ولم يوفر العميد ابراهيم أي أسلوب من أساليب التخاطب، في محاولة حسم الخلاف، بشأن تحقيق طلبات الدفاع في "تأمين محاكمة عادلة للأسير". حيث ضرب العميد بيده مرتين تحت قوس المحكمة، وصرخ بوجه المحامي أنطوان نعمة، أحد موكلي الأسير، قائلاً:"نحن رب القانون! نحن رب العدالة".
وسبق صراخ العميد إبراهيم، محاولة ممثل النيابة العامة، تفنيد الطلبات التي رفعها فريق الدفاع عن الأسير والرد عليها، لثني المحامين عن قرار "مقاطعة جلسات المحاكمة، حتى تحقيق المطالب". إذ قدّم المحامي نعمة الطلبات بمطالعة عامة، عبّر فيها عن "حرصه على حسن سير المحاكمة وتحقيق شروط المحاكمة العادلة لموكله"، قبل أن يطلب من المحكمة "النظر فوراً في الإخبار الذي تقدمنا به، ويظهر الطرف الثالث (سرايا المقاومة التابعة لحزب الله) الذي أطلق الرصاصة الأولى، في معركة عبرا عام 2013".
كما طلب نعمة الحق في الاطلاع على التحقيق، الذي أجراه جهاز الأمن العام اللبناني مع الشيخ الأسير، بعيد توقيفه في مطار بيروت في أغسطس/آب العام الماضي، مؤكداً أن "قلم المحكمة رفض طلب الدفاع في الاطلاع على الملف وتصويره"، وهو ما نفاه العميد إبراهيم.
وتُجمع مصادر حقوقية متابعة لقضية الأسير، أن تحقيق الأمن العام معه، يضم الكم الأكبر والأغزر من المعلومات عن معركة عبرا، وعن علاقات الأسير السياسية والأمنية في لبنان وسورية أيضاً. كما طلب المحامي نعمة أيضاً "نقل الأسير من سجن الريحانية الذي يعامل فيه معاملة سيئة، مع خضوعه للتمييز، بسبب معاملة باقي موقوفي السجن، وكأنهم في منازلهم".
طلب فصل ملف الأسير عن باقي الموقوفين
وبعد فشل العميد إبراهيم في حسم النقاش مع موكل الأسير، تولى ممثل النيابة العامة الرد، فطغى صوته على أصوات المحامين والصحافيين. ووضع الحجار "كل ما تقدم به محامي الدفاع" في إطار "استعراض إعلامي، هدفه الضغط على النيابة العامة التي تدرس طلب نقل الأسير إلى مركز توقيف آخر، وهو طلب تتم دراسته أمنياً وإنسانياً ولن ينفع الضغط علينا فيه". ثم انتقل الحجار إلى نقض طلبات الدفاع، الواحد تلو الآخر، فاعتبر أن "الفصل التقني والقانوني قائم وجائز، بين الدعوى التي يواجهها الأسير، وبين الإخبار الذي تقدم به فريق الدفاع عنه".
وسجل ممثل النيابة تحفظه على موضوع التمييز بين السجناء في سجن الريحانية العسكري، معتبراً أنه "غير مرتبط بسير المحاكمة أساساً". واتهم الحجار فريق الدفاع عن الأسير، بـ"تعمّد تعطيل محاكمة باقي الموقوفين في نفس القضية مع الأسير، بحجة ملف الأمن العام الذي أكد العميد إبراهيم إمكانية حصولكم عليه". وهو الموقف الذي تلقفته المحامية زينة المصري، موكلة عدد من الموقفين في قضية عبرا، مطالبة هيئة المحكمة، بـ"فصل ملف الأسير عن ملفات باقي الموقوفين، الذي تعطلت محاكمتهم منذ توقيف الأسير قبل عام".
ورفضت المصري محاولة ممثل النيابة والعميد إبراهيم، دفعها لتبني موقف ضد محامي الأسير بصفتهم مسؤولين عن التعطيل، مجددةً المطالبة بفصل الملفات، "بسبب المعاناة الإنسانية التي فرضها تأجيل المرافعات عن الموقوفين، الذين يستحقون الحصول على محاكمة كاملة، بصرف النظر عن طبيعة الأحكام التي قد تصدرها المحكمة ضدهم". وقد قرر العميد إبراهيم النظر في طلب الفصل من دون البت فيه، كما أجّل إبراهيم محاكمة الأسير إلى السادس من سبتمبر/أيلول المقبل، من دون تأكيد حضور محامي الأسير للجلسة.
أحمد الأسير: الحاضر الغائب
رغم تكرار اسمه عشرات المرات في متن الجلسة، بدا الشيخ أحمد الأسير وكأنه غير موجود. حيث ردّ على محاولة العميد إبراهيم تحميله مسؤولية تأجيل استجوابه بالقول: "أنا غير قادر نفسياً وصحياً على الخضوع للاستجواب".
واحتار الأسير أثناء مخاطبة العميد، فتوجه إليه بصفته قاضياً مرة، وبصفته "ريس" مرة ثانية، وحاول في المرتين، إعادة طلب نقله من سجن الريحانية إلى سجن آخر. ولم يفلح رفع الأسير عباءته أمام العميد، وتأكيده أن وزنه تدنى دون 60 كليوغراماً، في تغيير الجواب الوحيد الذي ردده العميد: "المحكمة غير معنية بمكان توقيفك، أو ظروف هذا التوقيف، ولم تنقاعس إنسانياً معك".
ولم يظهر الأسير أي ردة فعل، على رد النيابة العامة على الدفوع الشكلية، التي قدمها فريق الدفاع عنه في دعوى ثانية ضده، وتأكيد الحكم الغيابي الصادر بحقه، بالسجن عاماً وشهراً، مع إلزامه بتسليم مسدس حربي.