كما لا يفصل بعض المراقبين بين توقيت خطوة توجيه وزارة الداخلية المصرية، أول من أمس (الأحد)، الاتهامات لحركة "حماس" إلى جانب جماعة الإخوان المسلمين باغتيال النائب العام المصري هشام بركات العام الماضي، وبين رغبة القاهرة في توصيل رسالة للاحتلال الإسرائيلي بأن علاقات الود باقية ومستمرة "في إطار العدو المشترك" وهو حركة "حماس". وبلغت قوة العلاقات المصرية الإسرائيلية في عهد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي ذروتها في ظل وجود تنسيق غير مسبوق تخطّى ما كان يحدث في فترة الرئيس المخلوع حسني مبارك، وهو ما كشف عنه مسؤولون إسرائيليون.
اقرأ أيضا: تصعيد الحكومة المصرية ضد "حماس" و"الإخوان"... لقطع طريق التهدئة؟
وفي السياق، يعتبر الدبلوماسي المصري، السفير إبراهيم يسري، أن توجيه الاتهامات لحركة "حماس" ليس بالأمر الجديد بالنسبة للنظام الحالي، وسبق الزجّ باسم حركة "حماس" في التغطية على الفشل الأمني. ويضيف لـ"العربي الجديد" أن أجهزة الأمن المصرية تعاني من خلل كبير لناحية عدم استخدام أدوات حديثة في عمليات البحث والتحري تمكنها من الكشف عن خلايا وجماعات إرهابية، أو تورط أطراف خارجية في عمليات عنف داخلية. ويشير إلى أن تصدير حركة "حماس" باعتبارها "الشيطان" والمسؤولة الأولى عن أي أعمال عنف، حيلة قديمة لم تعد تنطلي على أحد. ويؤكد أن "شيطنة حماس" تضعف موقف المقاومة بشكل كبير، وتصنفها باعتبارها عبئاً على القضية الفلسطينية، وهذا يصبّ في صالح الكيان الصهيوني بلا شك.
وحول توقيت اتهام "حماس" بالضلوع في اغتيال بركات، وخصوصاً أنه جاء بعد أيام من إسقاط عضوية النائب توفيق عكاشة من البرلمان، الذي كان قد التقى السفير الإسرائيلي حاييم كوربين، لم يستبعد الدبلوماسي المصري أن تكون هذه الاتهامات في سبيل التأكيد على مسألة استمرار علاقات الود وإرضاء الكيان الصهيوني.
من جهته، يقول باحث سياسي مصري لـ"العربي الجديد" إن خطوة إلصاق الاتهامات في غاية السوء وحيلة "مكشوفة" لستر الفشل الأمني الكبير الذي تعاني منه الأجهزة الأمنية. ويضيف أن النظام الحالي يدرك جيداً ضرورة توطيد واستمرار العلاقات مع إسرائيل، ولا سيما أن دولة الاحتلال تسانده حالياً كما فعلت من قبل في الترويج للسيسي ونظام الانقلاب دولياً.
ويشير الباحث نفسه إلى أن العلاقات المصرية الإسرائيلية لم تتأثر بصورة كبيرة في ضوء إسقاط عضوية عكاشة، وإن كان الأمر مجرد "خطب ود" ورسالة تأكيد على متانة العلاقات مع الكيان الصهيوني. ويوضح أن الكشف عن منفذي اغتيال بركات جاء بعد أيام قليلة على إسقاط عضوية عكاشة، وهو ما يفسر محاولات استعادة الثقة بين الطرفين، ولا سيما أن الوعي الشعبي المصري، لم يمرر للنظام محاولة جس النبض بشأن التطبيع مع الاحتلال الصهيوني، عن طريق بالون الاختبار الذي أقدم عليه عكاشة. ويتعجب المصدر السياسي من الزجّ بـ"حماس" في هذه الأزمة من قبل وزارة الداخلية، في حين تفتح جهات سيادية خطوط اتصال ومحاولات للتهدئة مع حركة المقاومة. ويؤكد أن الفشل الأمني للوزارة سيتسبب في أزمة مع أجهزة سيادية أخرى.
من جهته، يقول الخبير الأمني، العميد محمود قطري، إن وزارة الداخلية لم تكشف فنياً عن علاقة المتهمين باغتيال النائب العام بجماعة الإخوان و"حماس". ويضيف قطري لـ"العربي الجديد" أن اتهام الحركة ربما كان متوقعاً، لكن الغريب أن جماعات جهادية تتبنى عمليات تفجيرات واغتيالات ولم يتم الإعلان عن ضبط بعض من تلك العناصر. ويلفت إلى أن "هناك من يقول أنا من نفذ التفجير وأنا من قتلت، لكن قيادات في وزارة الداخلية تنفي وجود عناصر لداعش في القاهرة الكبرى". ويوضح أنه حتى الآن لم تتمكن الأجهزة الأمنية من وقف نزيف الدماء والتفجيرات التي بدأ صداها يتوسع في القاهرة والجيزة، بدون إدراك لضرورة الاعتماد على الأمن الوقائي، الذي يمنع التفجير قبل التنفيذ.
اقرأ أيضاً مسلسل الإطاحة بعكاشة: عباس كامل خطط والبرلمان نفذ