يزور وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، السعودية، اليوم الأربعاء، لحضور افتتاح الجنادرية (المهرجان الوطني للتراث والثقافة) في نسخته الـ 29، بحيث تحلّ ألمانيا كضيف على المهرجان لهذا العام. غير أن زيارة شتاينماير ليست بريئة من السياسة، على العكس، تحمل معها "مهمة صعبة".
اقرأ أيضاً: وزير خارجية ألمانيا يدشن مهمة وساطة بين السعودية وإيران
تتمثل هذه المهمة في محاولة ألمانية، لنزع فتيل الخلاف السعودي – الإيراني، والذي أدى إلى قطع الرياض لعلاقاتها الدبلوماسية مع إيران، بسبب اقتحام السفارة السعودية في طهران، وقنصليتها في مشهد، بعد تصعيد إيران من لهجتها ضد السعودية، في أعقاب إعدام المعارض السعودي نمر النمر.
وبدأ شتاينماير مهمته الدبلوماسية، أمس، بزيارة إلى طهران، قبل أن يتجه اليوم إلى الرياض، في مهمة تبدو بلا ملامح، وبلا آفاق نجاح. يفترض أن يكون شتاينماير قد التقى في زيارته إلى طهران، كلا من الرئيس حسن روحاني، ورئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لاريجاني، بالإضافة إلى وزير الخارجية، محمد جواد ظريف.
وعلى ما يبدو، فإن شتاينماير، الذي وصف الشهر الماضي، الاتفاق النووي مع إيران بالانتصار التاريخي، يزور المنطقة بلا خطة، أو شبه خطة على الأقل، في لحظة وصل فيها الخلاف السعودي – الإيراني إلى ذروته، بعد قطع العلاقات الدبلوماسية. ويشكك مراقبون في قدرة ألمانيا على القيام بدور إيجابي، وهي أحد رعاة الاتفاق النووي، والحريصين على إنجاحه على الرغم من تبعاته في المنطقة. ويرى هؤلاء أن هذا الاتفاق بالذات، والذي أهمل عمداً التدخلات الإيرانية العدوانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، كما تؤكد الرياض مراراً، هو من أسباب الأزمة الحالية.
وقد اعتبر الاتفاق النووي ورفع العقوبات، بالتوازي مع إهمال التدخلات الإيرانية في المنطقة، بمثابة ضوء أخضر غربي لإيران، أو هي من فهمه بهذه الصورة على الأقل، إذ لم تقم بأي خطوة تراجع في سورية، أو العراق، أو لبنان. بل زادت من دعمها لرئيس النظام السوري بشار الأسد، والذي ترى الرياض أن بقاءه خط أحمر، بحسب ما يكرر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير. كما بدأت طهران بتكثيف حضور مليشياتها على الساحة السورية، تلك القادمة من لبنان والعراق وأفغانستان ودول أخرى.
ونتيجة اعتبار الاتفاق النووي انتصاراً دولياً لإيران، ردّت الرياض بمحاولة عزل الأولى إقليمياً. وعلى الرغم من نجاح الرياض في بناء موقف عربي واسع، منتقداً للسياسات الإيرانية، إلا أن آثار هذه الخطوة كانت محدودة، بسبب اتفاق انفتاح إيران على الغرب بعد الاتفاق النووي.
في المقابل، حظيت خطوة الوساطة الألمانية الجديدة، بأصداء إعلامية محدودة، لا بسبب غموض أهدافها فقط، بل لأن فرصها في النجاح محدودة، ما دامت لن تقوم بالضغط على طهران، من وجهة نظر سعودية، للحدّ من تدخلاتها في العراق وسورية، ولن تؤدي إلى تراجع في موقف إيران من بشار الأسد، أو الموقف من المعارضة السورية، ودعم فترة انتقالية في دمشق، تبدأ أو تنتهي برحيل الأسد. على الرغم من كون هذا الملف اليوم روسي أكثر منه إيراني، إلا أنّ إيران لا تزال فاعلة على الأرض السورية بقوة، مما يعني أنها لا تزال طرفاً أساسياً في المعادلة السورية.
العرض الألماني بالوساطة بين الرياض وطهران، ليس الأول، فقد تحدثت كل من باكستان وتركيا والعراق، عن عروض مشابهة. لكن لا يبدو أن أياً من هذه الوساطات قد نجحت، وسط تمسك إيران بسياساتها التوسعية. وفي ظل العقوبات الدولية، وأزمة الاتفاق النووي، والصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها، فلا يظهر بأن طهران ستتخلى عن مشروعها التوسعي في المنطقة اليوم، بعد التوصل إلى تسوية في الاتفاق النووي، ورفع العقوبات، وبدء اقتصادها بالانتعاش، وشعورها بأنّها باتت مقبولة دولياً، ويُنظر إليها كمساهمة في محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في العراق، ومفتاح لأيّ حلّ سياسي في سورية.
اقرأ أيضاً: رئيس الوزراء الباكستاني وقائد الجيش يزوران الرياض وطهران للوساطة