سلفاكير يلتقي مشار: فرصة سلام جديد في جنوب السودان

20 يونيو 2018
سلفاكير (يمين) ومشار (يسار) عام 2016 (ألبيرت-غونزاليز فاران/فرانس برس)
+ الخط -

تتجه الأنظار، اليوم الأربعاء، إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، التي تستضيف اجتماعاً بين رئيس جنوب السودان سلفاكير ميادريت، ونائبه السابق زعيم المتمردين رياك مشار، في لقاء يُعد فرصة للتوصل إلى سلام، ينهي الحرب الأهلية في الدولة الوليدة منذ العام 2013.

وسيكون الاجتماع، أول لقاء بين الرجلين، منذ انهيار اتفاق سلام بين الحكومة و"الحركة الشعبية" بقيادة مشار، في أغسطس/آب 2016، وتجدد الحرب بين الطرفين.

وأدّت المواجهات، آنذاك، إلى انهيار اتفاق السلام المبرم في أغسطس/آب 2015، والذي أتاح لمشار أن يتولى مجدداً منصب نائب الرئيس، ويعود إلى جوبا. وبعد المعارك هذه اضطر مشار إلى الفرار من بلاده. وهو موجود اليوم قيد الإقامة الجبرية، في جنوب أفريقيا، لكنه لا يزال يمارس نفوذاً على حركته.

وأمس الثلاثاء، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإثيوبية ميليس علم، في تصريح صحافي، بحسب ما أوردت "فرانس برس"، إنّ كلاً من سلفاكير ومشار، سيلتقيان في أديس أبابا، تلبية لدعوة وجهها رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، "وذلك من أجل حل خلافاتهما، والعمل على إرساء السلام في جنوب السودان".

وفي السياق، أكد سفير جنوب السودان في إثيوبيا جيمس بيتيا مورغان، أنّ كير سيحضر اللقاء، بينما أفاد بول بوث يلوانج المتحدث الرسمي باسم "الحركة الشعبية"، "العربي الجديد"، بأنّ مشار سيحضره أيضاً.

ويحسم لقاء سلفا ومشار، تضارب الأنباء التي تواردت خلال الأيام الماضية، حول مكان اللقاء الذي ترعاه الهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد"، بعد أن اقترحت الحكومة السودانية عقده في الخرطوم، فيما اقترحت جهات أخرى العاصمة الموريتانية نواكشوط.


إحياء اتفاق 2015
وسبق اللقاء انسداد الأفق في جولة مفاوضات بين الطرفين، في مايو/أيار الماضي، بعد فشل التوصل إلى اتفاق، إذ تباعدت مواقف وفدي التفاوض حول بنود سياسية وأمنية، وأخرى حول طبيعة نظام الحكم، وترك حسمها للزعيمين.

وخلال الجولة، تقدّمت "إيغاد" بمقترحات لإحياء اتفاق 2015، أبرزها عودة مشار لمنصبه نائباً أول للرئيس سلفاكير، على أن تحتفظ الحكومة بنسبة 55% من السلطة، وتمنح "الحركة الشعبية" 25 %، مع منح 20 % المتبقية لمجموعات أخرى معارضة داخل وخارج جنوب السودان، لا تحمل السلاح.

وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فإنّ الحكومة برئاسة سلفاكير، وافقت بنسبة كبيرة على غالب المقترحات، إلا أنّ حركة مشار، رفضت كثيراً منها.

وقال إيزن بوث المتحدث باسم "الحركة الشعبية"، إنّ "نسب تقاسم السلطة المطروحة، مجحفة جداً، ولا تتماشى مع المستجدات السياسية والعسكرية"، مشدداً على "ضرورة وضع بنود أخرى تقود إلى إصلاح في الجيش والشرطة والأمن، لا سيما أنّ الجيش على وجه التحديد تحوّل إلى مليشيات قبلية، لتنفيذ أجندات ومصالح خاصة"، بحسب قوله.

وتابع أنّ "هناك مطلباً آخر يُعتبر جوهرياً لكل شعب السودان، وهو مطلب الحكم الفيدرالي كنظام لإدارة البلاد"، مضيفاً "لأنّه المطلب الذي ظلّ ينادي به الجنوبيون منذ العام 1956، أثناء الوحدة مع السودان"، مؤكداً أنّ "أي مقترحات لا تلحظ ذلك، ستكون بعيدة كل البعد عن الواقع".

وأكد بوث ترحيب حركته بالدعوة الموجهة من رئيس الوزراء الإثيوبي ومن "إيغاد"، معتبراً أنّ "أهم ما في الدعوة، أنّها صححت خطأ تاريخياً وقعت فيه الإدارة الأميركية، بضغطها على دول الإقليم لعزل مشار من المشهد الجنوبي، ووضعه تحت الإقامة الجبرية في جنوب أفريقيا، ما أدى إلى فشل ذريع في تطبيق اتفاق 2015، خاصة بعد محاولات جعل تعبان دينق، النائب الأول للرئيس، بديلاً لمشار"، بحسب رأيه.


هل ينجح اللقاء؟

وكانت عدة أطراف دولية، أبرزها الولايات المتحدة، قد هددت، قبل اللقاء المرتقب بين سلفاكير ومشار، بفرض عقوبات على أي طرف يتسبب في إفشال جولة التفاوض الحالية.

وفي هذا الإطار، توقّع المحلل السياسي غبريال شدار، في حديث مع "العربي الجديد" من جوبا، توصّل الطرفين إلى اتفاق، "خاصة بعد التفاهم الذي تمّ على أغلب القضايا العالقة في ملفي الحكم والتدابير الأمنية، في جنوب السودان".

ورأى شدار أنّه "ليس هناك مفر من الاتفاق، وسط الضغط الإقليمي والدولي، فضلاً عن التغيرات السياسية في إثيوبيا، والتي جعلت من الاستمرار في الحرب مسألة معقدة بالنسبة للمعارضة"، لافتاً إلى أنّ "الوضع الاقتصادي المتدهور، يشكّل ضغطاً إضافياً على الحكومة، ربما يدفعها للتمسك بأي اتفاق يمكن التوصل إليه".

وفي السياق، رأى الصحافي سايمون يعقوب، أنّ "لقاء سلفاكير ومشار، سيخرج بنتائج إيجابية، وذلك عطفاً على اللقاءات الماراثونية التي قام بها الوسطاء من دول الجوار، في الأيام الماضية، خاصة كينيا التي بعثت بالزعيم رايلا أودينغا للقاء مشار في جنوب أفريقيا، مثلما أوفدت الخرطوم وزير خارجيتها الدرديري محمد أحمد، للقاء كير وقيادات الحكومة في جوبا".

وتحدّث يعقوب عن "عامل آخر، يتعلّق بالدور الذي لعبته قيادات دينية، في تقريب وجهات النظر وإقناع الأطراف بأهمية الوصول إلى اتفاق سلام، دون الالتفات إلى المصالح السياسية، ووضع شروط تعيق عملية السلام".

ومنذ 2013، تعاني دولة جنوب السودان، التي انفصلت عن السودان عبر استفتاء شعبي عام 2011، حرباً أهلية بين القوات الحكومية و"الحركة الشعبية"، اتخذت بُعداً قبلياً، وخلّفت قرابة عشرة آلاف قتيل، وملايين المشردين، وأوضاعاً إنسانية صعبة.