وأعلن رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس رفضه المشاركة في الندوة. ووجه بن فليس الذي يقود حزب "طلائع الحريات" رسالة إلى بن صالح أبلغه فيها رفضه المشاركة، وجاء فيها "لن أشارك في المشاورات المزمع تنظيمها من طرف رئاسة الدولة والتي دعوتموني إليها، إنني كمواطن أتقاسم مع شعبنا كل مطالبه الشرعية والعادلة، وكمسؤول سياسي يملي عليّ الواجب العمل في حدود إمكاناتي وقدراتي للإسهام في تحقيق هذه المطالب الواعدة بالنسبة للمواطنة الجديدة ولدولة الحق والقانون وللجمهورية الديموقراطية الحديثة".
وكانت الرئاسة الجزائرية قد أعلنت مساء الخميس أن رئيس الدولة عبد القادر بن صالح وجّه دعوات للأحزاب السياسية والمنظمات والجمعيات المدنية وإلى 100 شخصية وطنية وخبراء وشخصيات مختصة في القانون الدستوري للمشاركة في ندوة سياسية تشاورية مقرر عقدها يوم الإثنين المقبل، وقبل ذلك كان بن صالح قد أجرى مشاورات مع رئيس البرلمان السابق عبد العزيز زياري والناشط الحقوقي ميلود براهيمي ورئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد، بصفتهم شخصيات وطنية.
واعتبر بن فليس أن "هذه المشاورات تستبق الأحداث مغالطة وتغليطاً، وهي خارج موضوع الساعة، كما أنها عكسية الجدوى وتستبق الأحداث مغالطة وتغليطاً أيضاً، لأن شعبنا يرى فيها، لا محالة، محاولة يائسة أخرى لتجنب الاستجابة الفعلية لمطالبه الحقيقية، كما أنها خارج موضوع الساعة، لأن الموضوع المطروح وبإلحاح اليوم هو، وبكل وضوح، متعلق برئاسة الدولة ورئاسة المجلس الشعبي الوطني والحكومة".
وأكد المرشح الرئاسي السابق ورئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس أن هذه الندوة ليست ذات جدوى ولن تسهم في حل الأزمة، وقال "إنها ندوة عكسية الجدوى أيضا لأن البلد في سباق ضد الساعة وإنها تسيء استعمال وقت ليس لدينا متسع منه".
والتحقت "الجبهة الوطنية" الجزائرية بركب مقاطعي ندوة الإثنين، وأعلنت رفضها الاستجابة لدعوة بن صالح، إذ أفاد بيان للجبهة، وهي حزب معارض لكنه كان يدعم ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، بأن "انفراج الوضع القائم لا يمكن أن يكون بواسطة الرموز المرفوضة شعبياً، والدعوة للتشاور حول ما يسمى بالانتخابات الرئاسية تفكير لا موضوع له، ما لم يجد الوضع القائم منفرجا يؤدي إلى ضمان كافة مطالب الحراك الشعبي وإرساء سلطة الشعب على أنقاض سلطة النفوذ والفساد المالي والأخلاقي والوصاية الاستعمارية".
بدورها، عبرت حركة "الحكم الراشد"، وهي حزب فتي، عن رفضها المشاركة في اللقاء التشاوري الذي دعا إليه بن صالح، وأكد بيان للحركة أن "مجرد المشاركة تعني إضفاء الشرعية السياسية على السلطة الحالية التي تفتقد إلى الشرعية الشعبية، لا سيما وأن الشعب الجزائري عبر جهارا نهارا عن رفضه لها رئاسة وحكومة".
وأشار البيان إلى أن الجبهة تعتبر نفسها من القوى "التي انخرطت في الحراك الشعبي المبارك المعبر جملة وتفصيلا عن عموم الإرادة الشعبية الطامحة إلى التغيير السلمي والتجديد الإيجابي، وعليه إننا نعلن تمسكنا بضرورة الاستجابة لمطالب الحراك الشعبي الرافض لتنظيم الانتخابات الرئاسية"، ودعت الجبهة إلى استقالة عبد القادر بن صالح من منصبه وعقد اجتماع طارئ للمجلس الأعلى للأمن للإعلان عن تعيين وتنصيب مجلس رئاسي خماسي انتقالي.
وفي وقت سابق، اعتبرت "جبهة العدالة والتنمية" أن ندوة الإثنين التي دعا اليها بن صالح "مشاورات خادعة ودعوة رئيس الدولة المرفوض مرفوضة، لأن الشعب ينتظر الاستجابة لطلبه المتمثل في الذهاب الفوري لبقايا العصابة، وليس القفز على ذلك بفتح سلسلة مشاورات ومفاوضات تركنا شرفها لمن يتقن فن التفاوض على حساب الشعب ويجد راحة في الجلوس حول طاولة العصابة".
كذلك كان رئيس "حركة البناء الوطني" عبد القادر بن قرينة قد أعلن رفض حزبه المشاركة في ندوة المشاورات، واعتبر أن "الحوار جزء من حل للأزمة وليس برمجة لتعقيدها أكثر، لكن عندما يجمع الحوار الضحايا مع الجلادين من قاعدة الحكم التي سرقت أصوات الشعب طيلة 20 سنة، يصبح ذلك تعميقا للأزمة"، ويوم الخميس الماضي أكدت حركة "مجتمع السلم" - إخوان الجزائر - رفضها المشاركة في الندوة، واعتبرتها اعتداء على الإرادة الشعبية وزيادة في تأزيم الأوضاع".
ومن شأن هذه المواقف عزل رئيس الدولة عبد القادر بن صالح ووضعه في موقف حساس في علاقته بمشروعية استمراره في منصبه، خاصة أنه أبرز الشخصيات السياسية التي يطالب الحراك الشعبي بتنحيها من المشهد السياسي لكونه أبرز رموز نظام بوتفليقة.