الشاهد يغير نصف المسؤولين المحليين بتونس وسط انتقادات وتخوفات

29 يناير 2017
يوسف الشاهد يقسم المناصب (ياسين كايدي/الأناضول)
+ الخط -
أجرى رئيس حكومة الوحدة الوطنية التونسية، يوسف الشاهد، تغييراً جذرياً على مستوى المسؤولين المحليين (المعتمد والمعتمد الأول) الذين يمثلون الدولة على مستوى التجمعات السكنية والمناطق في كامل تراب البلاد.

وأثارت التعيينات الجديدة من قبل رئيس الحكومة جدلا واسعاً، ولا سيما من الأحزاب المعارضة، التي اعتبرت التعيينات في هذا الوقت بالذات ضرباً لـ نزاهة الانتخابات المحلية 

القادمة، ومحاولة لمزيد من بسط الأحزاب الكبرى الحاكمة نفوذها وتغلغلها داخل مفاصل الدولة، أما الأحزاب الغاضبة من داخل الائتلاف الحكومي فقد انتقدت افتقار عدد من المسؤولين الجدد للكفاءة، وخلو القوائم من كوادرهم والمنتسبين إليهم.

وقرر الشاهد إجراء حركة تعيينات واسعة على مستوى سلك المسؤولين المعتمدين، إذ شملت التسميات ما لا يقل عن 114 معتمدا، بالاضافة إلى تغيير 6 معتمدين أولين بمختلف ولايات الجمهورية (24 محافظة)؛ أي ما يناهز نصف عدد المسؤولين، فيما فضل الإبقاء على الآخرين.

 وذكرت مصادر رسمية في الحكومة لـ"العربي الجديد" أن المعايير المعتمدة هي الخبرة والكفاءة والاستقلالية، وتمكين العناصر الشابة، والمعرفة بالمسائل الاجتماعية والإدارية، وتهدف هذه التعيينات بحسب الحكومة إلى تحريك عجلة الاقتصاد في المناطق المهمشة، والعمل على تنفيذ برامج حكومة الوحدة الوطنية وأهدافها، القائمة على محاربة الفقر والفساد، والاقتراب من المواطن، وتقريب الخدمات، والسهر على راحة السكان، وذكر نفس المصدر أن التعيينات شملت 13 امرأة، مما يؤكد تعويل الشاهد على العنصر النسائي والشباب في هذه المرحلة شركاء في رفع لواء المستقبل، وتجاوز التحديات الاجتماعية والاقتصادية والتنموية التي تنتظر البلاد.
 

ويرى مراقبون أن التعيينات الجديدة تصنف في إطار المحاصصة بين الأحزاب الحاكمة، وتترجم تقاسمها السلطة المحلية، كما تم تقاسم السلطة المركزية في إطار حكومة الشاهد، وأكدت مصادر مطلعة أن حزب نداء تونس والنهضة حصلا مناصفة على نصيب الأسد من التعيينات الجديدة، فيما تم تقاسم النسب المتبقية بين باقي شركاء الحكم وبعض المستقلين.

وتتوزع التعيينات بين الأحزاب السياسية؛ منها 34 منصبا لحزب نداء تونس، و27 لحزب حركة النهضة، فيما حصل حزب آفاق تونس على 10 مناصب، والحزب الجمهوري على 3 مناصب، وحزب المبادرة على 4 مناصب، وحزب المسار الاجتماعي الديمقراطي على منصبين اثنين، وتم توزيع بقية المسؤوليات على مستقلين ينتمون إلى كوادر الإدارة التونسية، فيما احتكر نداء تونس مناصب "المعتمد الأول" الستة.

وقال المتحدث الرسمي باسم حزب حركة مشروع تونس، حسونة الناصفي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن التعيينات الجديدة لا علاقة لها بالواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي تعيشه البلاد، مشيرا إلى أنها تمت على أساس المحاباة والمحاصصة الحزبية، في غياب تام للكفاءة العلمية والإدارية، وحذر الناصفي من تداعيات هذه التعيينات وانعكاساتها السلبية على الوضع العام في البلاد.

وفي تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي، هنأ أمين عام حزب التيار الديمقراطي والنائب في البرلمان، غازي الشواشي، حزب التجمع "المنحل" بمجرد صدور قرار التعيين، والإفصاح عن أسماء المسؤولين المحليين الجدد، مشيراً إلى أن أغلبهم من المنتمين لحزب حركة نداء تونس، وإلى شق نجل الرئيس، حافظ قايد السبسي، وعبّر عن خشيته من تأثير هذه التعيينات الحزبية على مسار الانتخابات المحلية والبلدية المقبلة، والتي ما زالت معطلة بسبب الأحزاب الكبرى الراغبة في تحسين تموقعها في الجهات والأرياف، لضمان نجاح ساحق يوم الانتخابات.

واعتبر خبراء في القانون أن المحاصصة الحزبية لا تمثل خطرا، لأنها نتاج طبيعي للنظام السياسي الحالي، وانعكاس للقوانين الانتخابية المعتمدة، والتي لا تمكن أي طرف سياسي بمفرده من الحصول على أغلبية تؤهله للحكم، فيضطر للبحث عن ائتلافات وتحالفات حزبية لضمان الأغلبية المريحة الداعمة للحكومة.

وتعد المحاصصة نوعا من أنواع استقرار الائتلافات الحزبية، ووسيلة للحفاظ على ديمومتها، ولكن على قيادة الأحزاب أن تصدر الكفاءات والكوادر في المناصب والمسؤوليات المقتسمة للمحافظة على الاستقرار وتشجيع التنمية، بحسب ما يقول الخبراء.



المساهمون