التي يحملها روحاني معه إلى روسيا، فإيران حريصة حتى الآن على استمرار اتفاقها على الرغم من قرارات العقوبات الأميركية الأخيرة، التي رأت أنها تنتهك "روح" الاتفاق، بحسب المصطلح المستخدم إيرانياً، فعندما تتوصل أطراف معينة لاتفاق حول قضية ما، من المفترض أن يتم وقف العقوبات، بحسب الساسة الإيرانيين. ولم تتردد موسكو في انتقاد العقوبات الجديدة علناً كذلك، وهي الطرف الذي يبدو حريصاً على استمرار الاتفاق بالتزامن مع عودة التصعيد الإيراني الأميركي إلى الواجهة.
وإبان الاتفاق النووي، حصلت روسيا على عقد بناء وحدتين نوويتين جديدتين بالقرب من مفاعل بوشهر، جنوبي إيران، بقيمة عشرة مليارات دولار. كما ستبني خمس منصات للتنقيب عن النفط، وتؤدي حالياً دور الوسيط الذي يساعد طهران على تطبيق ما عليها من بنود وتعهدات، ففي فبراير/ شباط الماضي تسلّمت البلاد الدفعة الأخيرة من الكعكة الصفراء، أو اليورانيوم الخام المضغوط والخالي من الشوائب، وهي العملية التي تقوم بها روسيا. في الوقت نفسه، على طهران تسليم الكميات الفائضة لديها من الماء الثقيل والمنتج في مفاعل آراك لموسكو، أيضاً بموجب الاتفاق، لذا فإن الطرف الإيراني معني بالحفاظ على علاقاته الجيدة مع هذا البلد الذي يقوم بدور الوسيط والرقيب بشكل أو بآخر على تطبيق الاتفاق النووي مع القوى الست الكبرى.
اقــرأ أيضاً
معادلة اختلفت في الوقت الراهن، بسبب اتساع مساحة التقاطعات السياسية والاقتصادية بينهما، وهو ما يجعل زيارة روحاني إلى روسيا، يومي الإثنين والثلاثاء، تحمل أهمية بالغة على صعد عدة، أولها يرتبط بالتعاون الثنائي، وثانيها يتعلق بقضايا الإقليم، وثالثها يتسع ليشمل اتفاق البلاد النووي والأطراف الدولية المعنية به.
لكن من أبرز ملفات التعاون الثنائي بين طهران وموسكو، هو المرتبط بالعلاقات العسكرية والتسليحية، فتسليم صواريخ إس 300 لإيران، لا يعني أن الأمور قد انتهت هنا. ودخلت هذه الصواريخ وتجهيزاتها للأراضي الإيرانية العام الماضي، بعد تعليق الصفقة الموقّعة عام 2007، لعدة أعوام بسبب العقوبات التي فُرضت على إيران وبرنامجها النووي. وكان بوتين قد أعاد تفعيل الصفقة المعلّقة حتى قبل التوصل للاتفاق النووي، لتشكّل الخطوة الروسية عربون صداقة مع بدء تشكل ملامح الاتفاق حينها.
ونصبت إيران الصواريخ بالقرب من منشأة فردو النووية القريبة من مدينة قم الواقعة إلى جنوب طهران، وهي المنشأة التي كانت موقعاً لتخصيب اليورانيوم وتحوّلت إلى مؤسسة بحثية بموجب نص الاتفاق. لكن طهران تفاوض روسيا حالياً لشراء الجيل الجديد من هذه الصواريخ، وفق ما أعلن مساعد وزير الخارجية حسين جابري أنصاري في وقت سابق. كما أن أنصاري ووزير الدفاع الإيراني حسين دهقان كانا قد أعربا أيضاً عن نية إيران شراء مقاتلات "سوخوي 30" من روسيا، وأشارا إلى أن البلاد لن تتوانى عن تطوير قدراتها العسكرية وتعزيز التعاون مع موسكو في كافة القطاعات. وأفادت مصادر روسية سابقاً بأن طهران وقّعت مع موسكو اتفاقية عسكرية بقيمة عشرة مليارات دولار، لم تحدد إيران تفاصيلها بعد، على الرغم من تأكيدها ضرورة تطوير هذا الجانب بالذات.
على الضفة الإقليمية، تحمل زيارة روحاني إلى روسيا عناوين تخص الملف السوري بشكل رئيس، فضلاً عن علاقات كليهما مع تركيا، فالتقارب الواضح بين طهران وموسكو في ما يخص سورية أوصل إيران لتصبح طرفاً راعياً وضامناً لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في سورية، الساري المفعول منذ 30 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وهو ما نتج عن اجتماع أستانة 3، الذي عُقد قبل فترة وجيزة، والذي أسفر أيضاً عن اتفاق آخر يتعلق بتشكيل لجنة تركية روسية إيرانية لمراقبة الهدنة، وعقْد الاجتماع التحضيري لأستانة 4 في طهران بتاريخ 17 إبريل/ نيسان المقبل.
وإلى جانب كل الجهود الدبلوماسية السياسية الإيرانية الروسية والتي تصب لصالح نظام بشار الأسد في سورية، لم تنف طهران إمكانية فتح قاعدة همدان الجوية مجدداً أمام المقاتلات الروسية، التي استُخدمت أجواؤها في وقت سابق لضرب مواقع في سورية. وذكر وزير الدفاع حسين دهقان، أن فتح المجال الجوي الإيراني مجدداً أمر محتمل، إذا ما استدعت الظروف، حسب تعبيره.
من جهة ثانية، وعلى الرغم من وجود بعض المنغّصات التي تعتري العلاقات التركية الروسية، وواقع وجود اختلاف في وجهات النظر السياسية حول سورية بين تركيا وإيران، لكن طهران معنية بعلاقاتها الاستراتيجية مع أنقرة كذلك، ويجتمع الطرفان الإيراني والتركي على نقطة هامة للغاية، قد يكون الموقف الروسي غير جلي تجاهها، ألا وهي ملف الأكراد في سورية. وبحسب تسريبات نشرتها صحيفة "موسكوفسكي كومسمولتس" الروسية، فإن ملامح خلاف جديد تلوح في الأفق بين بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، ظهرت عقب استدعاء الخارجية التركية دبلوماسيين روس في أنقرة على خلفية مقتل جندي تركي برصاص قناص كردي من الطرف السوري. ويأتي هذا الأمر بعد إصرار تركي على وقف دعم قوات "حماية الشعب" الكردية، وهو ما لم يوافق عليه بوتين. كما أن تصريحات رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الدوما ليونيد سلوتسكي، أشارت إلى ضرورة تشكيل مناطق حكم ذاتي في سورية، في إشارة للأكراد، وهو ملف يقلق طهران وأنقرة على المدى البعيد.
وإبان الاتفاق النووي، حصلت روسيا على عقد بناء وحدتين نوويتين جديدتين بالقرب من مفاعل بوشهر، جنوبي إيران، بقيمة عشرة مليارات دولار. كما ستبني خمس منصات للتنقيب عن النفط، وتؤدي حالياً دور الوسيط الذي يساعد طهران على تطبيق ما عليها من بنود وتعهدات، ففي فبراير/ شباط الماضي تسلّمت البلاد الدفعة الأخيرة من الكعكة الصفراء، أو اليورانيوم الخام المضغوط والخالي من الشوائب، وهي العملية التي تقوم بها روسيا. في الوقت نفسه، على طهران تسليم الكميات الفائضة لديها من الماء الثقيل والمنتج في مفاعل آراك لموسكو، أيضاً بموجب الاتفاق، لذا فإن الطرف الإيراني معني بالحفاظ على علاقاته الجيدة مع هذا البلد الذي يقوم بدور الوسيط والرقيب بشكل أو بآخر على تطبيق الاتفاق النووي مع القوى الست الكبرى.