عاد التصعيد العسكري في اليمن مجدداً إلى الواجهة، مع اندلاع مواجهات مسلحة عنيفة بين قوات الشرعية والانقلابيين شرق العاصمة صنعاء، بالتزامن مع مساع دولية لإحياء اتفاق الهدنة، وتحضيرات يقوم بها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، لجمع الأطراف حول طاولة فنية في العاصمة الأردنية عمّان، قبل استئناف اتفاق وقف الأعمال العدائية. وأكدت مصادر يمنية تابعة للمقاومة الشعبية وأخرى مقربة من جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، لـ"العربي الجديد"، أمس الخميس، أن المواجهات تجددت في مديرية نِهم شرق صنعاء، إذ نفذت قوات الشرعية عمليات زحف باتجاه مواقع قرب جبل القتب، الذي يُوصف بأنه موقع استراتيجي، بالتزامن مع غارات جوية للتحالف استهدفت مواقع للحوثيين وحلفائهم من الموالين للرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح. وأعلن المتحدث باسم المقاومة الشعبية في صنعاء، عبد الله الشندقي، في بيان، أن قوات الشرعية، مسنودة بطائرات التحالف، سيطرت على جبل الأصبع وجبل المريحة وخمسة مواقع أخرى، بعد معارك شرسة، قتل خلالها 16 من الحوثيين وحلفائهم، وجرح العشرات، بالإضافة إلى ثلاثة قتلى وتسعة جرحى من قوات الجيش والمقاومة، فضلاً عن تدمير ثلاثة أطقم للحوثيين.
وكانت منطقة نِهم الواقعة شرق صنعاء، شهدت جموداً نسبياً في المعارك في الأسابيع الماضية، في وقت تعتبر فيه المنطقة ساحة معارك شبه متواصلة منذ ما يزيد عن عام، حيث تقع نِهم بين صنعاء ومأرب، وتحاول من خلالها قوات الشرعية، التي تقدمت من جهة مأرب، تحقيق اختراق نحو العاصمة، فيما يحشد الحوثيون وأتباع صالح قواتهم لمنعه، ما جعل المنطقة ساحة معارك، لا تهدأ حتى تشتعل مجدداً. وبالتزامن مع اشتعال جبهة نِهم مجدداً، تتواصل المواجهات في محافظة صعدة، معقل الحوثيين شمالي البلاد. وأعلنت قوات الشرعية خلال الـ48 ساعة الماضية أنها سيطرت على مواقع جديدة في منطقة البقع في مديرية كتاف، في ظل تواصل المواجهات على جبهة علب في مديرية باقم، وهما مديريتان حدوديتان مع السعودية تقدمت قوات الشرعية باتجاههما من الجانب السعودي أخيراً، وتسعى لمواصلة التقدم، ما من شأنه تهديد معاقل الحوثيين.
ويأتي تجدد المواجهات شرق صنعاء وتواصلها في صعدة، بالتزامن مع تصاعد الجهود الدولية الساعية لإحياء اتفاق الهدنة. وأكدت مصادر يمنية، مقربة من المشاركين في المفاوضات، لـ"العربي الجديد"، أن ولد الشيخ أحمد يجري اتصالات مع الأطراف اليمنية استعداداً لإحياء اتفاق وقف الأعمال القتالية الموقع في العاشر من أبريل/نيسان الماضي. ووفقاً للمصادر، يسعى المبعوث الأممي لجمع ممثلي الحكومة والانقلابيين في لجنة التنسيق والتهدئة المعنية بالإشراف على وقف إطلاق النار، في العاصمة الأردنية عمّان، حيث ستنظم الأمم المتحدة هناك دورة تدريبية لأعضاء من الطرفين في اللجان، لمدة 15 يوماً، تسبق الإعلان الرسمي عن تجديد الهدنة وفقاً لأحكام وشروط اتفاق العاشر من أبريل، الذي يتكرر ذكره في مختلف البيانات الصادرة عن الأمم المتحدة وعن اللجنة الرباعية المؤلفة من وزراء خارجية أميركا، وبريطانيا، والسعودية، والإمارات.
وكانت لجنة التنسيق والتهدئة تألفت، في أبريل/نيسان، مع إطلاق أطول هدنة، كان الالتزام بها نسبياً، وأًعلنت بالتزامن مع إطلاق مشاورات السلام اليمنية في الكويت. ومع رفع الجولة الأولى من المشاورات في 30 يونيو/حزيران، جرى الاتفاق على أن تنتقل لجنة التهدئة من الكويت إلى مدينة ظهران الجنوب السعودية القريبة من الحدود مع اليمن، لكن الانقلابيين رفضوا حضور ممثليهم إلى السعودية، ما أدى إلى عودة التصعيد العسكري وتعثر اجتماع اللجنة مجدداً، ليتحول حضور ممثلي الانقلابيين إلى شرط من التحالف والحكومة الشرعية لتفعيل الهدنة مجدداً. ومع إعلان المبعوث الأممي وبيان اللجنة الرباعية، الصادر عن اجتماع الرياض في 17 ديسمبر/كانون الأول الحالي، دخل الأردن للمرة الأولى، على خط الاجتماعات، ليبدو وكأنه سيصبح مقراً جديداً للجنة التهدئة بدلاً عن ظهران الجنوب، إلا أن ولد الشيخ أحمد، سارع للتوضيح بأن الاجتماع في عمّان تقني لا علاقة له بالمشاورات السياسية.
واستضافت العاصمة المصرية القاهرة لقاءً تشاورياً بين التنظيم الوحدوي الناصري اليمني، والحزب الاشتراكي اليمني. وذكر "الناصري" و"الاشتراكي"، في بيان أمس الخميس، أن الأمين العام للحزب الاشتراكي، عبد الرحمن السقاف، والأمين العام للتنظيم الوحدوي الناصري عبدالله نعمان، عقدا لقاء أول من أمس، لمناقشة الأوضاع السياسية والأمنية والإنسانية، في ظل "المرحلة العصيبة"، التي تمر بها البلاد. وأشار البيان، الذي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، إلى أنه "تمت مناقشة آفاق الحل السياسي في اليمن، وأوجه التنسيق والعمل المشترك، ودور الأحزاب السياسية الداعمة للشرعية وأهمية استعادة العمل المشترك على قاعدة التوافق والشراكة، وإدانة كافة الأعمال الإرهابية التي استهدفت أبناء القوات المسلحة في عدن وباقي المدن اليمنية".
وأكد المجتمعون "أهمية استعادة الدور الفاعل للأحزاب السياسية اليمنية، على قاعدة التوافق والشراكة الوطنية للأحزاب والتنظيمات السياسية وقوى المجتمع المدني والمرأة والشباب وقوى الحراك الجنوبي، المستندة إلى المشروعية السياسية التوافقية الحاكمة للمرحلة الانتقالية والمرجعيات الوطنية، وفي مقدمتها مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية والقرارات الدولية ذات الصلة". وأكد الطرفان "أهمية التواصل والتنسيق مع مختلف الأحزاب السياسية اليمنية والقوى الفاعلة في المجتمع، من أجل تفعيل العمل المشترك والتنسيق الفاعل مع أجهزة السلطة الشرعية، على قاعدة دعم الشرعية اليمنية والتوافق السياسي حول مختلف القضايا وفقاً للمرجعيات المتوافق بشأنها، والتي أنتجت سلطة ما بعد الثورة الشبابية الشعبية في فبراير/شباط 2011". وجاء اللقاء في ظل جمود يرافق العمل السياسي الحزبي في اليمن، منذ اندلاع الحرب وبدء العمليات العسكرية للتحالف العربي في مارس/آذار 2015، في وقت تتواجد فيه غالبية قيادات الأحزاب خارج البلاد.