ظهرت بوادر خلاف بين الائتلاف الوطني السوري وبين هيئة التنسيق الوطنية، على خلفية تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها حسن عبد العظيم، وهو الأمين العام للهيئة، أشار فيها إلى "صعوبة استبعاد بشار الأسد عن السلطة في بداية مرحلة انتقالية في سورية، وتأمل الأمم المتحدة أن تبدأ قبل نهاية الصيف الجاري".
في السياق، جدد رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أنس العبدة، التأكيد على أنه لن يكون للأسد، وما أسماهم "زمرة القتلة الذين يحيطون به"، دور في مستقبل سورية في أي تسوية سياسية مقبلة.
وقال، في بيان صدر عنه الاثنين، إنه يجدد "باسم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، التأكيد على ثوابت الائتلاف تجاه أي حل في سورية، وأولها أنه لن يكون هناك دور للمجرم بشار الأسد، وزمرة القتلة الذين يحيطون به، والملطخة أيديهم بدماء مئات آلاف السوريين، في أي مرحلة انتقالية ذات مصداقية، كما لن يكون لهم دور في مستقبل سورية".
وجاء البيان، رداً على تصريحات صحافية من حسن عبد العظيم، أصدرها الأحد الماضي، واعتبرها مراقبون "مفاجئة"، مفادها أنه "لا يمكن بدء المرحلة الانتقالية بمعزل عن الأسد، ولا بد من بقائه في السلطة لما لا يقل عن ستة أشهر، قبل أن يسلم مقاليد الحكم للسلطة الانتقالية"، مشيراً إلى أن "جميع مفاصل السلطتين التشريعية والتنفيذية بيد الأسد في الوقت الراهن، فضلاً عن ولاء الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة له" على حد قوله.
ويعد الائتلاف الوطني، أبرز قوى المعارضة السورية في الخارج، ويضم تيارات وهيئات وأحزابا سياسية معارضة، إضافة إلى شخصيات تمثل الجيش السوري الحر، والحراك الثوري. فيما تعد هيئة التنسيق الوطنية أبرز قوى معارضة الداخل، وتضم أحزاباً سورية تنتمي للمعارضة التقليدية، وهي متهمة بـ"مهادنة النظام"، وعدم الإصرار على رحيل بشار الأسد في التسوية السياسية، وتعتقد أن بـ"الإمكان إصلاح النظام من داخله، كي لا تنهار الدولة السورية في حال سقوطه".
كما يعد كل من الائتلاف الوطني، وهيئة التنسيق، ركيزتي الهيئة العليا للمفاوضات، التي انبثقت عن اجتماعهما مع قوى وتيارات معارضة أخرى في العاصمة السعودية الرياض، أواخر العام الماصي، لتتولى مهام التفاوض مع النظام لإيجاد تسوية سياسية في سورية.
ومن هذا المنطلق، شدد العبدة على أن الائتلاف الوطني شارك في اجتماعات الرياض، استناداً إلى موقف رافض لبقاء الأسد في السلطة. مضيفاً أنه "وعليه، فإن الائتلاف يرفض أي مبادرة أو تحرك يترك الباب مفتوحاً لبقاء مصير الشعب السوري تحت سيطرة المجرمين والقتلة، ولا يقطع بشكل حاسم مع سلطة الاستبداد والقتل والقمع المجرمة التي تسلطت على السوريين طوال عقود".
وأكد العبدة أن الائتلاف الوطني "لن يقبل، من أي جهة أو طرف، العمل على تسويق النظام أو رأسه، أو أي ركن من أركانه، كجزء أو طرف من الحل"، مشيراً إلى أن لقاء الائتلاف الوطني مع أي طرف سوري "ينبع من إيماننا الأكيد بضرورة التواصل المستمر، والانفتاح على مختلف مكونات الشعب السوري، طالما جاء ذلك في ظل الحفاظ على مبادئنا التي خرجت بها ثورتنا وشعبنا" وفق ما جاء في البيان.
من جانبه، قال نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري، موفق نيربية، إن "تصريحات عبد العظيم كانت مفاجئة لنا، خاصة أنها جاءت إثر اجتماعات مطولة عُقدت أخيراً في بروكسل لتنسيق المواقف والرؤى بين الائتلاف وبين هيئة التنسيق، بما يخص العملية السياسية ومستقبل سورية برمّته".
وأكد نيربية، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن مسألة رحيل الأسد محسومة، ولم يجر تناول هذا الأمر خلال اجتماعات بروكسل كما قال عبد العظيم، موضحاً أن الائتلاف حريص على وحدة صف المعارضة السورية، "ومن أجل ذلك كان الحوار مع هيئة التنسيق وغيرها من تيارات وقوى المعارضة".
وتابع المتحدث ذاته، أن هناك محاولات جادة لـ"تطويق الخلاف مع هيئة التنسيق الوطنية"، مشيراً إلى أن "تصريحات عبد العظيم لم تكن موفقة، وهي تعبّر عن رأيه وليس عن رأي هيئة التنسيق الوطنية المتمسكة بمخرجات مؤتمر الرياض، والتي تنص صراحة على أنه ليس للأسد مكان في أي تسوية سياسية تحت رعاية أممية".
وأمِلَ نيربية، في حديثه لـ"العربي الجديد"، في ألا ينقطع الحوار بين الائتلاف الوطني وبين هيئة التنسيق الوطنية، رغم تصريحات عبد العظيم المثيرة للجدل، متوقعاً أنه لن تطرح مسألة استبعاد هيئة التنسيق الوطنية من الهيئة العليا للمفاوضات.
كما ذكر نيربية، أن هناك قوى إقليمية ودولية، تسعى إلى تأجيج الخلاف بين مكونات المعارضة السورية، من أجل إضعاف موقفها التفاوضي.