ومن أجل ضمان إجراء تحقيق دقيق ووثيق، دعا الوفد الفلسطيني غوتيرس إلى الأخذ بعين الاعتبار أن ما يحدث في فلسطين من انتهاكات هو بفعل الاحتلال العسكري والإشارة إلى ذلك في الجزء الخاص بفلسطين في التقرير، والتأكيد على أن الممارسات الإسرائيلية ترقى إلى عقاب جماعي وعلى رأسها الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة.
ودق وفد فلسطين ناقوس الخطر أمام مجلس الأمن، مشيرا إلى أنه منذ عام 2000 اعتقلت السلطة القائمة بالاحتلال عشرة آلاف طفل فلسطيني، فيما عزا الوفد تمادي إسرائيل في ممارساتها غير الأخلاقية وغير الإنسانية إلى تمتعها بحصانة دولية تحميها من العقوبات والمساءلة.
وقال الوفد في كلمته: "إننا ندعو المجتمع الدولي إلى إنقاذ جيل بأكمله، إذ إن الظروف الصعبة والإذلال وحالة الهلع والصدمة التي تخلفها تجربة الاعتقال على الطفل الفلسطيني تعيق المجتمع وتهدف إلى إضعاف أواصره".
من جانبه، قال المندوب المراقب لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، رياض منصور، قبيل بدء الجلسة: "إن على الأمين العام للأمم المتحدة إدراج إسرائيل إلى قائمة العار لكي تضاف إلى الدول التي تقوم بأفعال مشينة لاسيّما بحق الأطفال".
وشدد منصور على أن تغييب إسرائيل عن القائمة يقلل من شأن المساعي لوضع حدّ لجريمة الانتهاكات بحق أطفال العالم، ويشكك في مصداقية القائمة، ويجعلها عرضة للانتقاد ويعرّض حياة الأطفال الفلسطينيين للخطر بسبب غياب أي نوع من المساءلة والمحاسبة لإسرائيل.
وخصص مجلس الأمن جلسته لبحث قضية الأطفال في حالات النزاعات المسلحة، وتطرق أعضاء المجلس إلى تقرير مكتب الأمين العام للأمم المتحدة بشأن الأطفال العالقين في مناطق النزاعات المسلحة.
وأوضح تقرير الأمم المتحدة أن أكثر من 24 ألف انتهاك وقع بحق الأطفال عام 2018 في نحو 20 دولة، وفيما يتعلق بأطفال فلسطين، ذكر التقرير أن عام 2018 سجّل أعلى نسبة قتل وإصابة أطفال منذ 2014، إذ استشهد 59 طفلا فلسطينيا وأصيب 2756 بجروح، معظمها كانت خلال مسيرات العودة في قطاع غزة. وشملت الإصابات إعاقات دائمة وبترا للأطراف، وفي الضفة الغربية والقدس الشرقية تقاسم جيش الاحتلال والمستوطنون المسؤولية عن حالات العنف ضد الأطفال.
ووفق تحقيقات الأمم المتحدة، فإن 203 أطفال يقبعون في السجون الإسرائيلية معظمهم قيد الاعتقال الإداري أي دون محاكمة. وحتى نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2018، سجّل التقرير وجود 87 طفلا في سجون الاحتلال بحكم قضائي، ويخضع هؤلاء الأطفال لظروف اعتقال صعبة وسوء معاملة.
وكان غوتيرس أصدر تعليماته لممثلته الشخصية فرجينيا غامبا أن تقوم بزيارة للمنطقة وفلسطين المحتلة للتحقق أكثر مما ورد في التقرير من إصابات وبتر للأطراف تعرّض لها الفلسطينيون على يد قوات الاحتلال الإسرائيلية.
ويتزامن اجتماع مجلس الأمن مع إحياء عشرة أعوام على تمرير قرار رقم 1882 (في الرابع من آب/أغسطس) والذي أضاف طائفة من المعايير على "قائمة العار" ترصد الانتهاكات الجسيمة بحق الأطفال في حالات النزاعات المسلحة.
من جهة أخرى، كان منصور قد بعث بثلاث رسائل متطابقة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر (بولندا) ورئيسة الجمعية العامّة للأمم المتحدة، يحذر فيها من مخاطر استمرار الصمت الدولي أمام مواصلة إسرائيل أنشطتها الاستيطانية غير الشرعية على الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية.
وذكر منصور في الرسائل، أن إعلان إسرائيل الأخير إقامة 6000 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية سيساهم في زيادة عدد المستوطنين في الأرض الفلسطينية المحتلة بالآلاف، وهو ما يتعارض مع القانون الدولي الإنساني وقرارات الشرعية الدولية المتعلقة بهذا الشأن.
وأكد أن الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية خير دليل على نوايا إسرائيل وهي تضاف إلى قائمة الانتهاكات والتصريحات التحريضية من قبل مسؤولين في الحكومة وقادة المستوطنين المتطرفين الذين يواصلون التلويح باستمرار احتلال ومصادرة واستعمار وضمّ الأرض الفلسطينية.
ولفت منصور انتباه المجتمع الدولي إلى أنه في مقابل توسيع الاستيطان، تعمل إسرائيل على هدم المنازل الفلسطينية كما حصل في منطقة وادي الحمص قرب صور باهر وتركت مصير عشرات الأسر الفلسطينية مجهولا، داعيا المجتمع الدولي إلى إدانة هذه الممارسات وإلى الضغط على إسرائيل لوقف إجراءاتها وخططها غير القانونية.
وأوضح منصور في الرسالة، أن "محاسبة إسرائيل على أفعالها هو ما سيضع حدّا لدائرة الجرائم التي ترتكبها السلطة القائمة بالاحتلال في المنطقة، وهذه الجرائم هي العائق الأكبر أمام حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره كما كفلتها له القوانين الدولية، وتنحسر آماله في إقامة دولة مستقلة".
وشدد منصور على دور المجتمع الدولي في التمسك بالتزاماته وبالقرارات الصادرة عن مجلس الأمن كي لا تكون إسرائيل دولة فوق القانون، داعيا المجتمع الدولي إلى الخروج عن صمته وعدم الاكتفاء بعبارات الشجب والاستنكار بل اتخاذ خطوات جادة وحاسمة لوقف الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية.