أثار حاكم جمهورية الشيشان المنتهية ولايته، رمضان قديروف، الشهر الأخير، جدلاً واسعاً في روسيا، بتصريحاته التي يُشدّد فيها على أنه "لا يطمح في الاستمرار في الحكم"، واضعاً مستقبله تحت تصرّف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وتزامنت تصريحات قديروف المتكررة مع هجومه الشرس على المعارضة "غير النظامية" الروسية، وهي بدورها تتهمه بالضلوع في اغتيال أحد رموزها البارزين، بوريس نيمتسوف، على بعد أمتار من الكرملين قبل أكثر من عام.
من جهته، يرى أليكسي مالاشينكو، رئيس برنامج "الدين والمجتمع والأمن" بمركز "كارنيغي" في موسكو، أن "تصريحات قديروف بأنه لا يريد حكم الشيشان، لم تكن سوى مسرحية ومساومة وابتزاز لبوتين، الذي يدرك أنه لا يوجد بديل مناسب له". ويتساءل مالاشينكو في حديث لـ"العربي الجديد": "أين ستذهب القوات والشخصيات الموالية لقديروف في حال إبعاده؟ ستظهر هناك نقطة غير مستقرة جديدة، وهو أمر لا يتمناه الكرملين بعد أن انشغل بالفعل بمنطقة دونباس (لوغانسك ودونيتسك) في شرق أوكرانيا، وسورية". ويضيف: "ليس هناك بديل لقديروف، نظراً لعلاقته الشخصية ببوتين، كما أنه يسيطر على التدفقات المالية الواردة إلى جمهوريته ويحظى بالاحترام في الشيشان التي بُنيت في سنوات حكمه".
ومن العوامل التي تزيد من رضا الكرملين عن قديروف، تراجع النشاط الإرهابي في الشيشان، وولاؤه هو وسكان جمهوريته لبوتين، وعلاقاته القوية بقادة بلدان العالم الإسلامي والخليج العربي، وترويعه المستمر لمعارضي الكرملين. ولعل أبرز هذه الوقائع تصويبه على القيادي في المعارضة الروسية، ميخائيل كاسيانوف، عبر منظار بندقية قنص على موقع "إنستاغرام" قبل شهرين تقريباً.
اقرأ أيضاً: رمضان قديروف "يصوب" على معارض روسي على "إنستاغرام"
وتُعتبر الشيشان أكثر أقاليم روسيا ولاءً لبوتين، إذ نال الرئيس الروسي تأييد أكثر من 99 في المائة من الشيشانيين في الانتخابات الرئاسية لعام 2012، التي أسفرت عن عودته إلى الرئاسة بعد أن شغل منصب رئيس الوزراء لمدة أربعة أعوام.
وعرف زعيم الشيشان، وهو عضو في المجلس الأعلى لحزب "روسيا الموحدة" الحاكم، بدعمه لسياسات بوتين والتدخل العسكري في سورية، إذ أعرب فور بدء العملية عن استعداده لإرسال جنود شيشانيين للمشاركة في العمليات البرية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) إذا أمر "القائد الأعلى" (أي بوتين) بذلك.
وكان المعارض الروسي، إيليا ياشين، قد اعتبر في تقرير بعنوان "تهديد للأمن القومي" حول النظام الحاكم في الشيشان، أن سبب ولاء القوات الشيشانية لقديروف شخصياً، يعود إلى تشكيل نواتها من الانفصاليين السابقين بعد العفو عنهم والسماح لهم بحمل السلاح من جديد، ولكن تحت قيادة قديروف.
يُذكر أن قديروف (39 عاماً)، بدأ مسيرته كمسلح قاتل ضد القوات الفيدرالية الروسية خلال الحرب الشيشانية الأولى (1994 ـ 1996)، إلا أنه انضم إلى طرف السلطات الفيدرالية في الحرب الشيشانية الثانية (1999 ـ 2000)، وفي عام 2007، عيّنه بوتين رئيساً للشيشان.
اقرأ أيضاً بوتين ورواية محاربة "الجهاديين" سورياً: الخطر اﻷكبر داخل روسيا