وقالت المصادر، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، إن رئيس الائتلاف، محمد السويدي، تواصل مع بعض رؤساء الهيئات البرلمانية للأحزاب غير المنضوية تحت لواء الائتلاف، وعلى رأسها "المصريين الأحرار" و"الوفد"، بشأن إبداء الرأي حول المواد المقترحة للتعديل، ومدى إمكانية تضمنها "حذف قيد عدم جواز إعادة انتخاب رئيس البلاد لأكثر من فترتين رئاسيتين (8 سنوات)". وأضافت المصادر أن ائتلاف "دعم مصر"، المشكل بمعرفة الأجهزة الاستخباراتية، يتمسك بتعديل الدستور خلال الدورة التشريعية الحالية، في ضوء سيطرته الكاملة على مقاليد الأمور داخل البرلمان القائم، ووجود تخوف من طرح التعديل أمام تشكيل جديد لمجلس النواب في العام الأخير من الولاية الثانية للرئيس عبد الفتاح السيسي، تحسباً لحصول المعارضة على كتلة تصويتية مؤثرة لعرقلة التعديل.
وأفادت المصادر بأن التعديل سيطاول المواد المتعلقة بدعوة مجلس النواب إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بناءً على طلب موقع من أغلبية أعضائه، بحجة ما قد تحدثه من صدام لاحق بين سلطات الدولة، في حالة حدوث عدم استقرار سياسي، أو وصول برلمان يغلب على تشكيله معارضون لرئيس الجمهورية، على خلاف الوضع الراهن. وأشارت المصادر النيابية إلى شمول مسودة التعديل المادة الخاصة بتحصين منصب وزير الدفاع لدورتين رئاسيتين (8 سنوات)، اعتباراً من تاريخ نفاذ الدستور في العام 2014، باعتبار أن المادة مرتبطة بمدة ولاية رئيس الجمهورية، مشيرة إلى أنه "سيتم إعطاء المؤسسة العسكرية الحق في ترشيح ثلاثة أسماء لمنصب وزير الدفاع، ليختار السيسي من بينها". وتابعت إن "التعديل يستهدف منح رئيس الجمهورية حق إعفاء الحكومة من أداء عملها، واختيار الوزراء، حال إقالتهم أو استقالتهم، من دون العودة إلى مجلس النواب وأخذ موافقة أغلبية أعضائه، بحسب الدستور الحالي، علاوة على تخفيف قيد إعلان رئيس الجمهورية للحرب، أو إرسال القوات المسلحة في مهمة قتالية إلى خارج حدود الدولة، بتأييد أغلبية البرلمان، عوضاً عن موافقة ثلثي أعضائه".
وكان عضو ائتلاف الأغلبية النيابية، إسماعيل نصر الدين، أعلن، في فبراير/شباط 2017، إعداد اقتراح بتعديل 6 مواد دستورية، تسمح بترشح رئيس الجمهورية عدداً لانهائياً من المرات، بدعوى أنه "لا غضاضة من الناحية الدستورية في مسألة وضع دستور جديد أو تعديله، إذ إن وضع دستور جديد للبلاد يختلف عن تعديل الدستور القائم". ونصت المادة 226 من الدستور المصري على أن "لرئيس الجمهورية، أو لخُمس أعضاء مجلس النواب، طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، متضمناً المواد المطلوب تعديلها، وأسباب التعديل، وفصل البرلمان في الطلب خلال 30 يوماً، مع اشتراط موافقة ثلثي أعضائه على طلب التعديل، وعرضه على الشعب للاستفتاء خلال 30 يوماً من تاريخ الموافقة".
يذكر أن أحاديث التعديل الدستوري كانت ظهرت بشكل واضح وصريح العام الماضي، من خلال مشروع قانون تقدم به إسماعيل نصر الدين، قبل سحبه، بعد ضجة شديدة أثيرت خلال تلك الفترة، وتحديداً بداية فبراير/شباط العام الماضي. وتم إغلاق هذا الملف مؤقتاً، بعد زيارة رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، إلى الكونغرس الأميركي، والتأكيد على عدم وجود مخطط لتعديل الدستور، وأن المقترح المقدم لم يعرض للنقاش داخل البرلمان المصري. كما أن السيسي تحدث أيضاً عن عدم رغبته بتعديل الدستور. لكن مخطط تعديل الدستور لم يتوقف، وكان هناك اتجاه بتأجيل الموضوع فقط، إلى حين الانتهاء من الانتخابات الرئاسية، خصوصاً بعد رفض أميركي لهذه الخطوة.
وخرج بعض المقربين من النظام المصري، وتحديداً الإعلامي المقرب من الأجهزة الأمنية والسيادية، عماد الدين أديب، ومن بعده رئيس مكتبة الإسكندرية، مصطفى الفقي، بنفس الرسالة تقريباً، وهي أن فترة الثماني سنوات ليست كافية للرئيس، وفقاً للنص الدستوري، الذي يحدد مدة ولاية الرئيس بأربع سنوات، وألا تزيد فترات الرئاسة عن فترتين فقط. وأشارت مصادر قريبة من دوائر اتخاذ القرار إلى أن تصريحات أديب والفقي عبارة عن محاولة الترويج لمسألة تعديل الدستور. لكن مصادر مقربة من دوائر اتخاذ القرار أوضحت أن تصريحات أديب والفقي جاءت مبكرة للغاية، إذ إنها صدرت حتى قبل الإعلان الرسمي لنتيجة الانتخابات الرئاسية، وهو ما قد يكون له انعكاسات سلبية. وتابعت المصادر، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن تراجع الحديث عن تعديل الدستور جاء بسبب الرفض الغربي، وتحديداً الأميركي، موضحة أن الملف جاهز تماماً، بانتظار إشارة انطلاق مناقشة الأمر والتعديل، وأن هذا الأمر يتوقف على قرار من القيادة السياسية للدولة، إذ لا يمكن تحريك الملف بشكل منفرد تحت قبة البرلمان، لأن له أبعاداً دولية وإقليمية. واعتبرت أن التغييرات في الإدارة الأميركية، عبر إقالة وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، مؤشر إيجابي لتمرير التعديلات، خصوصاً أنه كان يعارض التوجهات الحالية للنظام.
وأكدت المصادر أنه تم طرح مسألة تعديل الدستور المصري لدى دوائر في الإدارة الأميركية قبل الانتخابات الرئاسية في مصر، لكن الرد جاء بأن هذه المسألة ليست سهلة، وتحتاج إلى تمهيد داخل أميركا، وهذا ربما يفسر التحرك السريع للتعاقد مع شركات لتحسين صورة النظام المصري هناك. من جانبه، قال خبير سياسي في مركز "الأهرام"، لـ"العربي الجديد"، إن مسألة تعديل الدستور أمر غير سهل على الإطلاق، وإلا لكان السيسي أقدم على هذه الخطوة قبل الانتخابات الرئاسية، حتى تكون فترته الثانية لمدة 6 سنوات وليس 4 سنوات كما ينص الدستور حالياً. وأشار إلى أن مسألة تعديل الدستور حساسة لدى المجتمع الدولي، وتحديداً أميركا وأوروبا، خصوصاً أن الإقدام على تعديل جذري، بحيث تكون الفترات الرئاسية مفتوحة وغير مقيدة، يُدخل مصر في تصنيف سيئ للغاية، مثل الصين. وأكد أن العالم لم يعد يتقبل مسألة وجود فترات رئاسية مفتوحة، بل على العكس يريد من الجميع التقيد بفترتين فقط، بغض النظر عن مدتهما، ولذلك قد يكون أسهل على النظام الحالي زيادة مدة ولاية الفترة الرئاسية الواحدة. وكانت مصادر خاصة أكدت، لـ"العربي الجديد" في وقت سابق، أن هناك اتجاهاً لتعديل الدستور بعد الانتخابات الرئاسية، خصوصاً مع ضمانة فوز السيسي، لوجود مرشح ضعيف أمامه، وهو موسى مصطفى موسى، الذي تقدم بأوراق ترشحه في الدقائق الأخيرة قبل غلق باب الترشح، ليكون جزءاً من "الديكور"، حتى لا تتحول الانتخابات إلى استفتاء على السيسي.