والكمين نصبه مجهولون على طريق لبين-عريقة، شمال غربي مدينة السويداء بنحو 20 كيلومتراً، إذ تم إطلاق النار على سيارة تقل، بحسب ما قال نشطاء من السويداء تحدثت إليهم "العربي الجديد"، أشخاصاً مدنيين، لكنهم "محسوبون على فرع الأمن العسكري سيئ الصيت، وبعضهم متهم بحوادث سلب ونهب، خصوصاً من آل أبو سرحان". وقد قُتل واحد منهم، هو علاء أبو سرحان، في الكمين الذي تعرضت له السيارة التي كان بداخلها مع آخرين، بينهم عزات وحيان أبو سرحان، وراغب ومنيار الفارس.
وقالت مصادر "العربي الجديد"، أمس الثلاثاء، إنه وعلى أثر هذا تحرك مسلحون محليون يرجح أنهم مقربون من "الأمن العسكري" في قرية عريقة نحو نقطة الكمين، لكن عبوة ناسفة انفجرت في طريقهم، ليُقتل عناد عزام وأيمن محاسن، بينما أصيب آخرون، بينهم رامي عزام وفادي العبد الله ورجوان الشامي. وتنفي مصادر موالية للنظام السوري أي صلة لهؤلاء الأشخاص بالأجهزة الأمنية، قائلة إن هناك عصابات سلب ونهب، منتشرة في المحافظة تقف خلف حوادث كهذه، وتعمل "الأجهزة المختصة" على مكافحتها. ولمحاولة طمأنة الأهالي، بعد تكرار عمليات الخطف والسلب في المحافظة، ذكرت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري، أول من أمس، أن "دوريات شرطة منطقة شهبا في محافظة السويداء تمكنت، خلال الأيام الماضية، من إحباط 22 عملية استدراج سيارات من خارج محافظة السويداء بقصد الخطف والسلب". كما ذكرت الوكالة التابعة للنظام أن "إحباط عمليات الخطف والسلب للسيارات التي يتم استدراجها من خارج المحافظة عن طريق الهاتف، أو بناء على إعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تمت بعد أن تم اتخاذ إجراء أمني من قبل قيادة الشرطة تمثل بوضع دوريتين من شرطة منطقة شهبا بإمرة ضابطين، إحداهما عند مركز الطرق العامة في قرية حزم على مدخل المحافظة الشمالي على طريق عام دمشق السويداء، والثانية على المدخل الشمالي لمدينة شهبا".
ويؤكد خبر وكالة النظام الرسمية ضمناً ما يقوله نشطاء من محافظة السويداء، بأن عصابات السلب والخطف باتت تسرح في عموم المحافظة، متهمين "الأمن العسكري" بأنه يتيح المجال لتحرك هذه العصابات للإيحاء بأن أمن المحافظة قد يشهد فلتاناً أكبر، إذا ما تمرد السكان على الأفرع الأمنية، في ظل سخط الأهالي من ممارسات هذه الأفرع، وتمردهم عليها كلما سمحت الفرصة.
وقد وقع حادث آخر قبل أيام في السويداء، عندما تشاجر سكان محليون مع عناصر أمن، كانوا نصبوا حاجزاً جديداً قرب منطقة مساكن القلعة شرقي المدينة، قريباً من المكان الذي اغتيل فيه الأربعاء الماضي، أحد أبرز شخصيات فرع "الأمن العسكري" في السويداء، وهو المساعد أول بدر سليمان (أبو حبيب)، الذي يعتبر ذراعاً مهماً للعميد وفيق ناصر في محافظة السويداء. كما يُعرف أبو حبيب من قبل الأهالي، على أنه واحد من أشرس المُحققين، الذين يعذبون المعتقلين على خلفيات سياسية في سجن "الأمن العسكري" في المحافظة، ويعتقد أن له دورا بارزا في قضية الشابة كاترين مزهر، التي قال أهلها إنها تعرضت للاختطاف قبل أسابيع، من قبل أشخاص نسقوا مع فرع "الأمن العسكري" بالسويداء، لتظهر لاحقاً في شريط فيديو، شكك فيه نشطاء، على أنها غادرت بيت أهلها بإرادتها لتتزوج بشاب تعرفت إليه ويتحدر من محافظة حمص وسط البلاد. والحاجز الذي تم نصبه حديثاً قرب مساكن القلعة، التي تضم منازل عناصر أمنية وعسكريين في قوات النظام، أثار امتعاض سكان محليين يُعتقد أنهم رفضوا وجود الحاجز الذي سيعيق حركة حياتهم اليومية، ما أدى لتدخل رجال دين ووجهاء، محاولين فض الخلاف، عبر طلبهم تفكيك الحاجز لتهدئة الأهالي.
وتثير هذه الحوادث التي تكررت خلال الأسابيع القليلة الماضية، قضية الوضع الاجتماعي والأمني - السياسي المُعقد في محافظة السويداء، التي يبلغ عدد سكانها نحو 400 ألف نسمة، إذ إن المحافظة تنقسم ما بين مؤيد ومعارض لنظام بشار الأسد، الذي يحاول، عبر أجهزته الأمنية، إرضاخ المُعارضين له في المحافظة بشتى الوسائل والحيل، من دون استخدام القوة المفرطة ضد عموم السكان خشية انفجار الوضع. وقد بلغ الاحتقان في المحافظة ضد النظام ذروته، في أعقاب اغتيال من يسميه مؤيدوه "شيخ الكرامة"، وحيد البلعوس (أبو فهد)، مع آخرين كانوا برفقته في سبتمبر/أيلول 2015، عبر تفجير موكبه على طريق ظهر الجبل بالسويداء، وتبع ذلك انفجار أمام المستشفى الوطني الذي تم إسعاف جرحى تفجير الموكب إليه، وسقط على أثره قتلى وجرحى، ما دفع الوضع المتوتر أساساً في السويداء نحو الغليان، فعمت التظاهرات مدينة السويداء، قبل أن يتم التوصل إلى تهدئة بعد أيام من تشييع البلعوس، الذي كان قد شكّل فصيلاً مُسلحاً، ويُعرف بمواقفه الحادة ضد تسلط أجهزة النظام الأمنية، ورفضه لالتحاق أبناء السويداء قسراً بقوات النظام. وفي 18 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قُتل العميد في "الحرس الجمهوري" بقوات النظام، عصام زهر الدين، بـ"انفجار لغم في منطقة حويجة صكر في دير الزور" حسب رواية دمشق الرسمية، وهو يتحدر من محافظة السويداء، وأقيم له تشييع كبير بعد ثلاثة أيام في الملعب البلدي في مدينة السويداء، ونقلته وسائل إعلام النظام المرئية على الهواء مباشرةً، الأمر الذي اعتبره نشطاء معارضون للنظام، مبالغة مقصودة، للقول إن السواد الأعظم من أهالي السويداء يؤيدون بشار الأسد. وهي حادثة أكدت على الوضع المُعقد في محافظة شهدت تظاهرات مناوئة لنظام الأسد، وهي حدودية مع الأردن، وتربط أهلها الدروز صلات قرابة عائلية أو روحية مع دروز لبنان وهضبة الجولان وفلسطين المحتلة.