استعاد الحراك الاحتجاجي في الجزائر ضد قرار استكشاف الغاز الصخري من الحكومة، زخمه، بعد بدء حملة "وين البترول" في تونس المجاورة، تحديداً بعد التظاهرات التي عصفت في منطقة عين صالح في ورقلة، جنوبي الجزائر، في شهري فبراير/شباط ومارس/آذار الماضيين.
وعلى الرغم من خفوت حدّة التصعيد الشعبي، إلا أن اللجان الشعبية وقوى المجتمع المدني ظلّت متحفزة، إزاء أي قرار جديد من الحكومة بمباشرة استغلال الغاز الصخري أو التقدم خطوة أخرى في هذا الإطار، بعد إعلان الحكومة أن "لا داعي للتظاهرات، فما جرى لم يكن سوى استكشاف لوجود النفط لا التنقيب عنه".
واضطرت الحكومة، بعد الضغط الشعبي والسياسي والإعلامي إلى الكشف عن قرار استكشاف الغاز الصخري. وأعلنت أن "الأمر متعلق باستكشاف من أجل إنجاز دراسة تقنية وفنية، تمتد حتى عام 2022". كما أجبرها الحراك الشعبي على السماح لناشطين مدنيين من اللجان الشعبية في منطقة عين صالح، بزيارة مواقع الحفر. ولاحقاً اضطر الرئيس، عبد العزيز بوتفليقة، إلى إقالة وزير الطاقة، يوسف يوسفي، في التعديل الحكومي الأخير، بسبب فشله في إخماد موجة الحراك الشعبي الاحتجاجي، الرافض لمسألة استغلال الغاز الصخري.
اقرأ أيضاً الطاقات المتجددة في الجزائر: استفاقة العملاق
وبقدر ما أدت هذه التطمينات دورها في تهدئة الشارع، تحديداً في الجنوب الجزائري، بقدر ما أبقت الشارع والفعاليات المدنية متوجسة من خيارات السلطة، خصوصاً أن التجارب السابقة للفعاليات المدنية مع السلطة لا تقدّم إشارة إيجابية في إمكانية احترام الأخيرة التزاماتها.
ويرفض الناشط المدني في لجنة "مناهضة استغلال الغاز الصخري" في جنوب الجزائر، محاد قاسمي، المزاعم التي تتحدث عن "تقلّص مساحة الحراك الشعبي في الأسابيع الأخيرة ضد الغاز الصخري". ويؤكد في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الحراك المدني متحفّز ويقظ، ويتابع كل التفاصيل والتطورات". مشيراً إلى أنه "تمّ توجيه نداء قبل فترة قصيرة إلى كل الجمعيات الناشطة في جميع التراب الوطني وخارجه، للوقوف ضد مشروع الغاز الصخري، الذي هو عبارة عن مشروع تدميري للمياه الجوفية ومستقبل الجزائر، ومفروض علينا من الدول الأوروبية لتعويض الغاز الروسي". ولفت إلى أن "هناك إجماعاً على ضرورة الاستمرار في الحراك الشعبي ضد الغاز الصخري في جميع الولايات، للضغط أكثر على السلطة لتتراجع عن المشروع".
ويتوقع مراقبون انسحاب الحراك الشعبي في تونس، في شأن المطالبة بالشفافية والرقابة على المال العام وعلى عائدات الثروات النفطية، على الحراك الجزائري. وما يزيد من احتمالات الحراك، هو عجز الحكومة عن حلّ المعضلات الاقتصادية والاجتماعية منذ عقود، في ظلّ الخيبة في تحقيق انطلاقة حقيقية، وسط ارتباك سياسي متصل بعجز بوتفليقة عن القيام بكامل صلاحياته، إضافة إلى بدء الحراك السياسي المعارض.
اقرأ أيضاً: ورقلة الجزائرية تُصعّد ضد الغاز الصخري