وكان صالح قد قال، خلال كلمة أمام عدد من الزعامات القبلية بشرق ليبيا، إنّ "على أعضاء البرلمان أن يتحمّلوا مسؤولياتهم بقرار وطني، بإعادة تشكيل الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، لعجزها عن أداء مهامها"، مطالباً بأن تكون اللجنة الجديدة "معيّنة لا منتخبة".
وأضاف أنّ "الشعب يختار من يحكمه، ووضع نظام سياسي يأتي به دستور يبيّن شكل الدولة ونظام الحكم والسلطات واختصاصاتها، والحقوق والواجبات الثابتة لكل مكونات ليبيا، ثم تقوم الدولة ومؤسساتها على أساسه".
وتشكّلت الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، في فبراير/ شباط 2014، بانتخاب 60 ممثلاً عن أقاليم ليبيا الثلاثة، وباشرت أعمالها في العام نفسه، من مقرّها في مدينة البيضاء شرقي البلاد، قبل أن تدخل في متاهات الاستقطابات السياسية، وتشهد انقسامات تسبّبت في عجزها عن صياغة دستور دائم، يُخرج ليبيا من المرحلة الانتقالية الحالية.
وبحسب مراقبين للشأن الليبي، فإنّ مساعي صالح تمثّل شكلاً آخر من أشكال تعطيل إنجاز مراحل الانتقال السياسي في ليبيا، كما هو الشأن في عرقلة عقد جلسات للبرلمان، وعدم تضمين الاتفاق السياسي الموقّع في الصخيرات، في الإعلان الدستوري ومنح الثقة لحكومة "الوفاق الوطني" برئاسة فائز السراج.
وطالب أحد الزعامات القبلية، والذين كان صالح يتحدّث أمامها، بأن "يقرّر البرلمان حلّ هيئة الدستور، والعمل بدستور ليبيا الملكي السابق، على أن تمنح صلاحيات الملك إلى القائد العام للجيش"، في إشارة إلى اللواء المتقاعد خليفة حفتر المعيّن قائداً للجيش من قبل برلمان طبرق.
ويبدو أنّ هذه المطالب التي بدأت في الظهور إلى الواجهة، تأتي في إطار مساعي حفتر وحلفائه في ليبيا، إلى التفرّد بالمشهد في البلاد، لا سيما مع اقتراب انتهاء المدة الزمنية للاتفاق السياسي، والأجسام المنبثقة عنه، في ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
ويعتبر برلمان طبرق أحد الأجسام الثلاثة (البرلمان والمجلس الأعلى وحكومة الوفاق) التي ستفقد شرعيتها بانتهاء الاتفاق السياسي، إذ يستمدّ البرلمان شرعيته حالياً، بعد انتهاء صلاحيته القانونية، في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2015، من نصوص الاتفاق السياسي.
ويبدو أنّ دستور ليبيا الملكي الصادر في 1951، سيكون المخرج الذي قد يلجأ إليه البرلمان في شرق البلاد، لاتخاذه ذريعة لاستمرار وجوده ككيان سياسي، من أجل تبرير شرعية مشروع حفتر العسكري.
لكن متابعي الشأن الليبي يرون أنّ تصريحات صالح وتلميحات مؤيديه، بمنح صلاحيات الملك إلى حفتر، جاءت كرّد مباشر على بيان الوريث الشرعي للعرش الملكي في ليبيا محمد السنوسي، المنحدر من شرق البلاد، والذي طالب فيه، منذ أيام، المجتمع الدولي بـ"عدم رفع حظر توريد السلاح لليبيا قبل تكوين الجيش"، في إشارة منه إلى عدم اعترافه بوجود حفتر على رأس المؤسسة العسكرية.
وطالب "الأمير السنوسي"، في بيان، مطلع الأسبوع الماضي، المجتمع الدولي بالعمل على "عدم رفع حظر توريد السلاح على ليبيا، والإبقاء على تجميد الأصول الليبية المالية في الخارج التي تعتبر مصدراً لتمويل الحرب الأهلية"، بحسب البيان.
وحذّر، في البيان، من أنّ "رفع حظر السلاح عن ليبيا، سيؤدي إلى المزيد من النزاعات والتطرّف في بلاد تجتاحها حالة من الفوضى، تمزّقها الانقسامات وتحترق، في ظل تقاتل الفصائل من أجل السيطرة على مواردها".
وتُعتبر القبيلة السنوسية التي ينحدر منها ملك ليبيا الراحل إدريس السنوسي، من القبائل التي تحظى بنفوذ واسع داخل قبائل شرق البلاد. وأبرز بيان محمد السنوسي ولي العهد الحالي معارضاً صاعداً لمساعي حفتر العسكرية في ليبيا.