كشفت مصادر يمنية قريبة من الحكومة، لـ"العربي الجديد"، رفض رئيس الوزراء معين عبد الملك، دعوة وجهتها دولة الإمارات لزيارتها، وذلك بتوجيهات من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، بالتزامن مع عودة مظاهر الأزمة بين أبوظبي والشرعية اليمنية في المحافظات الجنوبية للبلاد.
وأوضحت المصادر أن هادي أحبط أخيراً دعوة إماراتية، وجهتها أبوظبي، لمعين عبد الملك لزيارتها، مشيرة إلى أن الدعوة هي الثالثة من نوعها منذ تسلُمه رئاسة الحكومة الشرعية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وجاء التطور بالتزامن مع بروز مؤشرات متواترة بعودة الأزمة بين الشرعية اليمنية وبين أبوظبي التي تدعم الانفصاليين الجنوبيين، وتدير تشكيلات مسلحة خارجة عن أطر المؤسسات اليمنية الرسمية في المحافظات الجنوبية والشرقية للبلاد. وأخيراً زار عبد الملك، الذي كان أغلب الفترة الماضية في عدن، مقر قيادة التحالف، الذي تقوده الإمارات والسعودية، بالمدينة، وأطلق تصريحات تشيد بدور الإمارات عبر ذراعها "الهلال الأحمر الإماراتي"، فيما بدا محاولة لتخفيف الاحتقان في ظل المعلومات عن اعتذاره قبول الدعوة الموجهة إليه لزيارة أبوظبي.
وكان معين عبد الملك قد تسلم رئاسة الحكومة اليمنية أواخر العام الماضي، خلفاً لرئيس الوزراء السابق أحمد عبيد بن دغر، والذي دخل بخلافات مباشرة مع الإماراتيين، وصلت إلى أوجها في مايو/ أيار 2018، عندما قامت أبوظبي بإرسال قوات عسكرية لاحتلال مطار وميناء جزيرة سقطرى الاستراتيجية أثناء وجود بن دغر على رأس وفد حكومي في الأرخبيل الذي يعد محافظة في التقسيم الإداري. ومنذ تعيينه رئيساً للحكومة، حرص عبد الملك على عدم إثارة الملفات الخلافية مع التحالف الإماراتي السعودي، ووجه جهوده في الملف الاقتصادي، على نحو اعتبره يمنيون بمثابة تنازل عن الملفات السيادية التي تعد على رأس مهام أي حكومة، إلا أنه بدا الثمن المطلوب لتجنب أزمة مع التحالف شبيهة بتلك التي انفجرت مع رئيس الحكومة السابق.
وعلى الرغم من سعي أبوظبي اعتباراً من أواخر مايو/ أيار الماضي، إلى إصلاح علاقاتها مع الحكومة الشرعية، بعد شكوى الأخيرة إلى مجلس الأمن الدولي، إلا أن الأزمة بدأت تطفو مجدداً على السطح خلال الشهور الأخيرة، على هيئة تصريحات لمسؤولين في الحكومة، ينادون بإنهاء الغطاء للتدخل الإماراتي. وبرزت الأزمة، خلال انعقاد مجلس النواب اليمني (البرلمان)، للمرة الأولى منذ سنوات، في مدينة سيئون عاصمة مديريات وادي حضرموت، في وقت سعت فيه أبوظبي لإحباط انعقاد البرلمان في عدن خلال الفترة الماضية. وكانت عدن قد استضافت أخيراً مؤتمر إشهار "الائتلاف الوطني الجنوبي" المؤيد للشرعية، والذي جاء موازياً لما يُعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم إماراتياً. وبدا، من خلال أدبياته والأعضاء المنتخبين لهيئة الرئاسة، بمن فيهم وزراء، وصولاً إلى البيان الختامي، محملاً بالرسائل الحكومية ضد أبوظبي وممارسات التشكيلات التابعة لها خارج أطر الشرعية بالمحافظات الجنوبية للبلاد.
وكان مصدر يمني مقرب من وزير الدولة اليمني الشيخ محمد بن كدة قد قال، يوم الثلاثاء الماضي، إن السلطات السعودية فرضت قيوداً على مغادرته الرياض التي يوجد فيها منذ أشهر. ووفقاً للمصدر، الذي فضّل عدم كشف هويته، لـ"العربي الجديد"، فإن بن كدة، الذي كان في السابق محافظاً لمحافظة المهرة التي تشهد منذ شهور احتجاجات تندّد بالوجود العسكري السعودي، أجرى اتصالات مع قيادات في الحكومة اليمنية اشتكى خلالها من منعه من مغادرة الرياض. وحسب المصدر، فإن بن كدة يوجد في السعودية منذ ثلاثة أشهر بعد استدعائه من الرئاسة اليمنية، ولم يتلق توضيحاً عن أسباب القيود المفروضة على مغادرته.