ويأتي ذلك بعد اعتقال الشرطة الفرنسية، قبل أشهر، لعصابة من 10 أشخاص من اليمين المتطرف، كانت تعدّ لتنفيذ اعتداءات كبرى على رموز وشخصيات مسلمة، وحتى على الجمهور المسلم الواسع، عبر بثّ مواد سامّة في مواد غذائية في سوبرماركات، في فرنسا.
وقد اعترف الموقوفون الأربعة بحقيقة نواياهم، أمام شرطة الإدارة العامة للأمن الداخلي، وكانت الخطة تتلخص في إقدام المدعو جان- بيير بي، على مهاجمة الرئيس ماكرون بواسطة سكّين، يوم الأربعاء الماضي، أثناء احتفالات شارك فيها الرئيس، في بلدة شارليفيل- ميزيير بمنطقة (أردين).
ولكن هذا الشخص، البالغ من العمر 62 سنة، والذي كان يشتغل تاجر خشب، كان خاضعاً لمراقبة الإدارة العامة للأمن الداخلي، منذ يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول، بعد اكتشاف مراسلات مشفَّرة يهاجم فيها ماكرون بعبارات قاسية.
وتعترف الشرطة بأن الأمر لم يقف عند حد التلفظ بعبارات قاسية ضد الرئيس، بل إنه توجه، يوم الإثنين، 5 نوفمبر/تشرين الثاني، للحاق بشخص آخر، في بلدة بوزونفيل في منطقة موزيل، حيث التقيا شخصين آخَرين، وقضوا الليل معا.
وبشكل استباقي، قررت الشرطة التدخل فاعتقلت الأشخاص الأربعة. وأثناء عمليات التفتيش والمداهمة، التي طاولت سيارة المدعو جان-بيير بي، عثرت على سكين من الخزف، كان ينوي الأخير، حسب اعترافاته أمام الشرطة، استخدامه لطعن رئيس الجمهورية، من أجل قتله أو جرحه، أثناء تواجده وسط الحشود.
ويعود اختيار هذا النوع من السكاكين، حسب اعتراف المتهم، إلى سهولة إدخاله، عكس الأسلحة المعدنية، من البوابات الأمنية بدون اكتشافه وإثارة الشبهات.
وعلى الرغم من أن أوساط الرئيس الفرنسي لا تزال تتكتم على الخطر الحقيقي الذي كان يتهدده، إلا أن المحقّقين غير متفقين على تحديد درجة الخطورة. فالبعض منهم يتحدث عن تدخّل الشرطة في الوقت المناسب، على اعتبار أن وقت تنفيذ العملية كان قريبا جدا، والشخص الراغب في التنفيذ كان باستطاعته أن يلتف على كل أشكال حماية الرئيس. في حين أن مصادر أخرى مقربة من التحقيق تشير إلى أن "مشروع الهجوم" على الرئيس لم يَكن قد وصل بعدُ إلى صيغته النهائية.
وقد تم، على الفور، تقديم هؤلاء المتهمين إلى القاضي، في أفق تسليمهم لائحة الاتهامات، ومنها "تكوين عصابة إرهابية وإجرامية".
وإذا كانت الشرطة الفرنسية قد استطاعت إحباط هذه العملية، إلا أنها تبدي القلق من ازدياد هذا النوع من الهجمات التي يعتبر اليمين المتطرف مصدَرَها الوحيد، خاصة مجموعة صغيرة تستوحي أفكارا هواياتية ومهووسة بالبقاء، تطلق على نفسها "القوات الفرنسية الموحَّدة".
وغالبا ما تنتهز هذه التشكيلات المتطرفة الأعياد الوطنية وخروج الرؤساء لتحية الحشود لتنفيذ أهدافها الإرهابية، وكان أخطرها محاولة الشاب ماكسيم برونيري، من "الجبهة الوطنية الجمهورية"، وهي حركة يمينية متطرفة كان يترأسها برونو ميغري، المنشق عن "الجبهة الوطنية"، إطلاق النار من بندقية على الرئيس الفرنسي الأسبق، جاك شيراك، في العيد الوطني، يوم 14 يوليو/تموز، سنة 2002.