الكثيرون قرأوا في خطاب قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح إيجابية لصالح الحراك وإعلان حياد. هل تتوافقون مع هكذا قراءة؟
والكثيرون اعتبروه غير ذلك. الحقيقة هي ما سيكون على الأرض، سواء ما تعلق بالتعامل مع الحراك الشعبي الحاشد، الذي هو جيد إلى حد الآن، أو ما تعلق بالاستماع إلى مضمون خطاب الجزائريين في الحراك، أي ما يتعلق برفض العهدة الخامسة والذهاب إلى انتخابات حرة ونزيهة عبر انتقال ديمقراطي سلس يتوافق عليه الجميع، وهذا المطلب لم يُستجب له إلى الآن. نحن توجهنا إلى قائد أركان الجيش ونبهنا من أن الخطر الوحيد على النظام العام، وعلى استقرار البلد هو النظام السياسي القائم، وقلت له إن النظام، سواء الذي أنت جزء منه وتقوم الآن بحمايته، أو الذي تحاربه وتوجه له رسائلك بأساليبك غير المباشرة، يهدد استقرار البلد. والفساد الكبير الذي حول الدولة إلى عائلات مافياوية متصارعة على نهب خيرات البلد، وجميع أجنحة السلطة، في كل المؤسسات من دون استثناء، متورطة فيه.
برأيكم ما هو دور الجيش في هذه المرحلة، وهل لديكم مخاوف من أن يتخذ الجيش خطوات كالطوارئ مثلاً؟
أولاً يجب على الجيش ألا يساند مشروع العهدة الخامسة، وأن يفرق بين التزامه بقيادة رئيس الجمهورية، التي هي مسألة دستورية، وبين تسخير المؤسسة العسكرية لدعم ترشح الرئيس لعهدة خامسة، وهو تصرف غير دستوري ونرفضه. ثانياً، لا أعتقد أنه توجد حتى الآن أسباب لإعلان حالة الطوارئ، إذ إن المسيرات سلمية وحضارية، ولم يحدث فيها ما يبرر مثل هكذا قرار. وإذا كان ثمة من يريد إفساد هذا المستوى الحضاري للمسيرات بالتسلل إليها وتحريفها نحو العنف، فعلى المؤسسة العسكرية أن تكشف هؤلاء وتوقفهم وليس أن تُقدم على إعلان حالة الطوارئ.
ما هي السيناريوهات المطروحة في الوقت الحالي، خصوصاً في حال رفضت السلطة المخارج الدستورية وإعلان 102 (ثبوت شغور منصب رئيس الجمهورية) وتمسك الحراك بمطلبه؟
الشعب عبر عن ضجره من هذا النظام السياسي، بكل تفاصيله، ومن خلال مسيراته السلمية الحضارية يعطي الفرصة للجميع للتصحيح والاستدراك. وأعتبر أن السيناريوهات المطروحة هي إما أن يتصاعد الاحتجاج فيفسد الانتخابات عملياً، بمعنى أنه لا يتوفر أي مناخ يساعد على تنظيم الانتخابات، أو أن تكون هناك مقاطعة شاملة من قبل الشعب. في حال أصرت السلطة على الاستمرار في الانتخابات وتنفيذ مشروع العهدة الخامسة فإنها تضرب مصداقية الانتخابات وتنزع شرعية نتيجتها، وقد تتواصل الاحتجاجات حتى بعد النتائج. سيحاول بعض الذين تمسكوا بترشحهم خلافاً للإرادة الشعبية المُعبر عنها في المسيرات الاستفادة من التصويت العقابي، ولكن يبدو أن المواطنين انتبهوا إلى هذه الدسيسة التي تعبر عن أنانية شخصية أو مؤامرة خلفية فبدأوا في تصعيد الإدانة ضد هؤلاء.
في حال إرجاء الانتخابات بعد تطبيق المادة 102 من الدستور، نتوجه إلى انتخابات بعد أشهر. هل حضرت المعارضة، وأنتم جزء منها، شخصية توافقية لترشيحها؟
بالنسبة لي، حاولت شخصياً الوصول إلى مرشح توافقي على مستوى المعارضة، وأبدينا استعدادنا للتنازل عن الترشح لصالح هذا المنجز، لكن لا أحد غيرنا من المعارضة أظهر استعداده لذلك، ولا أظن أن محاولة أخرى ستنجح. وإذا كان تأجيل الانتخابات سيحمل في طياته الإصلاح السياسي والتوقف عن التزوير يمكننا عندئذ الذهاب إلى الممارسة السياسية العادية، فيرشح كل حزب من يريد، ويمكن التحالف في الدور الثاني. في كل الأحوال نعتقد أن المرحلة الانتقالية كانت ضرورية من قبل، وهي الآن أكثر من ضرورة.
تابعنا مواقف واشنطن وباريس، هل لديكم أي تخوف من مؤشرات تدخل أجنبي في الجزائر بأشكال مختلفة؟
التدخل الأجنبي بواسطة عملائه ولوبياته موجود، والجميع يعرف أن هناك محاولات للاختراق والوصاية الأجنبية على البلد، وإذا تدهورت الأوضاع وتشعب الصراع وانفلتت الأمور سيكون التدخل الأجنبي مباشرا، وهذا أمر لا نريده ولا نريد لبلدنا أن يصل إلى هذه الحال. لدينا كل الإرادة لكي ننقذ وطننا من أية تدخلات خارجية.