الأزمة الخليجية: تصعيد جديد في انتظار نتائج المساعي الأميركية

21 فبراير 2018
وزير الخارجية القطري: الحوار لن يكون على حساب الدوحة(Getty)
+ الخط -
كشفت مشاركة نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الجلسة العادية لمجلس الشورى القطري، يوم الاثنين الماضي، والتي قدّم فيها عرضاً للسياسة الخارجية لدولة قطر في ظل الحصار، وصول الأزمة الخليجية إلى طريق مسدود نتيجة لتعنت دول الحصار. وضع لم يفاجئ المراقبين في المنطقة، خصوصاً بعد الخطاب الذي ألقاه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في مؤتمر ميونخ للأمن، يوم الجمعة الماضي، والذي وصف فيه الأزمة الخليجية بأنها "عديمة الجدوى افتعلت من جانب جيراننا"، مضيفاً أن بلاده "حافظت على سيادتها في مواجهة إجراءات جيران طامعين". ودعا دول الشرق الأوسط إلى أن "تقبل دعوته للمشاركة في اتفاقية أمنية شاملة، لتحقيق الأمان الشامل لمنطقة الشرق الأوسط، ونسيان الماضي والتركيز على الاحتياجات الإنسانية وأسس حكم القانون وتحقيق الحدّ الأدنى من الأمن الذي يسمح بتحقيق السلام"، لافتاً إلى أن "الأزمة الخليجية المستمرة من دون حلّ تجاوزت مجلس التعاون الخليجي بشكله وآلياته الحالية".

وجاء حديث الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مفسراً ذلك بالقول أمام مجلس الشورى إنه "لا توجد الآن مساعٍ جديدة للحوار سوى مساعي الولايات المتحدة، لا سيما ما يرتبط بقمة كامب ديفيد، وأن القمة لم تتم الدعوة إليها بعد". وأضاف أنه "إذا تمت الدعوة فإن دولة قطر ستحضر، والولايات المتحدة تتواصل معنا في ما يتعلق بمقترحات حلّ الأزمة".

وفي إشارة لتصعيد دول الحصار، جدّد وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، مساء الإثنين، هجومه على قطر، معتبراً في مؤتمر صحافي مع نظيرته النمساوية، كارين كنيسل، في فيينا، أنه "لدينا مشكلة مع قطر، وإلى الآن لم تغير قطر سلوكها. على قطر أن توقف تمويلها ودعمها للإرهاب، فهم ينشرون أيديولوجيا الكراهية والإرهاب، ويفعلون ذلك في عدد من الدول". وأردف أنه "إذا فعلت ذلك، وأوقفت دعمهما للإرهاب، فسنكون مستعدين لاستئناف العلاقة الطبيعية معها".

وقد بات من الواضح أن الإدارة الأميركية لم تحسم بعد عقد قمة كامب ديفيد واستضافة قادة وزعماء دول الخليج في شهر مايو/ أيار المقبل، كما أعلن من قبل، بل أعلنت تريّثها في الدعوة لعقد القمة بانتظار حسم مشاورات الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع قادة دول الخليج الذين سيزورون واشنطن خلال الأسابيع المقبلة.

وكان المسؤول القطري، الذي استعرض السياسة الخارجية لبلاده أمام مجلس الشورى، للمرة الأولى، جدد التأكيد على مواقف دولة قطر من الأزمة الخليجية، مشدّداً على أن "أي حوار مع دول الحصار لن يكون على حساب سيادة دولة قطر، وعلى ضرورة أن يكون هناك اتفاق على مبادئ رئيسة لأي حوار، وتحصين هذه المبادئ بآلية واضحة لحل المنازعات".

ولفت إلى أن "دول الحصار خرقت ميثاق مجلس التعاون الخليجي، ولا بد أن تكون هناك آلية واضحة لفضّ المنازعات وتكون ملزمة لجميع دول مجلس التعاون"، لافتاً إلى أن بلاده "لا تنوي الخروج من مجلس التعاون، وستظل تعمل من خلال هذا المجلس طالما هو مستمر"، ووصف الأزمة المفتعلة، المتمثلة في الحصار، بأنها "غير مسبوقة في التاريخ الحديث لدولة قطر"، وبأنها "عملية غدر".


ومما أكد وصول الأزمة الخليجية إلى طريق مسدود، هو تكرار التحذير القطري من رغبة دول الحصار في تطبيع الأزمة واستمرارها، في محاولة لإضعاف الاقتصاد القطري، بغية دفع قطر لتقديم تنازلات. وقال الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في هذا الصدد، إن "قطر أفشلت هذه المحاولات لإلحاق الضرر باقتصادها، وأن آخر هذه المحاولات الضغط على العملة والسندات القطرية"، مضيفاً أنه "لا مؤشرات إيجابية من دول الحصار، وهي تمضي من تصعيد إلى آخر، وتحضر لموجات جديدة من التصعيد".

ومن الأمور التي شكّلت رسالة طمأنة للشارع القطري بشأن نتائج الحوار الاستراتيجي بين قطر والولايات المتحدة، الذي جرى في واشنطن قبل أسابيع، تأكيد الوزير القطري أن "الولايات المتحدة ستلتزم بموجب إعلان الدفاع المشترك بين البلدين بتقديم كل الدعم لدولة قطر في حال تعرضها لأي هجوم خارجي. وهذه الاتفاقية موجودة لدينا منذ سنوات، لكن تم إبرازها بعد الحوار الاستراتيجي، وأن ذلك يشكل رسالة من الولايات المتحدة لدول الحصار أنها لا تقف إلى جانبهم، وأنها ستسعى لحل الأزمة، ولن تسمح بتصعيد الخلاف حرصاً منها على مصالحها في منطقة الخليج".

وفي الوقت الذي وضع فيه نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري مصير موسم الحج المقبل ومشاركة الحجاج القطريين فيه، بيد السلطات السعودية، التي قال إن "الجهات القطرية ستقوم بالتواصل معها في هذا الموضوع"، أكد أن "قطر ستحضر القمة العربية المقبلة بغض النظر عن مكان انعقادها والدولة التي ستستضيفها. وستُعقد أواخر شهر مارس/ آذار المقبل، في الرياض". وقال إن "كانت الدولة التي ستستضيفها من دول الحصار ولم توفر الإجراءات اللازمة، ستكون هي المخالفة وليست دولة قطر".