تتباين مواقف الأحزاب السياسية في الجزائر، أخيراً، إزاء دعوات تأجيل الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في شهر إبريل/نيسان، ففي حين دعت أحزاب صراحة إلى تأجيل الانتخابات، تحفظت أخرى، فيما أرجأت بعض الأحزاب الإعلان عن موقفها. غير أن اللافت وجود حالة إجماع على عقد ندوة وفاق وطني للخروج من الوضع السياسي الراهن.
ولا يعترض حزب "جبهة القوى الاشتراكية"، كبرى الأحزاب السياسية المعارضة في الجزائر، على فكرة تأجيل الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ويذهب الحزب إلى اعتبار أن الانتخابات الرئاسية ليست حلاً للأزمة السياسية التي تشهدها البلاد، بحسب ما أكده السكرتير الأول للحزب محمد حاج جيلاني، أمس السبت، في مؤتمر حول وضع حقوق الإنسان في الجزائر.
وقال جيلاني إن "الانتخابات الرئاسية ليست من اهتمامات حزبنا الذي يبحث في الظرف الحالي عن كيفية بناء إجماع وطني بين الجزائريين للخروج من الأزمة"، معتبراً أن "انفراج الوضع لا يكون إلا عبر انخراط الجزائريين في مبادرة جامعة لتحقيق الإجماع الوطني".
وكان رئيس حزب "تجمع أمل الجزائر"، وعضو التحالف الرئاسي الرباعي المشكل للحكومة، عمار غول، قد أعلن، في وقت سابق، عن الدعوة إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية المقبلة وعقد ندوة وفاق وطني تجمع السلطة والمعارضة والقوى الوطنية كافة.
وسبق إعلان غول، دعوة رئيس حركة "مجتمع السلم" (كبرى الأحزاب الإسلامية في الجزائر)، عبد الرزاق مقري إلى " تأجيل الانتخابات الرئاسية"، قائلاً إن "البلد لا يتحمل فتنة وأزمة أخرى كأزمة التسعينيات، الجزائر تحتاج إلى توافق الجميع، والجزائريون ليس لديهم ما يصبرون لأجله مجدداً".
وفي حين أرجأ حزب "العمال" إعلان موقفه بشأن مسألة تأجيل الانتخابات الرئاسية، إلى حين عقد اجتماع المكتب السياسي للحزب، بحسب ما قاله القيادي في الجزائر جلول جودي لـ"العربي الجديد"؛ لا تبدي بدورها حركة "البناء الوطني" تجاوباً مع فكرة تأجيل الانتخابات الرئاسية المقبلة، ويعتبر رئيس الحركة عبد القادر بن قرينة في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الحركة مع استمرار الدولة بأداء وظائفها، وأن تكون هناك شرعية منقوصة أفضل من لا شرعية، ومؤسسات معطوبة أفضل من مؤسسات منعدمة".
وبخلاف ذلك يؤكد بن قرينة رداً على مقترح عقد ندوة وفاق وطني أن "هذا جزء من مبادرتنا السياسية التي طرحناها في السابق منذ شهر مايو/أيار الماضي على القوى السياسية"، مضيفاً نحن "طالبنا قبلاً بجولة حوار وطني تنتهي بندوة وطنية"، معتبراً أن "تحول موقف بعض الأحزاب الموالية إلى الموافقة وطرح الفكرة ذاتها استجابة لمبادرتنا".
في المقابل، يرى خبراء القانون الدستوري في الجزائر أن الدعوة إلى تأجيل الانتخابات تمثل خرقاً للدستور وتجاوزاً له.
وفي هذا الصدد، قالت أستاذة القانون الدستوري فتيحة بن عبو في تصريح صحافي أن تأجيل الانتخابات الرئاسية، وفقاً للدستور الجزائري، "لا يمكن أن تتم سوى عندما تكون البلاد في حالة حرب، وذلك بموجب المادة 110 من الدستور التي تتضمن وقف العمل بالدّستور مدّة حالة الحرب ويتولّى رئيس الجمهوريّة جميع السّلطات. وإذا انتهت المدّة الرّئاسيّة لرئيس الجمهوريّة تمدّد وجوباً إلى غاية نهاية الحرب".
وأكدت أنه "عدا هذه الحالة لا يمكن تمديد عهدة الرئيس، والتي تنتهي شرعيته الدستورية في مساء 16 إبريل المقبل".
وأوضحت عبو أنه في "حالة تأجيل الانتخابات فإن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لن تكون له شرعية دستورية"، محذرة السلطة من القفز على الدستور كما حدث سنة 1965 و1992.