شددت مصر على دعمها لأمن السودان واستقراره، باعتباره "جزءاً لا يتجزأ من أمنها القومي"، وكذلك "العمل على تعزيز العلاقات بين البلدين، لما يربطهما من وشائج على كافة المستويات"، مرحبة بانعقاد الهيئة الفنية الدائمة لمياه النيل في القاهرة خلال الفترة من 24 إلى 28 ديسمبر/كانون الأول الجاري، والتأكيد على أهمية التعاون والتنسيق المشترك بين البلدين في مجالات مياه النيل.
وأشار بيان مشترك للاجتماع الثاني للآلية التشاورية الرباعية بين وزيري الخارجية ورئيسي جهازي الاستخبارات في مصر والسودان بالخرطوم، اليوم الخميس، إلى "أهمية تطوير التعاون بين البلدين، في إطار التزاماتهما الموقعة، بما في ذلك اتفاقية عام 1959"، لافتاً إلى مناقشة الطرفين القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، على ضوء تطابق وجهات نظرهما بشأن كثير منها.
وحسب البيان الصادر عن وزارة الخارجية المصرية، عبر الجانب المصري عن ترحيبه بالجهود السودانية لإحلال السلام في دول الجوار (جنوب السودان، وأفريقيا الوسطى)، مشيراً إلى اتفاق الجانبين على استمرار تبادل التنسيق والتأييد بينهما في كل المحافل الإقليمية والدولية، وهو التنسيق الذي يعكس حجم التطابق في مصالح الدولتين، والتوافق في مواقفهما نتيجة لذلك.
ويأتي الاجتماع في إطار متابعة نتائج الدورة الأولى للاجتماع الرباعي الذي عقد في القاهرة يوم 8 فبراير/شباط الماضي، ومتابعة تنفيذ مخرجات الدورة الثانية للجنة الرئاسية السودانية المصرية المشتركة، التي عقدت في الخرطوم يوم 5 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، برئاسة رئيسي البلدين، وعضوية عدد كبير من الوزراء، وكبار المسؤولين من الجانبين.
وشدد الطرفان على أهمية البناء على ما تم الاتفاق عليه لتعزيز الأمن والاستقرار والتنمية في منطقة البحر الأحمر، من خلال توحيد الرؤى بين الدول المشاطئة لهذا المجرى المائي المهم، والمضي قدماً في مقترحات إنشاء هياكل تجمع بين تلك الدول، حفاظاً على مصالحها، فضلاً عن استعراض الخطوات التي تحققت لدعم العلاقات الثنائية منذ عقد الدورة الأولى للاجتماع الرباعي، وفقاً للبيان.
وأشاد البيان المشترك بما سماه "التطورات الإيجابية" العديدة التي شهدتها الفترة الماضية بين البلدين، وتدل عليها الزيارات المتبادلة بين مسؤولي مصر والسودان على كل المستويات، وعلى رأسها زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى القاهرة في مارس/آذار 2018، وزيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بدوره إلى الخرطوم في يوليو/تموز الماضي.
كما تناول الاجتماع التقدم الذي تشهده المشروعات المشتركة، مثل مشروع الربط الكهربائي، والدراسات الخاصة بمشروع الربط بين السكك الحديدية في الدولتين، ومشروع المدينة الصناعة المصرية في منطقة الجيلى، جنوب الخرطوم، ودعم التعاون في مجالات بناء القدرات والتدريب في كل قطاعات المدينة الصناعية المصرية بمنطقة الجيلى، شمال الخرطوم، وأيضاً دعم التعاون في مجالات بناء القدرات والتدريب بجميع القطاعات.
واتفق الطرفان على المضي قدماً في توقيع مشروعات الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية، التي لم تكتمل إجراءاتها بعد، ووضع الوثائق الموقعة بالفعل موضع التنفيذ، خصوصاً تلك التي تم اعتمادها من قبل اللجنة الرئاسية "السودانية - المصرية" المشتركة، تحقيقاً لأقصى فائدة للشعبين.
وسبق أن قال مصدر مصري مقرّب من دوائر صناعة القرار لـ"العربي الجديد"، إن التوقيت الذي تأتي فيه الزيارة على الرغم من إمكانية تأجيلها، يرجع إلى تأكيد النظام المصري الحالي دعمه الرئيس السوداني عمر البشير في مواجهة الاحتجاجات الداخلية العاصفة التي يواجهها، نتيجة الأزمة الاقتصادية.
وأوضح المصدر أن "النظام المصري يرفض المظاهرات الغاضبة التي يشهدها السودان لأسباب متعددة، في مقدمتها خشية انتقال تلك العدوى إلى القاهرة، خاصة أنها اندلعت لأسباب متعلقة بالجانب الاقتصادي، وتردّي الأوضاع المعيشية، وارتفاع الأسعار، وهو ما تعاني مصر منه بأشكال مختلفة"، على حد تعبيره.
وشهد السودان، خلال الأيام الماضية، احتجاجات واسعة بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، خاصة في مدن عطبرة، والدامر، وبربر، وكريمة، وسنار، والقضارف، والخرطوم، وأم درمان، أسفرت عن مقتل وإصابة عشرات المواطنين، في الوقت الذي حذر فيه البشير الشعب السوداني، الإثنين الماضي، من "الاستجابة لمحاولات زرع الإحباط" في أول تعليقات علنية له منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة لحكومته.