وأضافت المصادر، لـ"العربي الجديد"، أنه بالتوازي مع تلك الاتصالات، سيتقدّم فريق الدفاع عن عنان بالتماس إلى مكتب الطعون العسكرية لإعادة النظر في الحكمين. ووفقاً لقانون القضاء العسكري، يجوز لمكتب الطعون من تلقاء نفسه، أو بتعليمات من وزير الدفاع، أن يأمر بإعادة القضية لمحكمة أول درجة، بدون أن ترفع القضيتان إلى محكمة الطعن، وبالتالي اعتبار الحكمين الصادرين منعدمين. ويشترط القانون تصديق وزير الدفاع على أي حكم ليتم تنفيذه، سواء بقرار منه أو ممن يفوضه، كما أن هيئة القضاء العسكري تضمّ مكتباً دائماً لفحص الأحكام، يجوز له أيضاً أن يأمر بوقف تنفيذ الحكم وإعادة القضية لدائرة عسكرية أخرى للنظر فيها من جديد.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، نشرت "العربي الجديد" تقريراً قالت فيه مصادر مقربة من أسرة عنان إنّ بعض أفراد أسرته تلقوا تهديدات من شخصيات عسكرية نافذة بأنه سيدان بحكم بالسجن 6 سنوات، إذا لم ينفذ بعض الأمور المطلوبة منه والتي نقلت له من خلال قادة سابقين مقربين لعنان وتجمعهم علاقة جيّدة بالسيسي. واللافت أنّ أحد الحكمين صدر بالمدة العقابية نفسها التي تم التحذير منها سابقاً.
وذكرت المصادر حينها أنّه تم إبلاغ عنان ونجله بأن "الحكم مكتوب فعلاً، ويجب على عنان تقديم بعض التنازلات لتلافي صدوره أو تخفيف العقوبة، سواء في أول درجة أو في الاستئناف". ومن هذه التنازلات المقترحة: التنازل عن بعض أملاكه في منطقة الساحل الشمالي والتبرع بها للجيش، الإبلاغ عن الشخصيات التي تعاون معها في الجيش والاستخبارات العامة على مدى السنوات الثلاث السابقة، والإبلاغ عن الأشخاص الذين تعاون معهم في تهريب وحفظ المستندات التي كانت بحوزته عن فترة عضويته في المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي حكم مصر بين عامي 2011 و2012.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، كشفت المصادر لـ"العربي الجديد"، عن مفاوضات بين عنان والقضاء العسكري لتسوية القضية الخاصة بتحقيق ربح غير مشروع خلال فترة رئاسته للأركان، وذلك بعد انتهاء مصلحة الخبراء التابعة لوزارة العدل من إعداد تقارير محاسبية مفصلة عن عمليات إنشاء بعض دور واستراحات الدفاع الجوي التابعة للجيش، ارتباطاً باتهامات يواجهها عنان ونجله سمير في قضية الكسب غير المشروع القائمة على عشرات البلاغات التي كانت مجمدة منذ عام 2012 في وقائع تتعلق بالفساد واستغلال النفوذ والتربح من تجارة أراض حصل عليها عنان بحكم وظيفته العسكرية.
وكانت النيابة العسكرية قد أخلت سبيل عنان في هذه القضية مع استمرار حبسه في قضية مخالفة الاستدعاء العسكري بإعلان ترشحه للرئاسة، ثمّ قضية تزوير بياناته وإدراج اسمه في قاعدة بيانات الناخبين. كما حبست نجله سمير أياماً عدة لحين دفع كفالة لكليهما بلغت نحو مليوني جنيه، على ذمة اتهامهما بالكسب غير المشروع والفساد المالي.
وأوضحت المصادر أنّ عنان عرض التبرع بعدد من ممتلكاته العقارية لصالح الجيش، لكن القضاء العسكري يرفض هذا التبرع باعتباره يعدّ تهرباً من الاتهام، وما زال يحاول إجباره على تقديم طلب للتصالح مقابل إسقاط العقوبة، وهو ما يخشى عنان أن يكون مدخلاً لفتح قضايا أخرى له، لأنه يصرّ على صحة موقفه القانوني وأنه لم يرتكب مخالفات.
ولا تحقّق النيابة العسكرية فقط في فترة رئاسة عنان للأركان، بل تحقّق كذلك في الصلة بين تضخّم ثروته وإمكانية وقوع مخالفات مالية في إنشاء بعض الدور والأندية التي كان عنان مشرفاً على إنشائها خلال رئاسته لسلاح الدفاع الجوي. إذ كانت إدارة كل سلاح تتولى التصرّف في الأموال المخصصة لها لإنشاء مشاريع ذات طبيعة استثمارية ربحية تدرّ دخلاً لصناديق رعاية أعضائها صحياً واجتماعياً. هذا فضلاً عن التحقيق في مخالفات مالية قديمة بشأن منتجعات تابعة لسلاح الدفاع الجوي ثمّ منتجعات مغلقة تابعة لقيادة الجيش، كان عنان يتولّى إدارتها مالياً بتفويض من وزير الدفاع آنذاك المشير حسين طنطاوي.
ويتضمّن هذا الملف اتهاماً لعنان بممارسة أعمال "سمسرة" للتربّح من إعادة بيع أراض كانت مخصصة للجيش وتقرّر التصرّف بها، وكذلك من عمليات شراء و"تسقيع" أراض بور لإعادة بيعها بعد دخولها للحيز العمراني، استغلالاً للمعلومات التي كان يحصل عليها مبكراً عن خطط التوسّع العمراني في مناطق الساحل الشمالي، غرب الإسكندرية، بالتنسيق مع وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان.
ويملك عنان وزوجته ونجله حالياً مجموعة متنوعة من العقارات والمزارع والأراضي الفضاء بمارينا وسيدي كرير والقاهرة الجديدة وطريق مصر - الإسكندرية الصحراوي، بعدما كان كل ما يملكه قبل 20 عاماً شقة بعمارات الضباط بمنطقة الرماية بالجيزة. وأوضحت المصادر أن عنان يرى أنّ هذه القضية أخطر عليه وعلى أسرته من القضيتين الأخريين المحبوس على ذمتهما.
وكانت القيادة العامة للجيش قد أصدرت في يناير/ كانون الثاني 2018 بياناً اتهمت فيه عنان بارتكاب جرائم عدة، بعدما طالب في شريط مسجّل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية بـ"الوقوف على الحياد بين جميع المرشحين، وعدم الانحياز غير الدستوري لرئيس قد يغادر منصبه خلال أشهر قليلة"، معلناً منافسته للسيسي. وسرعان ما تمّ اعتقاله ثمّ اعتقال معاونه، الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة، بعد تصريحات له عن امتلاك عنان أدلّة في الخارج تدين قيادات في الجيش. وقد صدر ضد جنينة حكم بالحبس 5 سنوات لاتهامه بأنه أذاع عمداً في الخارج أخباراً كاذبة حول الأوضاع الداخلية للبلاد.