تتفاقم مأساة آلاف السوريين الذين هُجروا قسراً من مدنهم، وبلداتهم وقراهم في ريف حلب الشمالي بسبب القصف الذي لا يهدأ من الطيران الروسي، والذي لم يستثن شيئاً في هذا الريف المنكوب، بحيث طاولت صواريخه وقذائفه المنازل والمراكز الصحية، والمدارس، وأحال البلدات إلى دمار، في مشاهد يومية وسط صمت دولي اعتاده السوريون.
اقرأ أيضاً: سورية: غارات روسية مكثفة وقتلى مدنيون في الغوطة
ولم يتوقف عدد النازحين عند رقم محدد، إذ لا تزال العائلات المهجرة تتوافد إلى الحدود السورية التركية، في ظل تقدم مليشيات طائفية إيرانية، ومليشيا "قوات سورية الديمقراطية" التي تشكل وحدات "حماية الشعب" الكردية، القوة الأساسية فيها، في مدن وبلدات ريف حلب الشمالي تحت غطاء ناري غير مسبوق وصفه ناشطون بـ "المتوحش" من قبل الطيران الروسي.
وذكرت مصادر إعلامية أن عدد النازحين تجاوز الـ 150 ألف نازح. غير أنّ أبو محمد وهو ناشط إغاثي في منظمة "وورد فيجن" قال في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" إن العدد الموجود شمال مدينة اعزاز بالقرب من الحدود مع تركيا يصل إلى مائة ألف نازح، موزعين على مخيمات، أو داخل المدينة وفي القرى المحيطة بها، مشيراً إلى أن آلافاً آخرين اتجهوا إلى ريف إدلب الشمالي.
ويصف أبو محمد حال النازحين بـ"المأساوي"، وخصوصاً بالنسبة للأطفال والنساء، مشيراً إلى أن الأولوية الآن لإسكان العائلات في خيم، وتوفير الحد الأدنى من المتطلبات الضرورية للمعيشة، ولاسيما من ناحية المأكل والملبس والمشرب.
وأشار أبو محمد إلى أن عدة منظمات دولية تنشط في مجال مساعدة النازحين الجدد، ومنها مؤسسة الإغاثة الإنسانية التركية، والتي تقوم بتوزيع مائة ألف ربطة خبز يومياً على النازحين، وفق (أبو محمد)، إضافة إلى منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، ومنظمة "ورد فيجن"، و"ميديكال"، و"مرسي كورب"، و"إسلام ريليف"، ومنظمات أخرى.
وأوضح أن آلاف النازحين يتكدسون في مساحة جغرافية ضيقة لا تتعدى العشرة كيلومترات مربعة، مشيراً إلى قلة عدد الخيم، حيث تسكن أكثر من عائلة في خيمة واحدة، ما يزيد من المعاناة. وذكر أبو محمد أن الظروف الجوية الجيدة خلال اليومين الماضيين خففت من المعاناة، وساعدت الفرق الإغاثية في نصب المزيد من الخيام.
وقال أبو محمد: "رغم ما حدث لهؤلاء النازحين من تشريد عن ديارهم، ورغم الظروف الجوية الصعبة، والمعاناة التي تكاد لا تنتهي، إلا أن الأمل لا يزال يحكمهم، وعيونهم دائمة التطلع نحو الجنوب، حيث الديار التي تركوها، ويرددون دائماً: رجعتنا قريبة".
من جهته، قال إبراهيم علي، وهو مسؤول التوعية الصحية في منظمة "وورد فيجن"، إن معاناة الأطفال مضاعفة، مشيراً إلى انتكاس صحة المئات منهم بسبب الظروف السيئة، إضافة إلى وجود 14 حالة ولادة مبكرة نتيجة الخوف أثناء النزوح.
وأشار علي إلى وجود عدد كبير من المعاقين دون رعاية صحية كافية، منهم 168 حالة في مخيم الحرمين، و173 حالة في مخيم سجو، و400 حالة داخل مدينة اعزاز، موضحاً أن مركز رعاية الطفولة والأمومة في مدينة اعزاز تعرض للقصف من قبل الطيران الروسي عدة مرات آخرها من يومين، وخرج عن الخدمة بشكل نهائي، كما خرج مشفى التوليد في المدينة عن الخدمة بسبب القصف الجوي الروسي.
وقال علي إن كمية الأدوية المتوفرة في المخيمات "قليلة ولا تفي بالغرض"، مطالباً المنظمات الدولية بسرعة التحرك لإنشاء مستوصفات، ومراكز صحية، إذ تضم المخيمات آلاف المرضى، ومنهم من يعاني من أمراض مزمنة تتطلب رعاية خاصة. وكشف عن عزم جمعية "الخير" النرويجية افتتاح ثلاث عيادات (داخلية، أطفال، طوارئ) في المخيمات الجديدة خلال فترة قريبة، موضحاً أن مخيم (الحرمين) الذي كان يضم نحو سبعة آلاف نازح استقبل لوحده، في موجة النزوح الأخيرة، أكثر من ألف و300 عائلة.
وبدأت منظمات وجمعيات عربية بالتحرك باتجاه تقديم المساعدة للنازحين السوريين على الحدود مع تركيا، إذ أشار رمزي الشريف وهو المسؤول الإعلامي في "الحملة الوطنية السعودية لنصرة الأشقاء في سورية" في تصريح لـ "العربي الجديد" إلى أن الحملة ستقوم (الخميس) بتسيير مساعدات شتوية عاجلة إلى معبر باب السلامة الحدودي لتغطية جزء من احتياجات النازحين على الحدود بالتنسيق مع هيئة الطوارئ والكوارث التركية والهلال الأحمر التركي وهيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات.
من جهة ثانية، أشار الناشط الإعلامي إياد عبد القادر لـ"العربي الجديد"، إلى أن "غالبية نازحي ريف حلب الشمالي الذين جاءوا إلى محافظة إدلب، توزّعوا على المدن والبلدات الحدودية، خصوصاً في سرمدا والدانا والأتارب، ومنهم من اتجه نحو مخيمات اللجوء على الشريط الحدودي".
اقرأ أيضاً: لاجئو ريف حلب على حدود الحياة في بيوت الدواجن